8 مارس..الحاكي و الأسطوانة

Cover Image for 8 مارس..الحاكي و الأسطوانة
نشر بتاريخ

سيُعِدُّ السيد “عالم” أريكته البالية ليسترخي عليها ويفتح صندوقا عنده يفتشه مرة كل سنة ويتصفح جهازه الحاكي “الفونوغراف” المهترئ… آه إنه اليوم العالمي للنساء، أظنه سيُسمعنا إحدى أسطواناته المشروخة “كل عام وأنتِ بخير أيتها المرأة”

لقد سلّم لكل أطرافه نسخا منها، هو مسكين لا يعلم أن نسخا عدة قد تكسرت على صخور صماء ، هتك الجور ببعضها وخدش التهميش البعض وفتته الجوع والجهل، فلم تعد تعمل ولا تصدر حتى أزيزا يسكت آلام النساء.

نعم، تصرم من النساء الأمل في لحن بديع غير الذي ألفن سماعه في كل مناسبة، وفي المغرب الحبيب الخبر يقين لقد دُفن الأمل، فأنى لنسائه الاحتفال؟؟ وبم تحتفلن أصلا؟؟ هل بقريناتهن الميتات لاقتناء كيس طحين مجاني؟ أم بأخواتهن الشهيدات على أعتاب الوطن الغفور الرحيم؟ أو ربما بالقتيلات بين ثلوج الأطلس في الطريق مشيا إلى المشفى الموؤود؟ أعتقده احتفالا يهشم  جماجم المعلمات وحاملات الشواهد… حقا ما الداعي للتخليد والاحتفال؟

هل تكفي الورود والصور والتهاني لرأب صدع أمة نال من عودها نخر الفساد والاستبداد؟ لا نميز امرأة عن رجل، فالكل يتجرع علقم القهر من نفس الكأس. وشكرا لتبريكاتكم، لكن كفوا عن حفظ الاسطوانة القديمة، لقد تفطرت آذاننا.. هاتوا برهان صدقكم  في البناء. اجعلوا قوانينكم تتخذ سبيلا للتنفيذ، أو لا داعي لتسميمنا باستظهارها عن ظهر قلب في كل ذكرى، فلو خرج ما تلوكه أفواه النخبة والمثقفين داخل الصالونات والجمعيات والمنتديات المحلية والدولية إلى حيز التطبيق لكان الحال أفضل واريح، ولكان للورود والصور معنى، لكن مقتلنا في غياب هذه النية مع سبق الإصرار والترصد.

بلدنا متربَّصٌ به، يراد له الخراب، أياد أفاكة آثمة جاثمة على أهله تحلب خيراتهم حلبا، حتى إذا نضبت العيون، توجهت العيون صوب الجيوب تنهبها نهبا، فيذرونها قاعا صفصفا لا تملك درهما ولا فلسا.

أجل أموال مكدسة ومهربة، استثمارات خارج بلد هو في أمس الحاجة إليها، زيادات في مواد الاستهلاك الأساسية، أمية فاضحة بالحديث عن نصف المغاربة، فقر مدقع في جل القرى والأحياء المهمشة، بنيات تحتية تكشف عورتها قطرات الأمطار، انفلاتات أمنية في بلاد الاستثناء، هجرة أدمغة بالجملة، طفلات معنفات وأطفال عمال، وأمهات مشردات وآباء عاطلون… واللائحة تطول والوباء يسري في الأوصال، والافتراء قائم أننا نعيش تنمية مستدامة وانتقالا ديمقراطيا واستثناء خرافيا واحتفالا باليوم العالمي لحقوق النساء…

لكن اشتداد الحبل أذان بتفككه، أيتها الفضليات، سنقدم للعالم أسطوانة جديدة، بلحن الحياة الجميل، لن ينال من عزمنا فساد يتبدد، سنشمر ونتحد ونعمل لنضع لبنات المجتمع الفاضل بيقين في موعود الله، فإن لم نكن عُمارَه كانت ذريتنا فمستقبلهم نتيجة عملية لحاضرنا.