عام على “طوفان الأقصى”.. بوابة العدل والإحسان تستقرئ أبعاد الحدث العظيم وتداعياته

Cover Image for عام على “طوفان الأقصى”.. بوابة العدل والإحسان تستقرئ أبعاد الحدث العظيم وتداعياته
نشر بتاريخ

7 أكتوبر 2023 (22 ربيع الأوَّل 1445 هـ)، تاريخ لا ريب سيكتب بماء الذهب في مسار القضية الفلسطينية، وفي تأريخ فعل حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة، التي نذرت نفسها، منذ تأسست بذورها في أزمنة الانتفاضة والمقاومة والثورة، لمجابهة محتل مدعوم من أعتى دول المعمور، ماديا وبشريا وتكنولوجيا وعسكريا..

حملت المقاومة بفصائلها المتعددة، وأبرزها في العقود الأخيرة حركة حماس وذراعها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام التي أبدعت يوم العبور العظيم، مشروع تحرر وطني، واستطاعت أن تضع لنفسها موقع قدم في العمل العسكري؛ تصنيعا للسلاح بأشحّ الموارد، وتعبئة في صفوف المجاهدين، وتكتيكا اكتسبته من خبرة طويلة في العمل الميداني ومدافعة العدو الصهيوني من جهة والسلطة التي تربطها مع العدو اتفاقية تنسيق أمني تقوم بموجبه بفعل معاكس للمقاومة من جهة أخرى، ومع ذلك كلّه بث روح المقاومة والصمود في الشعب الفلسطيني.

7 أكتوبر، ليس زمنا عاديا، استفاق العالم يومها على حدث استثنائي بامتياز، فمع ما يعلم الجميع من إمكانيات رجال المقاومة البسيطة والحصار الخانق الذي عانت منه كل فلسطين وخاصة قطاع غزة منذ 2007، الذي كان محاطا بسياج فاصل مزود بتقنيات مراقبة بتكنولوجيا عالية ترصد دبيب النمل كما كان يشاع، لم يكن ليتبادر لأي ذهن أن رجال المقاومة سيتحولون من جبهة الدفاع إلى الهجوم.

في السابع من أكتوبر تدفقت أحاسيس القوة والعزة والفخر والسعادة والثقة في الفلسطينيين وكل المسلمين، فقد كان الحدث إعجازا بحق، يصعب إدراكه بالنظر لموازين القوة المعروفة، حيث فاجأ رجال المقاومة الفلسطينية “إسرائيل” بهجوم واسع وكبير لم تستطع الأجهزة الاستخباراتية والأمنية كشفه، في اختراق شبه مستحيل. وفي ظرف ساعات قليلة استطاع الأبطال اختراق الأراضي المحتلة من عدة نقاط وبعمق 40 كيلومترا، وأمطروها بـ5000 صاروخ محلي الصنع، مقتحمين الحاجز بوسائل عادية؛ بدراجات نارية وسيارات برّا، ومظليين بمحركات بسيطة جوا، وضفادع بشرية بحرا، ليتوجوا عملهم الباهر بنقل عدد كبير من الأسرى إلى داخل غزة.

مباشرة بعد خروج المحتل من صدمة الضربة غير المتوقعة؛ وسعيا للتغطية على عواره الذي أسقط سمعته من علً؛ فأضحت بين ليلة وضحاها موسومة بالفشل الذريع مع كل ما يملكه من مقدرات مالية وتكنولوجية وعسكرية، بادر بالإثخان في المدنيين العزل قتلا واعتقالا وتعذيبا وحرقا، خاصة مع إخفاق قيادته في تحقيق أي من الأهداف التي أعلنتها بُعيد العملية واستبسال رجال المقاومة برا، حتى بلغ عدد ضحايا العدوان البربري إلى حدود اليوم (الخميس 3 أكتوبر 2024) 41.788 شهيدا و96.794 مصابا، ودمرت الآلة الصهيونية الحربية البنية التحتية دون مراعاة حتى تلك المحمية بموجب قوانين مثل المستشفيات ودور العبادة، ومنعت الماء والكهرباء والدواء والغذاء.. وخاضت حرب إبادة جماعية، ووسّعت رقعة الحرب فطالت الضفة الغربية ثم لبنان، واغتالت عددا من قادة المقاومة في الخارج على رأسهم الشهيد إسماعيل هنية، والأمين العام لحزب الله عقابا له على مساندة المقاومة.

كل هذه الجرائم، ومحاولات الزج بالمنطقة ككل في حرب موسعة، لم يكن قادة الدويلة اللقيطة ليتجرؤوا عليها لولا المساندة والدعم اللامحدود واللامشروط من دول الاستكبار العالمي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية على جميع الأصعدة؛ أمنيا واستخباراتيا وعسكريا.. وممارسة التضليل وبث الأراجيف، بل وتواطؤ دول عربية وصمت وخذلان أخرى، ضدا على إرادة شعوب العالم التي ساعدتها الفظائع التي تبث مباشرة على الهواء على مدار اليوم والليلة على التخلص من سرديات الاحتلال الكاذبة، التي أغدق عليها من الأموال الكثير واستعمل لترويجها بروباغندا واسعة. فهب الأحرار في جميع رحاب العالم ليعلنوا انتصارهم للفطرة السليمة ودفاعهم عن حرية فلسطين وأهلها، ويشيدوا بصمودهم وثباتهم على أرضهم، رغم ما يتعرضون له -هم أيضا- من التضييق الذي كشف أن كل شعارات الحداثة والحريات والقيم إنما كانت سرابا وأوراقا للاستهلاك اللحظي والفئوي لا أكثر ولا أقل.

اليوم، وبعد مرور سنة كاملة على همجية محتل غاصب، يعرف الجميع أنه كان للأمس القريب مزعا مشتتة على العالم وأن المسلمين كانوا أكثر من أنصفه تاريخيا، عام اقترف خلاله كل الجرائم الشنيعة التي ترفضها الفطر السوية وقوانين الأرض والسماء بل وتمجها الإنسانية الحقة، وتخليدا لذكرى انطلاق عملية طوفان الأقصى المباركة ببركة الأرض ومقدساتها ودماء أصحابها التي روت ثراها، واسترخصت في سبيلها المهج وفلذات الأكباد وكل الممتلكات.. تستقرئ بوابة العدل والإحسان آراء عاملين ومهتمين بقضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية العادلة، انطلاقا من حوارات وتصريحات وتقارير ومقالات.. نغطي من خلالها بعض جوانب الحدث؛ انطلاقا من إعادة قراءته على ضوء ما ترتب عنه خلال هذه السنة؛ مكاسبه، وتداعياته الاستراتيجية، أبعاده على الأمة وعلى النظام الدولي، الفعل التضامني المغربي والإقليمي… وغيرها من موضوعات الحدث العظيم.