2024 أكثر الأعوام دموية ووحشية في العصر الحديث

Cover Image for 2024 أكثر الأعوام دموية ووحشية في العصر الحديث
نشر بتاريخ

 مع انتهاء عام 2024، يبدو أنه سيظل محفورًا في ذاكرة الإنسانية كأحد أكثر الأعوام دموية ووحشية في العصر الحديث. ففي هذا العام، تداخلت الأحداث الدولية والإقليمية بشكل غير مسبوق، حيث طغت أصداء الصراع الدولي حول أوكرانيا على الساحة العالمية، الصراع الذي يجسد التنافس الجيوستراتيجي بل التناحر الدولي حول الموارد والنفوذ. هذا وتبقى الحرب الصهيونية على قطاع غزة وباقي أراضي المقاومة علامة فارقة في هذا العام، حيث جاءت هذه الجرائم بدعم مباشر وغير مباشر من القوى الغربية وعلى رأسها الإدارة الأمريكية، التي تركزت اهتماماتها على تعزيز نفوذها في أوروبا بينما أغمضت أعينها عن الفظائع التي تجري في الشرق الأوسط.

فقد شهد العالم مستويات غير مسبوقة من الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الصهيوني، مدعومة بالأسلحة الفتاكة، والتمويل المشبوه، والسياسات الدولية المتواطئة، والإعلام الذي يسعى إلى تشويه الحقائق وتبرير العدوان. وقد لعبت القوى الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، دورًا رئيسيًا في استمرار هذه الانتهاكات.

في مواجهة هذه المأساة، عبّرت شعوب العالم عن سخطها بطرق تضامنية غير مسبوقة، مسجلة مواقف إنسانية تخلدها الذاكرة، وقد شهدت ساحات العديد من المدن المغربية وقفات ومسيرات وأشكالا تعبيرية مختلفة مجسدة هذا التضامن ومؤكدة على التلازم بين مشرق الأمة ومغربها. ورغم ذلك، ظل المجتمع الدولي الرسمي في حالة من الصمت والعجز، مع غياب تام لأي إجراءات جادة لوقف هذه المجازر. وحتى داخل العالم العربي والإسلامي، خيّم الصمت والخوف على كثير من الأنظمة، التي فضّلت الحفاظ على مصالحها السياسية على حساب الوقوف بجانب الحق والعدل.

وفي فلسطين، حيث تتجسد معاني الصمود والتحدي، ولبنان، الذي يمثل رمز الشهادة والانتصار، ظهرت مرة أخرى حقيقة الاحتلال الإسرائيلي كمشروع عدواني يتجرد من كل القيم الإنسانية. وفي قطاع غزة تحديدًا، كانت الحرب على القطاع مثالًا صارخًا للإبادة الجماعية والفظائع التي لا يمكن أن تُمحى من الذاكرة. ولم تقتصر هذه الاعتداءات على المدنيين فقط، بل امتدت لتشمل عمليات اغتيال استهدفت قيادات فلسطينية ولبنانية بارزة، حيث طالت يد الغدر الصهيوني إسماعيل هنية وحسن نصر الله ويحيى السنوار وصالح العاروري وغيرهم، رحم الله الجميع وتقبلهم في الشهداء.

لقد أثبتت التجربة أن مثل هذه الاغتيالات وحتى عمليات القتل الجماعي الذي طال الأطفال والنساء لا تعدو كونها محاولة يائسة لإخماد صوت النضال وكسر إرادة الشعب الفلسطيني. هذه الاغتيالات، التي تمثل انتهاكاً صارخاً لكل القوانين والأعراف الدولية، ليست مجرد استهداف لأفراد، بل محاولة لضرب البنية التنظيمية والروحية للمقاومة، والتي أثبتت على مر العقود أنها عصية على الانكسار، إذ يغيب عن إدراك هذا الكيان أن المقاومة الفلسطينية لا تعتمد على الأفراد بقدر ما تعتمد على الفكرة والمبدأ، وهما مترسخان في وجدان الشعب الفلسطيني الذي حمل لواء النضال جيلاً بعد جيل.

إن هذه الجرائم تزيد المقاومة إصراراً وعزيمة، وتكشف في نفس الوقت عن الخوف المستمر الذي يعيشه الاحتلال أمام تنامي قوة المقاومة وتماسكها. لقد علّمتنا التجارب السابقة أن كل قائد يتم اغتياله يولد مكانه عشرات القادة، وأن دماء الشهداء هي الوقود الذي يشعل جذوة الكفاح ويُلهب الروح الوطنية.

إحصائيات الجرائم حتى الآن:

· عدد المجازر: 9973 مجزرة.

· إبادة عائلات فلسطينية:

  • 1413 عائلة تم مسحها بالكامل من السجل المدني، مع قتل الأب والأم وجميع أفراد الأسرة، ليصل عدد الشهداء إلى 5455 شهيدًا (وزارة الصحة الفلسطينية).
  • 3467 عائلة لم يتبقَّ منها سوى فرد واحد، وبلغ عدد الشهداء فيها 7941 شهيدًا (وزارة الصحة الفلسطينية).

· ضحايا النساء والأطفال:

  • بلغ عدد الشهيدات من النساء 2112 شهيدة.
  • بلغ عدد الشهداء من الأطفال 4315 شهيدًا (وزارة الصحة الفلسطينية).

· الإصابات والإعاقات:

  • أُصيب أكثر من 35,000 فلسطيني، منهم 7,200 حالة من الإعاقات الدائمة نتيجة للإصابات البالغة (وزارة الصحة الفلسطينية).

· تدمير البنية التحتية:

  • نسبة تدمير المباني: تم تدمير حوالي 40% من المباني السكنية في قطاع غزة بالكامل.
  • المستشفيات: تعرض 23 مستشفى ومركزًا صحيًا للقصف، ما أدى إلى توقف العديد منها عن العمل.
  • المساجد: تم تدمير 187 مسجدًا بشكل كامل.
  • الجامعات والمؤسسات التعليمية: تعرضت 8 جامعات ومؤسسات تعليمية رئيسية لأضرار جسيمة، بالإضافة إلى تدمير عشرات المدارس.

إن هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي أدلة دامغة على مأساة إنسانية تحتاج إلى توثيق دقيق ومحاسبة دولية. إن ما حدث في غزة هو جريمة إبادة جماعية بكل المقاييس، ولا بد أن تكون هناك محاسبة لكل من شارك أو تواطأ في هذه الجرائم.

ختامًا، يجب أن يبقى هذا العام شاهدًا على صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على النضال من أجل حريته وحقوقه المشروعة. إن المساءلة الدولية والمواقف الإنسانية القوية هي السبيل الوحيد لضمان العدالة وإنهاء الاحتلال، وأن دماء الشهداء لن تذهب سدى وأن الله هو الفاعل في ملكه إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، وفرصة سانحة لنهوض الأمة من سباتها والرجوع إلى عزها ومجدها.

والحمد لله رب العالمين.