قضايا التربية والتعليم في منظور الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان -ج 2- الرسالة والمبادئ والأولويات

Cover Image for قضايا التربية والتعليم في منظور الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان -ج 2- الرسالة والمبادئ والأولويات
نشر بتاريخ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه وحزبه

قضايا التربية والتعليم في منظور الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان

-ج 2-

الرسالة والمبادئ والأولويات

إذا كان التعليم كما تحدده الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان، أسبقية الأسبقيات وأولوية الأولويات في مشروع التغيير المجتمعي للجماعة بما هو “العمود الفقري للدولة”، فكيف تتصور الوثيقة الرسالة التي يتعين أن يؤديها التعليم؟ وما المبادئ التي يجب أن توجهه؟ وما الأولويات التي تطرحها الوثيقة للمضي قدما في النهوض بالتعليم؟

تجدر الإشارة في مفتتح هذه المقالة إلى أن منهج التأسيس من منظور وثيقة جماعة العدل والإحسان لرسالة المدرسة والغاية منها، يستبطن منطلقا نقديا مزدوجا: للمعنى العالمي المادي للتربية، ثم لواقع المدرسة المغربية على مستوى الأخلاق والقيم، وعلى هذا البعد النقدي يأتي اعتماد المقترحات البانية لتحديد الرسالة الموجهة، وصياغة المبادئ الناظمة، وترتيب الأولويات الملحة.

أولا. الرسالة الموجهة

إن الحديث عن “رسالة التعليم” في تصور الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان حديث عن الغاية؛ أي عن منتهى ما يجب أن تنتهي إليه العملية التعليمية التربوية، وهذه الغاية تتوجه إلى الإنسان، كل الإنسان الفرد، ثم كل الإنسان المجتمع بجميع فئاته ومكوناته وحالاته ووضعياته، طفلا، وشابا، ورجلا، وامرأة، وذوي حالات خاصة. وإنما تتحقق هذه الرسالة التي تجعل الإنسان كل الإنسان المقصود بالتعليم، وغايته، والفاعل المؤثر فيه بالتربية التي يجب أن تستهدف مستويات ثلاثة:

1.    مستوى وجداني قلبي يمس الأبعاد القيمية الإيمانية التي تجعل هذا الإنسان متشبعا بدينه وهويته وأخلاقه الفاضلة؛

2.    مستوى عقلي يروم التمكن من المعارف، واكتساب العلوم؛

3.    مستوى مهاري يمكن من بلوغ الدربة والخبرة التقنية والأداتية الفردية والمجتمعية.

وإذا وجب أن تكون هذه المعارف والخبرات ذات بعد وظيفي بحيث تستجيب للحاجيات الفردية والمجتمعية الآنية والمستقبلية، فإن مصب المستويات الثلاثة في تفاعلها وجب أن يحقق رسالة تغييرية تتوجه إلى الإرادة التي تبني الإنسان الحر القادر على الاختيار والفعل غير المستعبد للإنسان المستبد. ومنه تكون غاية التعليم في توجهه للإنسان غايات قيمية تعليمية تغييرية تحريرية، وفي توجهه للمدرسة غايات تأسيسية لمدرسة عمومية رسالية ذات معنى.

ثانيا. المبادئ الناظمة

 تتحدد المبادئ الكبرى الناظمة للمدرسة العمومية المغربية الرسالية ذات المعنى، وذات الغايات التربوية التعليمية التغييرية التحريرية في أربعة مبادئ تروم التأسيس لمدرسة الأخلاق والقيم، ومدرسة العدالة والإنصاف، ومدرسة الجدوى، ومدرسة النبوغ والتميز:

