“من بداية الحرب ونحن نعاني، أتينا من بيوت مشيدة إلى خيم، فلا خصوصية لنا حيث لا يوجد حمامات خاصة بالنساء ولا متطلبات النساء الصحية” هكذا علقت الحاجة أم أدهم على وضع المرأة بغزة.
وضمن سلسلة “ليسوا أرقاما” تحكي الطبيبة تغريد عن معاناتها بعد استشهاد مولودها، الذي وضعته بعملية قيصرية بالمستشفى الإندونيسي، عندما شن الاحتلال حربه على قطاع غزة: “فتحت الحضانة وضممت ابني وكان باردا”
وبعد أن استلمته، حملت الطبيبة الفلسطينية رضيعها وذهبت به حيث خيام النازحين، وبعد الاستئذان من الحاضرين، حفرت قبره هي ومن كانوا معها ووضعته في القبر، وتقول إنها لم تستطع تحمل المنظر بعد أن شرعوا في وضع التراب على القبر.
وبحسرة تقول تغريد “كل طفل أراه يجري أتخيله ابني… كيف يكون شكله؟” وتعترف بأن الأمر ليس سهلا عليها.
قليل من كثير وغيض من فيض معاناة المرأة الفلسطينية مع حرب الإبادة الصهيونية التي تنفذ بمباركة ودعم وسلاح الغرب المنافق في موضوع المرأة والمتباكي على حقوقها.
استشهاد أكثر من 12 ألف امرأة فلسطينية ونزوح ومعاناة عشرات الألوف منهن بغزة، وما يجري بالضفة من تهجير قسري لهن يعد وصمة عار في جبين البشرية وإدانة واضحة وصريحة لكل داعمي الاحتلال البعيدين والمتخاذلين الأقربين ويساءل الضمير العالمي وشرعة حقوق الإنسان ويضع الجميع أمام مسؤوليات تاريخية وأخلاقية وإنسانية.
أما فيما يخص الأسيرات فقد نشر نادي الأسير الفلسطيني في بيانه بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة أنه: “مع تنفيذ الاحتلال الاجتياح البري لغزة، نفذ عمليات اعتقال واسعة للنساء من غزة منهن قاصرات ومسنات، احتجزهن في معسكرات تابعة للجيش، بالإضافة إلى سجن الدامون”.
وفي بيان له بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أورد نادي الأسير الفلسطيني شهادة أسيرتين حول ما تعرضتا له خلال عمليات الاعتقال والتحقيق، حيث قالت الأولى لمحاميها خلال زيارته لها: “تعرضت للضرب من قبل جنود الاحتلال على أحد الحواجز، وتم ركلي في بطني، وعلى الفور تم وضع السلاسل بيدي وتعصيب عيني، واقتيادي إلى أحد مراكز التّحقيق”.
وفي شهادة ثانية، نقل محامي النادي عن أسيرة قولها: “تم اعتقالي منتصف الليل، ونقلت إلى إحدى المستوطنات (بالضفة الغربية)، وبقيت هناك حتّى الساعة السابعة من مساء اليوم التالي، دون طعام أو شراب، كنت مقيدة القدمين واليدين، ومعصوبة العينين، وطوال الوقت كان الجنود يقفون بالقرب مني ويسخرون، وكانوا يقولون الموت للإسلام بصوت عال”.
هي إذن شهادات قاسية عن عمليات اعتقالهن، ونقلهن إلى المعسكرات، وما تعرضن له من عمليات إذلال وتنكيل وحرمان من كافة حقوقهن، وتهديدهن بالاغتصاب، وإخضاعهن للتفتيش العاري المذل، وتعرضهن للتحرش، عدا عن الألفاظ النابية والشتائم التي تعمد جنود الاحتلال استخدامها بحقهن في انتهاك صارخ لكل الأعراف والمواثيق الدولية، مما يكشف إجرام العدو وعدم احترامه للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق السجناء وازدواجية المعايير التي تنتهجها الإدارة الأميركية وبعض الدول الغربية الداعمة للكيان باستحضار حملات التجييش ضد أنظمة دول في موضوع المرأة.
بالمقابل لا يمكن لأي منصف أن ينكر حسن المعاملة التي حرصت المقاومة على التعاطي بها مع سجناء وسجينات الاحتلال، وما وثقته وسائل الإعلام أظهر صور تسليم أسيرات العدو وهنَّ بكامل صحتهنَّ الجسدية والنفسية وفي حالة جيدة فاجأت أهاليهن الذين قالوا صراحةً: “حالتهن أفضل مما توقعنا” بالمقابل بدت على الأسيرات الفلسطينيات آثار الإهمال والإنهاك النفسي والبدني مما يُجسّد الفارق الكبير بين قيم وأخلاق المقاومة وبين همجية وفاشية الاحتلال.
بعد كل هذه الجرائم والآلام والمعاناة، هل استسلمت المرأة الفلسطينية؟ هل انكسرت؟ هل تخلت عن رسالتها؟
الجواب يأتي من صالة أبو صرار بمدينة النصيرات وسط قطاع غزة في الـ 08 من مارس 2025، حيث اصطفت الطاولات المزينة بالمطرزات الفلسطينية، والحلي اليدوية، والمنتجات التراثية، تحكي كل قطعة قصة ليلة باردة في مركز إيواء أو لحظة خوف تحت القصف تحولت إلى أمل.
كما يأتي الجواب من مركز البرامج النسائية في رفح على لسان رئيسته نجاح عياش التي أشرفت على تعليم النساء خلال الحرب: “نشارك اليوم في يوم المرأة العالمي بمنتجات النساء اللواتي تلقين التدريب خلال الحرب، لنقول للعالم إننا باقون ما بقي الزعتر والزيتون.”
وكل 08 مارس والمرأة الفلسطينية صامدة والأمة داعمة