7 أكتوبر: فشل للكيان الصهيوني وولادة جديدة للقضية الفلسطينية على درب التحرير

Cover Image for 7 أكتوبر: فشل للكيان الصهيوني وولادة جديدة للقضية الفلسطينية على درب التحرير
نشر بتاريخ

طوفان الأقصى خبر لا مبتدأ

لم تبادر المقاومة إلى طوفان الأقصى اختيارا، بل وجدت نفسها مضطرة على أن تخطو هذه الخطوة الثقيلة بعدما طال ظلام الحصار الصهيوني الظالم المجوع المعطش المفقر لملويني ونصف إنسان في القطاع قرابة عقدين من الزمن. وهي التي تتابع كيف أمست قضيتها العادلة تخسر الكثير من المساحات في ميادين التدافع مع الكيان الغاصب المدعوم من أمريكا وحلفائها. ولقد دفعت الأنظمة العربية المقاومةَ دفعا إلى طوفان الأقصى بعدما سارعت الخطى الى أعتاب النتن ياهو لتوقيع اتفاقية أبراهام المشؤومة القاضية بطي تصفية غزة والضفة، وترحيل أهلهما إلى مصر والأردن في إطار صفقة القرن، وتصاعد تهويد الأقصى، والتنكيل بالمعتقلين.

الكيان يقترب من هزيمة استراتيجية محققة

صُدِم الكيان يوم 7 أكتوبر، وسقط صولجانه، وتعرت سوأته، وخر من علياء استكباره فتمرغت هيبته في وحل ضحل. فسارع إلى القصف الهمجي لاسترداد جزء من قوة ردعه، وحرر أيدي جيشه من القيود الأخلاقية والقانونية بدعم دولي، فقتل وشرد وهدم. ورفع لحربه على غزة ثلاثة أهداف معتقدا أن تحقيقها لن يدوم إلا أسابيع معدودة، وبكلفة مقبولة، وبفعالية كبيرة ما دامت آلة الدعاية الصهيوأمريكية صورت زورا للعالم أن في 7 أكتوبر قُتِلت النساء وقُطِعت رؤوس الأطفال…

أهداف الحرب عند الكيان:

1- القضاء على حماس.

2- استرجاع كل الأسرى بقوة السلاح.

3- السيطرة على غزة وتأمين غلافها من صواريخ المقاومة.

بعد مرور سنة كاملة، تثبت الوقائع الميدانية أن الكيان لم يستطع تحقيق أيا من أهدافه المعلنة. فلا هو قضى على حماس، ولا هو بسط السيطرة الكاملة على غزة، ولا هو استرجع الأسرى إلا أمواتا أو بالتفاوض. وتكلفة الحرب عند الاحتلال ثقيلة في الأرواح والعتاد والاقتصاد. والحبل على الجرار.

وبعدما صمدت المقاومة وحاضنتها الاجتماعية في غزة أشهرا في حرب الاستنزاف الطويلة، أضاف الكيان ومعه أمريكا وحلفائها ثلاثة أهداف أخرى:

1- عزل غزة عن أي إسناد، من خلال منع تمدد الحرب.

2- حفظ الصورة المغشوشة للكيان ورصيد التعاطف الدولي معه.

3- إرجاع سكان شمال دولة الاحتلال وغلاف غزة إلى بيوتهم.

مرت الشهور تباعا، وتتابعت قوافل الشهداء لتتجاوز الأربعين ألفا ناهيك عن عشرات الآلاف من المصابين أغلبهم من النساء والأطفال، واستهدفت المدارس والمستشفيات، ومنع الناس من الطعام والماء والدواء على مرأى العالم وسمعه. ورغم ذلك، لم ينجح الكيان ومن معه في عزل غزة، بل التحقت بها جبهات الإسناد، وتقوت بدخول حزب الله مباشرة في الحرب، واليمن والعراق وإيران. وخسر الكيان رصيده الدولي المغشوش، وسقط قناعه في العالم عموما، وفي الغرب خصوصا، وأمست شوارع كبريات المدن والجامعات والملاعب تضج بشعارات التنديد بالكيان الصهيوني وبحرب الإبادة التي يشنها، وانكشف كذب سرديته، وتشكل ضده ائتلاف دولي يتابعه في المحكمة الدولية، وعلا صوت التضامن مع فلسطين، وأصبح العلم الفلسطيني يصول ويجول في العالم. ولا زالت مدن الشمال وغلاف غزة مناطق أشباح.

