الأم مدرسة إذا أعددتها..

Cover Image for الأم مدرسة إذا أعددتها..
نشر بتاريخ

حتى بعد أربعة عشر قرنا لم نستطع بعدُ أن نكون من أمة “اقرأ”، لا زالت الأصوات تنادي بضرورة التعليم والتعلم. لا ننكر أن الأمم ضربت أشواطا في محو الأمية الأبجدية عن مواطنيها، إلا أنها ما تزال جاثمة على نفوس عدد كبير من النسمات، لعل معظمها من النساء، خاصة منهن ساكنات القرى والبوادي.

ففي بلدنا الحبيب المغرب “العلم نور والجهل عار” كما في كل بلد، غير أن نسبة الأمية  فيه في صفوف النساء بلغت 65,6% عام 2019 حسب إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط، رقم رسمي يحمل في طياته إصرار السياسات العمومية على إبقاء النساء في ظلمات ثلاث: جهل وفقر وظلم، حتى لا يتسنى لهن الخروج إلى نور العلم بحقوقهن المسلوبة، والتفقه في أمور دينهن ودنياهن.

وربما لا يخفى على عاقل ما يجلبه تعلم النساء من منافع وخيرات لهن ولأهاليهن وبلدهن على حد سواء، فالعلم يفتح الباب على مصراعيه للمرأة للتمكين الاقتصادي والدفع بعجلة التنمية المتعثرة إلى الأمام، على أساس أن ما يقرب %60 من نساء المجال القروي هن في سن النشاط، فإن لم تجد المعيل كفت أسرتها مهانة قلة ذات اليد. كما أن تعلم المرأة يرفع حرج تربية النشأ على الصلاح والقيم السمحة، فتربي جيلا فاعلا عاملا بانيا.. وغير ذلك من منافع تعلم المرأة ورفع لثام الجهل عنها.

بيد أن موروثات اجتماعية تقف حائلا بين المرأة وتحسن وضعها، فما يزال الزواج المبكر هو الحل السحري الذي يقي الأسرة تبعات العار الذي قد تجره الفتاة عليها، فيوقف مسيرتها التعلمية قبل الأوان، أما الهدر المدرسي فكارثة تهدد كل طموحة إلى المعالي، ففي نظر الآباء الأعمال المنزلية أولى بالتعلم من القراءة والكتابة، ما يضمن حياة زوجية ناجحة في معتقدهم.

هذا لا ينسينا ما تتحمله الدولة من مسؤوليات: من باب توفير النقل المدرسي، فأي أب يسمح لفلذة كبده أن تتحمل مشقة ساعات من المشي كل يوم؟ وإهمال عامل الأمن والمراقبة المُغيبان، مما قد يعرض الفتيات لما لا تحمد عقباه من تحرشات ومضايقات، وكذا اقتصار “المدارس” على المستوى الابتدائي إن وجد، وغياب دور الطالبات في أغلب المناطق التي توجد بها مدارس الإعدادي والثانوي، مع نقص الموارد البشرية، التي عادة ما لا تتحمل ظروف العمل المزرية لعل أخطرَها غياب الأمن وضعف البنيات التحتية، ونضيف ضعف القدرة الشرائية للأسرة التي لا تتحمل تكاليف الأدوات المدرسية أو النقل، ما يدفع بعضهم لاستثمار البنات للعمل في البيوت أو الحقول..

يطول الحديث والمشتكى، وتدور الدوائر على الحلقة الضعيفة، الفتاة القروية التي كتب عليها العناء في كنف الأسرة أو في بيت الزوجية. والنهوضُ بأي أمة يقتضي تحسين أوضاع مكوناتها، ولن نختلف أن المرأة هي نصف المكونات والحاضنة والمربية للنصف الآخر،  فعلى الدولة تحمل المسؤولية وإشراك الفاعلين والمجتمع المدني للنهوض بأوضاع الفتاة القروية، فالأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق.

#_التعليم_حق_للفتاة_القروية