المبدأ الأول: مدرسة الأخلاق والقيم

إذ لما كان المعهود أن المدرسة عموما هي القلعة المتينة الحصينة الراعية للأخلاق والقيم، وإحدى المؤسسات المجتمعية الرئيسية- إن لم نقل الأولى والمهمة- للتنشئة الاجتماعية، كان في منظور الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان من الوظائف الكبرى التي على المدرسة المغربية تأديتها ورعايتها والتعبير عنها والاستجابة لها، أن تربي الإنسان الذي هو مبتدأ التعليم ومنتهاه، ومقصوده وغايته والفاعل الأساسي فيه، المتشبث بدينه وهويته؛ أي المتشرب للقيم الهوياتية والأخلاقية المعبرة عن كينونة الإنسان الوجودية. وإذا كان في هذه الدعوة إلى التأسيس لمدرسة مربية على الأخلاق والقيم تصريحا بنقد المعنى التسليعي للتعليم، فإنه يستبطن ضمنيا تشخيصا ونقدا لواقع المدرسة المغربية التي تعترف التقارير الرسمية بعجزها عن ضمان جودة المكتسبات، وتمثل القيم والأخلاق.

يقوم هذا المبدأ، كما تتقدم به الوثيقة على وعي نقدي، وعلى تصور أخلاقي قيمي وظيفي:

1.    وعي نقدي للسياق التربوي العالمي القائم على تسلط العولمة بقيمها المادية وأبعادها الاستهلاكية، وتأثير ذلك على إفراغ الذات الإنسانية من أحد أهم جوانب تكوينه الفطري أي الجانب الروحي، وما يتولد عن ذلك من صناعة للإنسان الفارغ الفاقد لسماته الروحية. ووعي نقدي لمعنى “المدرسة/ المؤسسة” المتبلور عن هذه السيطرة العولمية؛ وذلك بنقد المعنى التسليعي للعملية التعليمية التربوية التي تجعل التعليم “منتوجا” و”سلعة” كباقي السلع التي تلج السوق ليتحكم بها وفيها منطق السوق، ورهان الربح والخسارة اللذين لا يقيمان وزنا لدلالة القيم، ولا يضعان في الحسبان الجوانب الروحية والأخلاقية. ويفضي هذا الوعي النقدي إلى رفض أربعة جوانب لهذا التصور التسليعي هي: رفض المنظور المقاولاتي الإنتاجي المادي للمدرسة، ورفض تحويل العملية التعليمية التربوية إلى جملة من إجراءات تقنوية تصنيعية صرفة، ثم رفض تحويل المعلمين إلى مستخدمين وأجراء، وكذا رفض تحويل المتعلمين إلى مجرد زبناء مستهلكين.

2.    ينجم عن هذا الوعي النقدي الذي يرفض “تسليع” القطاع و”تسويق” المدرسة و”مكننة” التربية والتعليم، و”المس” بالوضع الاعتباري للمعلم والمتعلم معا، التأسيس لتصور أخلاقي ذي بعدين متعاضدين متناسقين منسجمين؛ بعد قيمي يتغيا تحقيق “المعنى” في المدرسة من خلال ربح تحدي القيم، وبعد وظيفي يريد للمدرسة أن تؤدي وظائفها المعهودة وأدوارها المعروفة في حفظ الهوية بمقوماتها المتعددة من الإيمان بالله، والاعتزاز باللغة، والانتماء للوطن، والانتماء للأمة، وفي تهذيب السلوك وتخليق المجتمع، ونشر العلم والمعرفة والخبرة والثقافة والفن، وفي تنوير الوعي وتحرير الإرادات.

المبدأ الثاني: العدالة والإنصاف

لما كانت المدرسة المغربية منذ الاستقلال إلى الآن عاجزة عن ترجمة شعاراتها عن العدالة التعليمية والإنصاف إلى واقع ملموس يسمح بتمكين جميع المغاربة من تعليم عمومي معمم منصف لمختلف الفئات، فإن جماعة العدل والإحسان تقدم معنى ثريا لمفهوم العدالة والإنصاف في حقل التربية والتعليم يضم سبعة أوجه هي:

1.    العدالة الحقوقية التي تعني الإقرار بالحق في التعليم، باعتباره حقا أسمى، مما يتعين معه ضمانه للمواطنين، وتدور معنى العدالة هنا على تلازم ثنائية الحق والواجب، وتناغم ثنائية الدولة والمجتمع؛ فالتعليم حق للمواطن وواجب على الدولة، حق يطلبه المواطن ويحرص عليه، وواجب تتقاسمه الدولة قياما بشأنه والمجتمع رعاية له، و بهذا المعنى يكون ضمان التربية والتعليم شأنا فرديا ومجتمعيا وشأن الدولة معا، مما يسهم في التعبئة العامة للنهوض المجتمعي للتربية والتعليم وما يخلقه ذلك من جو نفسي فردي ومجتمعي للتحرك المبادر للفرد بالمطالبة بحقه بالتعليم وتحرك الدولة للقيام بواجبها، وتحرك المجتمع كلية لرعاية التعليم والمدرسة والمعلمين. لأجل ذلك سيقتضي الأمر العمل على تعميم التعليم عبر إجراءين مهمين: تقنين إلزامية التعليم، ثم استدامة محو الأمية في مستوياتها المختلفة وأنواعها المتعددة.