وبعد توسع جبهات الإسناد، رفع الكيان هدف القضاء على قوتي حزب الله في الجنوب وأنصار الله في اليمن وكذا ردع إيران. نعم، قتلت آلته الحربية الغاشمة عددا من قيادات المقاومة ظلما وغدرا، وضربت مدافعه ومقتلاته بعض مواقعها العسكرية، لكنها مرة أخرى لم تنجح أبدا في ردع وتدمير كل قدرتها. فما زالت صواريخ حزب الله ومسيرات اليمن والعراق تقصف تل أبيب وعددا من المدن المحتلة، وإيران ضربت ضربتها الموجعة يوم فاتح أكتوبر، وهي تعد العدة لضربات رادعة أخرى. ولا زالت المقاومة في غزة تنفذ عملياتها الموجعة في جباليا وخان يونس ورفح… ولا زالت حماس قادرة على قصف تل أبيب.

يمكن أن نلخص النتيجة العامة بعد سنة من 7 أكتوبر في أن الكيان فشل فشلا ذريعا في تحقيق أي من أهدافه، وأنه خسر نقاطا استراتيجية مهمة، وأن حرب الاستنزاف تأكل من رصيد كيانه وعمر “دولته” فأمسى يتحدث عن معركة الوجود عوض معركة التمدد. ولأن دولة الاحتلال ملفقة من جنسيات مختلفة فانهيارها وتفككها رهين باستحكام الخوف وتكرار الهزيمة والفشل. وكان بنغوريون قد أكد هذه الخلاصة، حينما سئل :”متى تسقط إسرائيل؟” فقال: “حين تُهزم مرتين!”.

7 أكتوبر ولادة جديدة للقضية الفلسطينية على درب التحرير الموعود

في الجهة المقابلة، أدى الشعب الفلسطيني ثمنا غاليا جدا. ولا ثمن يغلو في معركة التحرر. ذلك أن دماء الشهداء ماء حياة الأمم، والقوة الدافعة لاستكمال مسار التحرر والانعتاق. ولقد حقق الشعب الفلسطيني ومقاومته خلال هذا العام نجاحا عظيما، يعتبر ولادة جديدة للقضية الفلسطينية من جديد على درب التحرير، ولادة بمخاض عسير، نسأل الله أن يقبل الشهداء، ويعافي المبتلين، ويرفع الكرب. من معالم هذا النجاح:

– صمود المقاومة لمدة سنة كاملة لم تهن أمام آلة حرب الإبادة المدعومة غربا.

– لم تسمح للكيان بتحقيق أي من أهدافه، وهو فوز بالنظر لاختلال ميزان الإمكانات المادية لصالح الكيان.

– أسقطت مقولة الجيش الذي لا يقهر.

– وسعت بشكل كبير دائرة التعاطف الدولي شرقا وغربا، وأعادت القضية إلى الواجهة الدولية، وانتصرت في المعركة الأخلاقية على الهمجية الصهيونية.

– أوقفت مشاريع التطبيع مع الكيان، ومشاريع التفتيت والتفويت لأرض فلسطين، وفضحت أنظمة العار أمام شعوبها وأمام العالم.

– أحيت في الأمة الإسلامية بمشاربها المختلفة حياة جديدة، وبعثت فيها أملا جديدا مصدقا لموعود الله بالنصر والتمكين؛ وعد الآخرة القريب.

الحرب لم تضع أوزارها بعد، لكن بشائر النصر بدأت مع فجر يوم الاثنين 7 أكتوبر 2023. وما النصر إلا من عند الله.