قضايا أسرية من خلال كتاب “تنوير المؤمنات”.. مع ذة. البتول بلمودن

Cover Image for قضايا أسرية من خلال كتاب “تنوير المؤمنات”.. مع ذة. البتول بلمودن
نشر بتاريخ

نوهت الأستاذة البتول بلمودن؛ باحثة في الفكر الإسلامي وقضايا المرأة والأسرة، إلى أن كتاب تنوير المؤمنات جاء “اسما على مسمى، أنار به الله حلكة ظلام طال على موضوع المرأة والأسرة”. واعتبرت أنه “جدير بأن تقام فيه الأبحاث والدراسات، بل وأن يكون في جهاز كل عروس، لما جاد فيه الإمام من التجديد في قضايا المرأة والأسرة، وبما جعله تنويرا للمؤمنات والمؤمنين في قضية مصيرية هي قضية السلوك إلى الله تعالى”، مشيرة إلى أن كتاب “العدل: الإسلاميون والحكم” فيه بدوره فصل عن المرأة يحتوي “مادة جديرة بالعناية في هذا الموضوع، لأجل اكتشاف التجديد الكبير الذي جاءت به النظرية المنهاجية في المسألة النسائية”.

وبدأت بلمودن مدارسة الكتاب، في بودكاست أدارته الإعلامية هاجر الكيلاني نشرته قناة الشاهد، بما يفترض أنه البداية وهو موضوع الاختيار، الذي أحالت فيه على “النصيحة النبوية في حديث “اظفر بذات الدين” ودورها هو توجيه البوصلة نحو ما هو أولى وأهم والمطلوب مراعاته أثناء اختيار الزوج” موضحة أن “إدراك هذا التوجيه النبوي يجب أن نبث فيه انطلاقا من فهم معنى الاختيار وتقدير قيمته في أمور أخرى أهم.. فالاختيار هنا هو مفاضلة وترجيح لما هو أفضل”، ذلك أن “الشطر الأول من الحديث يذكر الأمور المتعارف عليها والتي اعتاد الناس أن يتزوجوا من أجلها؛ الجمال والمال والنسب، وهي أسباب مشروعة ومعتبرة ولا يمكن إلغاؤها. لكن الشطر الثاني من الحديث هو الذي يوضح الترتيب، وينبه لأمر ضروري لم يكن معتبرا؛ فيجعل من الدين أولى الأولويات، وهو الأولى بالمومنين، لأن الزواج سيوفر لهم الحياة الطيبة في الدنيا وسيعينهم أيضا على بلوغ الدرجات العليا في الآخرة، لأنهم سيحشرون مع أزواجهم في الجنات بإذن الله، لذلك عبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظفر وهو الفوز..” ويزيد صلى الله عليه وسلم دعاء “تربت يداك” أي ما ظفرت بشيء سوى ذلك”.

وخلصت المتحدثة إلى أن “الدين إذن هو أهم الصفات، وما توفر معه من باقي الصفات هو فضل من الله ونعمة” كاشفة أن الإمام عبد السلام ياسين قد اعتبر أن تغليب الدين في الزواج على باقي الاعتبارات الأخرى معيار لبناء المجتمع الأخروي”.

الأمر ذاته أسقطته على اختيار الزوجة لزوجها ذلك أن الرجل والمرأة معنيان بنفس الخطاب في الدين إلا ما اختص به أحدهما عن الآخر، فلها حرية القبول والرفض، وهذا ما يؤكده الحديث: “الأيمُ أحقُّ بنفسِها من وليِّها، والبكرُ تُستأذنُ”. وهي واردة أيضا في حديث الولي: “إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه”. تقول بلمودن قبل أن تضيف: “والإمام المجدد رحمة الله عليه أورد الأقوال المختلفة في هذا الباب عند الفقهاء ولكنه علق بكراهة إجبار الولي”.