2.    عدالة الولوج إلى تعليم نوعي، فإذا كان المعنى الأول للعدالة يضمن الحق في التعليم، فإن المعنى التالي هنا الذي تقدمه وثيقة جماعة العدل والإحسان، يفتل في ضمان الولوج إلى تعليم ذي مميزات نوعية تتحدد في مواصفات سبعة: التعليم العمومي لا الخصوصي أو الطبقي التمييزي، التعليم المعمم لا الفئوي أو المختص بمنطقة دون أخرى، التعليم الجيد لا تعليم الهشاشة والهزالة والضعف، التعليم المنصف لكل الفئات والوضعيات والحاجيات، التعليم المستدام لا الموسمي المحدد بسن معينة أو زمن معين، التعليم المفتوح لا المقيد أو المحدد، التعليم متعدد المسارات، مختلف المجالات، متنوع الآفاق.

3. العدالة المجالية التوزيعية، فإن من ضمان الإنصاف لكل المتعلمين على حد سواء الحق في الولوج إلى التعليم بمعايير تضمن تكافؤ الفرص نفسها على مستوى ظروف التمدرس وظروف التحصيل العلمي، وهذا يقتضي نوعا من العدالة المجالية التي توزع بعدل البنيات التربوية اللائقة باحتضان أجيال الغد، وتوفير الأطر التربوية كما وكفاءة ورعاية لمن هو الفاعل الأساسي المتصدي لعملية التربية والتعليم والتدبير والتسيير والتأطير والمراقبة والتوجيه.

4.    عدالة وضع الطبائع العامة والفروق المتنوعة لشخصية المتعلمين في الاعتبار، وذلك عبر مراعاة الاستعدادات الفطرية والقدرات المعرفية لأصناف المتعلمين؛ فليس كل المتعلمين على الدرجة نفسها من الاستعداد والقدرات والقابليات للتحصيل، وليس من الإنصاف جعل المتقدم كالمتأخر والمتميز كالعادي، وإنما يتلقى كل واحد بحسب إمكاناته. وعليه يتم تحقيق الإنصاف هنا من خلال مراعاة مستوى القابليات الفردية، والاعتناء بالجهد الشخصي، وبهذا يتلقى كل واحد ما يناسبه، وما يستطيعه، وما يوافقه، وما يقدر عليه. كما تتم مراعاة ذوي المواهب المتميزة الذين يجب أن ينالوا العناية اللائقة بتميزهم من دون حرمان ذوي المواهب البسيطة أو العادية من حقهم. كذا تتم مراعاة النوع والجنس خاصة ما يرتبط بالفتيات بحكم الهشاشة العامة التي تعرفها الفتيات وخاصة في العالم القروي. كذلك لن ننسى هنا أهمية مراعاة البنية الجسمية والذهنية والعقلية للمتعلمين عبر إيلاء ذوي الوضعيات الخاصة رعاية مناسبة تضمن لهم تلقيا جيدا ملائما لظروفهم وأحوالهم من دون تمييز أو تهميش.

5.    عدالة الاستفادة من المخرجات العامة للعملية التعليمية والتدريبية والتربوية، بتكافؤ فرص نيل العائد العام من التربية والتعليم على قدم العدل، في مستويين اثنين هما: مستوى الإدماج النفسي والاجتماعي والاقتصادي، ومستوى الارتقاء والترقي في مسالك المجتمع. وبهذا يرى الفرد كما المجتمع ثمرة الجهد المبذول تربية قيمية أخلاقية، وثراء معرفيا، وتحديثا علميا، وتطورا تقنيا، وازدهارا اقتصاديا، وتماسكا اجتماعيا، وتقدما ورقيا وسط الأمم.

