السي عبد السلام ظاهرة بكل ما تعنيه من دلالات، فالزمان لا يجود بمثله في كل الأوقات فهو رحمه الله حالة استثنائية، مستمدا ذلك من شخصيته وعصاميته بالدرجة الأولى، سواء في تكوينه وتأهيله لشخصه، أو في قوة إيمانه بالله عز وجل وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفي سيرة الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين والصالحين، ثم في قراره البالغ الجرأة والذي تحول فيه من مربي ورمز من رموز التربية والتعليم إلى قائد له موقف من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتمكن من أن يقوم بدور ريادي في تاريخ المغرب المعاصر ومستقبلا في التاريخ العربي والإسلامي والإنساني، وتمكن من تأسيس مدرسة متميزة أعادت للفكر الإسلامي أهميته، وأعادت للقيم والأخلاق التي تربط بين المعتقد والعبادة والمعاملات حيث لا تفصل مدرسة العدل والإحسان عن مسؤولية الإنسان عن أهله وذويه وعن جيرته ووطنه.
لقد أنجز الراحل عبد السلام ياسين الشيء الكثير، فرغم حداثة المدرسة فإنها عميقة ومتجذرة في تربة التربية والفكر والمجتمع المغربي ككل، وتضم جميع الحيثيات الاجتماعية والعمرية والجنسية، وهو بذلك أسس أمثولة يفترض في الآخرين أن يقتدوا بها بدرجة أو بأخرى.
أكمل الشيخ ياسين، تقريبا، مهمته في التربية والفكر، وأساس الخط السياسي. وأهم شيء فيه هو درجة عالية من العقلانية والواقعية ومن التدرجية ومن الاعتدال ومحاربة جميع أشكال العنف، وساهم في إنقاذ وطننا من الكثير من الويلات المحدقة به، والله تعالى هو الواحد القادر على جزائه أحسن الجزاء، بما يستحقه والقادر على جعله إلى جانب الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، ويفترض في أتباعه ومحبيه والمؤمنين بمنهجه التشبث بفكره وما أسسه، ففي ذلك حياته، إذ أن الشهداء لا يموتون.