أولا: سياق الاحتفال بالذكرى
تحل علينا يوم السبت 29 نونبر الذكرى السنوية للتضامن مع الشعب الفلسطيني وهو اليوم الذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1977 يوما عالميا للتضامن مع شعب فلسطين المحتل، ليوافق صدور قرار الأمم المتحدة رقم 181 في 29 نوفمبر سنة 1947 بتقسيم فلسطين إلى دولتين، وهو القرار الظالم الذي بسببه قامت “دويلة” إسرائيل وحازت آنذاك اعتراف العديد من دول العالم وعلى رأسها الدول الكبرى.
ككل مرة يأتي الاحتفال بيوم التضامن مع الشعب الفلسطيني هذه السنة، في ظل استمرار “دويلة” الاحتلال الإسرائيلي في عدوانها السافر على فلسطين شعبا وأرضا وهوية ومقدسات، إجرام صهيوني تخطى كل الحدود والخطوط من خلال قتل الابرياء من كل الشرائح والحيثيات ومصادرة الأراضي، وبناء المستوطنات والاعتداء على المقدسات الفلسطينية وعلى رأسها المسجد الأقصى عنوان الصراع العربي الإسرائيلي الذي يتعرض في هذه الأيام لحملة صهيونية غير مسبوقة عبر الاقتحامات المتكررة، والاعتداءات المتتالية على المصلين من الرجال والنساء، ومنعهم من الدخول إليه في الوقت الذي يفتح على مصراعيه أمام الصهاينة المتطرفين.
ثانيا: جزء من صور الإجرام الصهيوني
الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع فلسطين فرصة لنعيد تذكير العالم بجزء من جرائم الاحتلال الصهيوني خلال هذه السنة، وطغيانه ضد شعب يعاني لسنوات عديدة من تبعات احتلال ظالم يصول ويجول ليقتل ويحرق ويعتقل دون محاسبة أو متابعة في تحد سافر لكل المواثيق والقوانين والأعراف.
الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك: من بين الأفعال الإجرامية الخطيرة التي دأب الكيان الصهيوني على ارتكابها ضد الفلسطينيين، هو انتهاك حرمة المقدسات الإسلامية في فلسطين، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، على الرغم من أن الأقصى خط أحمر ليس فقط عند الشعب الفلسطيني بل عند الأمتين العربية والإسلامية.
يسعى الكيان الصهيوني من خلال إجراءات الهدم والحفريات وإغلاق المسجد الأقصى الوصول إلى هدف تقسيم المسجد زمانيا بجعل أوقات محددة للفلسطينيين ولليهود ومكانيا بتخصيص أماكن للمسلمين ولليهود، تمهيدا للاستيلاء عليه وهدمه لبناء الهيكل المزعوم مكانه وهو ما يستدعي تكثيف الجهود الفلسطينية والعربية للتوعية بالمخاطر التي تحدق به وللدفاع عنه ضد الأفعال الاجرامية الصهيونية.
الحرب على غزة: في عدوان همجي سافر على قطاع غزة استمر الكيان الصهيوني وعلى مدى ثلاثين يوما في قتل الفلسطينيين بقطاع غزة، وتدمير منازلهم وبناهم التحتية، ومساجدهم أمام مرأى ومسمع العالم في مشهد جديد من مشاهد الإجرام الصهيوني المتكرر.
حرب خلفت أكثر من 1886 شهيدا من بينهم 432 طفلا و243 امرأة و85 مسنا، و9806 مصابين ومعطوبين، كما أسفر العدوان الإسرائيلي على غزة، عن دمار مادي واسع في القطاع الذي يقطنه أكثر من 1.8 مليون فلسطيني لا زالوا يعانون من تبعاته وآثاره إلى حدود اليوم مع استمرار غلق المعابر وتوقف الإعمار.
حرق الطفل أبو خضير: جريمة نكراء ارتكبها ستة مستوطنين يهود من بينهم حاخام وابنه، بحق الطفل الفلسطيني محمد أبو خضير، جريمة في غاية البشاعة والعنصرية، فقد قاموا بصب كمية من البنزين في فم الطفل محمد، ثم قاموا بحرقه وهو لازال على قيد الحياة، هذا النوع من الجرائم لا يرتكبها إلا الصهاينة بكل ما يختزنون من حقد وكراهية تربوا عليها وتعلموها في مدارس الحق والكراهية، فالحاخامات الذين يقودون هذا الكيان العنصري البغيض يعلمون الأطفال والطلاب أن الفلسطينيين العرب “مجرد فئران وصراصير” لا قيمة لهم إنسانيا وأخلاقيا، وبالتالي فإن قتلهم أمر مطلوب ومرغوب، بل وفعل يستحق المكافأة.
كانت هذه صور محدودة من معاناة الشعب الفلسطيني الأبي، وغطرسة الكيان الصهيوني الذي يمارس القتل والاعتقال والتشريد والتهويد أمام مرأى ومسمع من العالم الذي يتعامل مع القضية الفلسطينية في إطار سياسة الكيل بمكيالين، وهي الطريقة نفسها التي تتعامل بها المؤسسات الدولية التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان تجاه القضايا العربية والإسلامية الراهنة.
ثالثا: واجبنا تجاه القضية
في هذا اليوم المخصص للتضامن العالمي مع شعبنا الفلسطيني المقاوم يجب تأكيد النقاط المهمة التالية:
– أن الخيار الوحيد لتحرير المسجد الأقصى المبارك وكل فلسطين من يد الكيان الصهيوني هو خيار المواجهة، والمقاومة، والحشد لقضية فلسطين قضية الأمة المركزية، فما أخذ بالقوة لا يسترد بمؤتمرات الاستسلام والخنوع.
– أن السبيل الأمثل للتغلب على المشروع الصهيوني داخل فلسطين هو تحقيق الوحدة الوطنية والحوار الشامل بين جميع مكونات الشعب الفلسطيني البطل، وهو الأمر الذي بات ملحا إزاء ارتفاع وتيرة الإجرام الصهيوني ضد جميع أبناء الشعب الفلسطيني التواق للحرية والعدل والكرامة الإنسانية.
– أنه من الضروري على الهيئات العاملة لفلسطين أن تشتغل على رفع منسوب الوعي المقدسي لدى كل الفئات العمرية وخاصة الشباب، وذلك عن طريق التوعية والتثقيف في قضية فلسطين، والتعبئة والحشد لها كلما دعت الضرورة لذلك، كي تظل قضية فلسطين والمسجد الأقصى حية في قلوب ووجدان أمتنا العربية والإسلامية، استعدادا للمعركة الفاصلة، معركة التحرير إن شاء الله تعالى.
– أنه لا تحرير لأرض فلسطين والمسجد الأقصى المبارك إلا بتحرير أنفسنا من براثن الشيطان وقيود النفس والهوى والغفلة عن الله تعالى، وتحرير الأوطان العربية والإسلامية من الحكام الفاسدين والمستبدين الجاثمين على رقاب الأمة بقوة الحديد والنار وسطوة السلطان.
نسأل الله تعالى قاسم الجبارين وناصر المستضعفين أن يحفظ المسجد الأقصى المبارك وينصر المجاهدين في فلسطين وفي كل مكان، وأن يفك قيد الأسرى المجاهدين، آمين والحمد لله رب العالمين.