6.    العدالة الرقمية؛ ذلك أن التطورات الحديثة لحقل تكنولوجيا التعليم تحتم مواكبة مستجدات التطوير العلمي والتقني في حقل التربية والتعليم، وإن الآفات العامة التي ضربت المجتمعات مع الجوائح والحروب والزلازل تفرض البحث عن إمكانات لاستدامة التعليم في مختلف الوضعيات خاصة الكارثية منها، وهنا يكون التعليم بتوظيف تقنيات الإعلام والتواصل، والتعليم عن بعد إحدى الإمكانات المهمة الضامنة لتطوير وتجديد الممارسات المهنية كما لضمان عدم الانقطاع عن التعليم، وهذا يفرض ما يمكن تسميته بالعدالة الرقمية التي تعني ضمان الإنصاف في الولوج إلى توظيف هذه التقنيات على قدم المساواة من خلال توفير البنية التحتية اللازمة للتهيئة الرقمية، والتدريب الرقمي وتوفير العدد ووسائل التكنولوجيا، ثم ضمان الإنصاف في توظيفها التوظيف العلمي الناجع النافع.

7.    العدالة التمويلية، وهذه تضمن الإنصاف في الحصول على الدعم المادي والاجتماعي لكل المتعلمين، كل بحسب حاجاته وقدراته، من خلال الاشتغال بتجاوز وضعية الفقر والهشاشة التي تحول دون الحصول على الحق في التعليم، أو تمنع استدامته، أو تحول دون تحفيز الموهوبين المتميزين، وهو ما يفرض إجراءات تضمن العدالة والشفافية والكفاية في الجهد التمويلي المقدم في توزيع المنح وبناء الداخليات والإطعام وتوفير الأدوات المدرسية والنقل والتحفيز وإيجاد فرص التدريب والتطوير المهاري والحياتي.

المبدأ الثالث: مدرسة الجدوى

إنه لا معنى في منظور الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان من تعليم لا جدوى منه، ولا فائدة له، ولا ثمرات عينية ومادية واضحة بينة تجنى من ورائه، وعليه فلا بد أن تظهر آثار المدرسة وتأثير التعلم على المتعلم وعلى المجتمع، بل وعلى كافة مناحي الحياة الأخلاقية والعلمية والاقتصادية والثقافية والنفسية. يقتضي هذا في منطوق الوثيقة الاستجابة لثلاثة معايير أساسية هي:

1.    معيار الجودة، وهو معيار يمس المدخلات في كافة مستويات المنظومة التربوية سواء تعلق الأمر ببنيات الاستقبال، أو بالأطر المشتغلة في القطاع توظيفا وتكوينا وتأطيرا، أو بمجال العملية التدريسية التعليمية التحصيلية، وكذا بمنظومات التقويم والتوجيه؛

2.     معيار الحكامة الذي يمس الجهاز التسييري والتدبيري الذي يجب أن يقارب وفق مبدأي الكفاءة والأمانة؛ أي من منطلق الجمع المتوازن بين امتلاك الكفاية المعرفية والخبرة التقنية المهارية وامتلاك الأخلاق والسمات القيمية لتولي المسؤولية في قطاع حيوي كالتعليم؛

3.     معيار النجاعة، بحيث تقود جودة المدخلات وحكامة التدبير إلى نجاعة عامة في المخرجات تبرز في تعليم يمكن من تحصيل المتعلم للمعارف والقيم والمهارات، وامتلاك الكفايات الوظيفية المؤهلة لسوق الشغل، ثم العمل على تحقيق الاندماج المتوازن والمتكامل في المجتمع والحياة العامة.

المبدأ الرابع: رعاية النبوغ والتميز

فالوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان مثلما ركزت على إنصاف ذوي الوضعيات الخاصة، تدعو أيضا إلى رعاية النبوغ والتميز في مستويين اثنين كبيرين:

1. مستوى فردي من خلال تشجيع التميز والنبوغ، واحتضان وتوجيه المتميزين والنبغاء والأذكياء، وتنمية الإبداع والابتكار لدى مختلف الفاعلين؛

2. مستوى منظوماتي عام يهم التخطيط المبدع لتطوير المنظومة، واستثمار التجارب الناجحة تثمينا وتعميما، ورعاية البحت العلمي توطينا وتطويرا وتحديثا وتجديدا على مستوى الابتكار الرقمي والتقني الخادم للإنسان.

