أصدر المركز المغربي لحقوق الإنسان تقريرا تفصيليا عن الوضع الحقوقي بالبلاد، وعدد “الاختلالات الكبرى لحقوق الإنسان في المغرب خلال سنة 2017” مؤكدا أن “المتتبع للأحداث، يدرك أن التجاوزات التي يقترفها مسؤولون فاسدون، من بطش وشطط وتعسف، لا تجد طريقا للمعالجة الإدارية والقضائية، على أساس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، مما يترتب عنه حالة من التذمر والسخط في صفوف المواطنين، وخاصة الشباب منهم، سرعان ما يتطور إلى شرارة تشعل لهيب احتجاجات، تحمل مطالب اقتصادية واجتماعية، لتتحول القضية من ملف اجتماعي إلى ملف أمني”.
وأجمل المركز الخروقات في:
· تعرض العديد من المظاهرات والاحتجاجات، خاصة ما عرف بحراك الريف واحتجاجات جرادة وزاكورة، للقمع والتعنيف، حيث تم اعتقال ما يناهز خمسمائة من المتظاهرين من مختلف المناطق (حوالي 450 منهم من إقليم الحسيمة)، ومتابعة غالبيتهم جنائيا بتهم ثقيلة.
· تعرض العديد من المعتقلين على خلفية الاحتجاجات لاعتداءات جسدية ونفسية ترقى إلى التعذيب والإهانة والمعاملة القاسية، ورغم صدور تقرير طبي من لدن طبيبين أوكلت لهما المهمة من لدن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يتضمن حسب تسريبات إعلامية، وجود آثار تعذيب على جسم 34 معتقلا شملتهم الخبرة الطبية، إلا أن القضاء وخاصة النيابة العامة، اعتبرت الوثيقة لا ترقى إلى سند قانوني.
· ما زالت الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، التي من المفترض أن يعهد إليها بالرصد والتحقيق في مزاعم التعذيب وزيارة أماكن الاحتجاز، لم تر النور بعد في المغرب، وهي آليه أقرتها المادة 17 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وسوء المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، حيث كان من المفروض إحداثها في أجل أقصاه سنة واحدة، ابتداء من تاريخ إنفاذ أو المصادقة أو الانضمام للمعاهدة، علما أن المغرب تقدم بأوراق انضمامه في نونبر 2014.
· التضييق الممنهج في حق جمعيات حقوقية وناشطين سياسيين وصحفيين مستقلين، من مؤسسات وطنية ودولية، ومنع للعديد من الأنشطة ومهمات التحقيق، واستمرار التضييق في حق بعض الأقلام الحرة، وتسجيل حالات اعتقال لصحفيين وممارسين في الصحافة الالكترونية، ومتابة بعضهم وفق القانون الجنائي، خارج نطاق قانون الصحافة والنشر .
· انتشار حالات الانفلات الأمني في عدد من المناطق، بسبب تصاعد نسبة البطالة وتفشي مظاهر التسيب والإدمان على المخدرات في صفوف الشباب، في ظل ضعف التغطية الأمنية، وانشغال الأجهزة الأمنية بقضايا أخرى.
· تفاقم مظاهر السطو على الممتلكات العقارية للمواطنين، خاصة الوعاء العقاري التابع لذوي الحقوق السلالية، وتدمير القدرة الشرائية للمواطن، في ظل غياب رقابة قانونية ومؤسساتية فعالة.
· استمرار ظاهرة الإفلات من العقاب، رغم وجود قرارات بإعفاء بعض المسؤولين الوزاريين وغيرهم، إلا أن المسؤولين الحقيقيين عن نهب واحتكار وتبذير المال العام، ناهيك عن المسؤولين المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، خاصة المكلفين بإنفاذ القانون، لم تطلهم بعد يد العدالة.
· استمرار تسجيل انتهاكات صارخة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لغالبية الشرائح المغربية، بسبب توالي ارتفاع الأسعار، خاصة المحروقات، في ظل سياسات عمومية تهدف إلى التخلص من الأعباء الاجتماعية، إرضاء للمؤسسات المالية الدولية، الضالعة في تفقير الشعوب واستعبادها من جهة أخرى، مما أدى ولا زال إلى ضيق أفق فرص العيش الكريم لدى المواطنين، وساهم بشكل كبير ومضطرد في انتشار مظاهر الاحتجاج والتظاهر.
· يعاني الاقتصاد الوطني من استحكام سياسة الريع، التي أضعفت بشكل كبير القوة الانتاجية للفئات النشيطة، فيما حققت فئات قليلة الثراء الفاحش دون تحقيق قيمة مضافة حقيقية على أرض الواقع، مما فاقم الطبقية الاجتماعية، وساهم في ازدياد الاحتقان الاجتماعي بشكل مضطرد.
· إن استمرار احتكار الثروات الطبيعية الوطنية، بكل مكوناتها، البحرية والفلاحية والمنجمية، وغياب الشفافية في تدبيرها، قد أدى إلى افتقار المغرب إلى الرسمال الوطني اللازم لتحقيق نهضة تنموية قوية، والأدهى من ذلك، ساهم النمط الاستهلاكي السلبي للفئات المتنفعة، في مقابل استمرار النهب الممنهج للثروات الوطنية في إغراق المغرب في مديونية داخلية وخارجية، مما أدى إلى تقويض كل المبادرات الهادفة لى تحقيق تنمية شاملة وإقلاع اقتصادي حقيقي.