الإبادة الجماعية لأنصار الشرعية

Cover Image for الإبادة الجماعية لأنصار الشرعية
نشر بتاريخ

لا يختلف اثنان في أن ما يحدث في مصر هو حرب إبادة جماعية لأنصار الشرعية المتجلية في استحقاقات انتخابية لخمس مرات شهد العالم بنزاهتها وشفافيتها لأول مرة في التاريخ المصري، حرب اتحد فيها الجيش والداخلية ومن يقف خلفهم من أحزاب علمانية همها الوحيد القضاء على كل ما هو إسلامي، متناسين ومتجاهلين التجارب السابقة والمماثلة التي كان مصير أصحابها “مزابل التاريخ”.

زعم منفذو الانقلاب العسكري أنهم قاموا بالانقلاب من أجل حقن الدماء المصرية وحماية الأرواح، لكنهم في غضون أيام قتلوا أرواحا أكثر مما فعله حسني مبارك إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، والأكثر بشاعة أن القتل الآن صار على أشده في وجه جزء مهم من الشعب، قتل تستعمل فيه الطائرات والمدرعات وأسطح البنايات وبتغطية من الإعلام المصري الكاذب والنخبة المنافقة وفلول النظام السابق الذي بدأ ينتعش للعودة من جديد .

مصر الآن تعيش تدافعا قويا بين الحق والباطل في مرحلة دقيقة من عمر الأمة العربية والإسلامية التي تخلصت من جزء مهم من حكامها المستبدين المتآمرين على شعوبهم من أجل مناصبهم وكراسيهم النقية الزكية. مصر تعيش حرب إبادة وتطهير لإزاحة واستئصال كل ما هو إسلامي من المشهد السياسي. مصر الآن في قمة العنصرية والتعصب والتحلل الأخلاقي الذي يتنافى مع قيم التعايش والحق في الاختلاف والحق حتى في المواطنة التي يتساوى فيها جميع المصريين دون استثناء، ليصنف جزء مهم منهم في خانة الأعداء الذين يجب اجتثاثهم وتطهير الدولة منهم.

إنها بلا شك حرب بكل ما تعني الكلمة من معنى، لكنها حرب غير متكافئة بين طائفة مدعومة بالمال والسلاح والآليات وبين طائفة مؤمنة بمشروعية قضيتها تحمل المصاحف والأكفان بصدور عارية كلها شوق للشهادة كي تحيى الأجيال المقبلة في جو من الحرية والعدالة الاجتماعية. وباختصار، وكما علمنا التاريخ، فإن الأزمة كلما اشتدت انفرجت وإن الباطل مهما علا وتجبر فلا بد للحق أن يرفرف عاليا.

إن ما جرى يوم الأربعاء 14 يوليوز 2013 عند فض ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة وما تبعه من تعامل وحشي مع التظاهرات المنددة خاصة يوم جمعة الغضب من استباحة لدماء المصريين واسترخاص حياتهم واهانة حقوقهم كموتى بعد قتلهم، ليس له تعريف سوى أنه مقدمة لإبادة جماعية، شعارها الانسلاخ التام من كل القيم والأعراف ولو في حدودها الدنيا، وبهذا يكون العسكر المصري ومن يواليه قد نجح في رسم صورة القتل والدماء التي تعود بنا إلى حياة الغاب عندما يأكل القوي الضعيف دون حقوق أو واجبات، كما ساهم دون قصد أن يبين أن في الأمة العربية والإسلامية ولله الحمد رجالا لا يهابون الموت ولا يخافون الدبابات مُناهم جنات الفردوس مصداقا لقوله تعالى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا الآية 23 من سورة الأحزاب.

مخطئ، من الانقلابين والطغاة ومن يواليهم من حكام العرب واليهود والنصارى، من يظن أن كثرة القتل وسفك الدماء ستقضي على ثورة الأحرار وسترجع حكم الحديد والنار، لأن التاريخ علمنا أن الدماء هي وقود الثورة ومحركها؛ فالقتل لا يرهبنا والموت لا يفنينا… قال الله تعالى يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وفَضْلٍ وأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ المُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ والرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ واتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ الآية 171 – 172 من سورة آل عمران.

رحم الله الشهداء الأبرار وحسبنا الله ونعم الوكيل.