ثالثا. الأولويات الملحة

 إن مشروعا تعليميا وتربويا يروم إعادة الصياغة للإنسان تربية وتعليما وتغييرا وتحريرا، ويتغيا بناء مدرسة الأخلاق والقيم والعدالة والإنصاف والجدوى والنبوغ والتميز، لا بد أن يبني أولويات في ما يقترحه من أجل إحداث هذا التغيير النوعي الذي يؤسس لهذه النهضة التربوية الفردية والمجتمعية المقصودة. من أجل ذلك تضع الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان أمامها خمس أولويات كبرى هي:

1.    إعادة صياغة السياسة التعليمية للقطاع، على مستوى التصور والتخطيط والتنظيم والبنيات والتقنين، وعلى مستوى التدبير والتسيير والمقاربة الإدارية، وعلى مستوى صياغة المنهاج الدراسي، وإعداد منظومات التوجيه والتقويم، وفق منظور يراعي السيادة الوطنية كما الحاجيات الوطنية والتقدم العلمي والبعد الاستشرافي؛

2.    التأسيس لاستقلالية التعليم عن الارتهان للمؤسسات الدولية المانحة، وذلك من خلال ضمان التمويل اللازم للإنفاق على التعليم، سواء بمضاعفة الجهد التمويلي للدولة وترشيده، أو عبر احتضان المجتمع ومؤسساته ومختلف الفاعلين المجتمعيين والاقتصاديين فيه للتعليم من خلال بذل الإنفاق التطوعي الفردي والجماعي، وكذا بتطوير أنظمة التعليم المجتمعية الذاتية، والخاصة، والجماعية المختلفة، لتسهم في توفير التعليم، والإسهام المادي فيه بناء على تعاقدات مجتمعية وقانونية واضحة؛

3.    محو الأمية بمختلف أنواعها من خلال التأسيس لمنظومة وطنية لمحو الأمية، تعتمد التخطيط الاستراتيجي، وإعداد البرامج والمناهج الملائمة، وإحداث البنيات المحتضنة، وترشيد الجهود في الميدان، وتنويع فرص ومدارس التعلم وأنواع التعليم المختلفة التي تسمح باستدامة التعلم ومواءمته للظروف والحاجيات والأحوال والمراحل العمرية، واستثمار مختلف الوسائل المتوفرة والمستجدة لضمان تحصيل المكتسبات التعلمية والكفايات المناسبة لكل فئات المجتمع؛

4.    توطين البحث العلمي وتحقيق جودته من خلال تطوير بنياته المختلفة، وتوجيه سياساته الوجهة التي تخدم مصلحة البلاد، وتقدير وتحفيز كفاءاته، وتخليق أجوائه العامة؛

5.    التأسيس لسياسة لغوية وطنية تحقق وحدة وقوة لغة التدريس، وعلمية وتنوع اللغات المدرسة؛

6.    إعادة بناء العلاقات التربوية في المدرسة المغربية على أسس الجدية واحترام النظام والاستقرار والمسؤولية.

خاتمة

لا بد أن يكون التعليم في منظور الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان ذا غاية ومعنى ومقصدية؛ وهو ما يعني أن تكون رسالة التعليم تستهدف الإنسان وتبني المجتمع، من خلال التربية ومتعلقاتها دينا ولغة وأخلاقا، والتعلم ومتطلباته علما ومعرفة، وخبرة وتدريبا ومهارات، والتغيير وثمراته تحريرا وفاعلية واندماجا. ثم لا بد لهذا التعليم أن يتأسس على مبادئ تضمن تأديته للوظائف الأخلاقية القيمية، وتمكن من بلوغ العدالة والإنصاف، وتحقق الجدوى جودة وحكامة ونجاعة، وترعى التميز والمواهب، وذلك من خلال أولويات ملحة منتظمة تمس مختلف مستويات جوانب المنظومة التربوية التعليمية.