تهب علينا نسائم الدخول المدرسي هذه السنة ممزوجة بروحانية العشر الأوائل وبركات يوم عرفة الأغر يوم تجلي الله تعالى لعباده ليباهي بهم ملائكته وليشهدهم أن قد غفر لهم الزلات وتجاوز عن الهفوات حتى صاروا كيوم ولدتهم أمهاتهم، وليستقبلوا بعدها يوم نحرهم ليريقوا الدماء قربى إلى الله تعالى وتقوى وإحياء لسنة أبينا إبراهيم عليه السلام الذي صدق الرؤيا فافتدى الله ولده بذبح عظيم…
عسى فرحة العيد لا تذبلها هموم الدخول المدرسي هذه السنة، لأولياء أمور التلاميذ لتجرعهم مرارة الظروف الاجتماعية القاسية وتراكم الاحتياجات مع ضعف ذات اليد والغلاء المستشري، وللأساتذة للغموض الذي يكتنف دخولا مدرسيا لم تكتمل بعد مقرراته التي طال التعديل المفروض مجال التربية الإسلامية من مستوى التحضيري إلى السنة الثانية من سلك الباكالوريا.
بغض الطرف عن الإيجابيات المبشر بها أو السلبيات التي أسالت الوفير من المداد، فإن أي إنسان عاقل يضع في ميزان التقييم والتقويم هذه الهجمة المندفعة على المناهج وله أن يتساءل وبموضوعية كبيرة لِم مناهج التربية الإسلامية خصوصا ودون غيرها؟، ولم في هذه الظرفية خصوصا ولِم في هذا الوقت القياسي الذي لم يتجاوز الإنجاز فيه لكافة المقررات بضعة أسابيع بين الكتابة والتصحيح والتعديل والتنقيح؟ ولم أهل مكة يجلسون في قاعة الانتظار ينتظرون بتوجس والكثير من الحذر باكورة نتاج عوض أن يشركوا في وضعها ويستشاروا في رسم خطوطها بما يتلاءم واحتياجات فئات المتعلمين ومراحلهم العمرية.
همّ التغيير مفردات المقرر ولم يهم عدد الساعات المخصصة للمادة ولا معاملها الذي وللأسف الشديد يأتي في مؤخرة المعاملات المخصصة للمواد مما يعطي انطباعا للتلاميذ بضعف الأهمية، وتأتي الأخبار لتزف بشرى تعدد المقررات ليصل إلى اثني عشر كتابا للمستوى الابتدائي وثمانية للمستوى الاعدادي وستة للمستوى الثانوي مع ما نتصوره من الضعف الذي يطبع بعضها ومع ذلك يوافق عليه بل ويفرض غالبا فرضا على بعض المقاطعات… قضية تدبير وتسيير أم قسمة “عادلة” للمداخيل؟
ولما كان لكل جديد دهشة، فهل المقررات الجديدة جاءت حقا بالجديد؟ ولعل من لهم صلة بالميدان يعلمون يقينا أن الجديد المرتجى لا يتعلق فقط بالعناوين بل بالقيم المضافة التي ستسهم في الرفع من مستوى المتعلمين المعرفي التعليمي، والتربوي القيمي،… وتنمي كفايات المتعلمين المختلفة وتجعل منهم عناصر فاعلة في نظامنا المجتمعي، حاملة لهموم الوطن والأمة لا مجرد أعداد بشرية لا تسمن ولا تغني من جوع الوطن واحتياجاته التنموية.
والحال أننا ننتظر مقررات لم تر النور إلى الآن وقد أهل العام الدراسي الجديد، هل من تدابير مواكبة لتنزيلها؟
المعول لا شك على همم السادة الأساتذة العالية، ووطنيتهم الخالصة، وصدقهم الرسالي، في أداء وظيفة الأنبياء عليهم السلام، ليواكبوا ويطوروا الأداء ويصنعوا من الشيء ومن اللاشيء الكثير.