في نقطة ثانية، استدعت المتحدثة الآيتين: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً وهُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا لتخبر أنه بموجب هذا التأصيل القرآني استعمل الأستاذ عبد السلام ياسين مصطلح السكن، الذي يعني الأنس والإيواء، ويتضمن معاني عميقة جدا.. فالله خلق الرجل والمرأة شقين من نفس واحدة لذلك يظل حنين الإنسان إلى نصفه الثاني، شطره المكمل، كي يتحقق الالتئام والسكن، والإنسان كما فيه عقل وروح هو جسد فيه عاطفة، فيه غريزة تحتاج أن تشبع، وحاجة ينبغي أن تلبى، من أجل أن تنطلق الروح في مطالبها السامية. ونبهت للتعبير بالجمع الوارد في سياق هذه الآيات، والذي يستحق التأمل والتدبر والتفكر فيه، وفق المتحدثة.

ومن شروط هذا السكون القلبي، ذكرت “المودة والرحمة الواردتين في الآية، واللتان تحققان الاستقرار الأسري، ومنه يحصل استقرار المجتمع”.

وذكرت أن “الأساس هو العفة والإحصان الذي يحققه كل طرف للآخر، يعينه على هذه الدنيا وتكاليفها الموحشة والمكلفة، يخفف عنه من الأحكام التكليفية”، لأن “مسؤولية الاستخلاف في الأرض مسؤولية كبيرة؛ أهدى الله هذا التكامل بين شقي النفس البشرية كي يتخفف الحمل على كل واحد منهما، ويستطيعان تحمل أعباء هاته المسؤولية، لذلك جعل الله تعالى الزواج سنة في خلقه، وجعله سنة الأنبياء والمرسلين، فلا قرار للمرأة ولا للرجل ولا سكن إلا بائتلاف بعضهما البعض”.

من شروطه الأساسية أيضا؛ صلاح النية، إضافة إلى إسعاد الغريزة، تقول بلمودن وتضيف: “وينبغي أن يتجدد دائما: قبل الزواج وأثناءه، يجب أن يكون الصدق في العلاقة الزوجية، وأن يعمل كل طرف على إسعاد الآخر، وأن يبتغي مرضاة الله تعالى بذلك، ويعتبر أن آية السكون بين الرجل والمرأة ينبغي أن توصله إلى الله عز وجل”.

وبخصوص الجانب المادي، أفصحت الباحثة في الفكر الإسلامي “أن الإمام عبد السلام ياسين رحمة الله عليه ما كان ليرسم صورة حالمة على الزواج ويقتصر في بنائه على الأساس العاطفي القلبي فقط، على أهميته، لسبب أساسي أن المثالية ليست من خصائص هذا الدين. الإمام، تأسيا بسيد الخلق، اجتهد في جمع الدين في خصال عشر؛ منها ما يتعلق بأعمال القلب ومنها كذلك ما يتعلق بأعمال مادية حسية ملموسة، تطبيقات عملية في حياة الناس.. فرغم أنه لم يُر للمتحابين مثل النكاح كما في الحديث، لكن ينبغي أن يقدم الزوج ما يدل على استعداده الحقيقي والواقعي لإنشاء بيت والقيام بأعباء أسرة”.

ومثلت لذلك بالصداق؛ معتبرة أن “في تشريعه تدليل على أن الرجل مستعد ليقدم من المال، وأن يبين عن نيته واجتهاده وكفاءته المالية، واستعداده الواقعي لأجل تحمل أعباء الأسرة وتكاليفها. فالمقصود منه إظهار الجاهزية للإنفاق على البيت”. والإمام في كتابه تنوير المؤمنات مباشرة بعد حديثه عن السكن تحدث في فقرة عنونها بـ”لا تخرجوهن من بيوتهن” عن صيانة حقوق المرأة في بيت الزوجية وأيضا إذا قدر الله وكان هناك انفصال..

المزيد من التفاصيل تجدونها في هذا الشريط: