تقديم
إذا كان كيان الأمة تم تجزيئه مرتين: الأولى بتجزئة جغرافيتها وفق معاهدة “سايس بيكو” الاستعمارية إلى دويلات قطرية، والثانية: تجزئة كيانها الثقافي ونسيجها الاجتماعي داخل تلك الأقطار بتناقضات أيديولوجية وإثنية وطائفية ومذهبية وغيرها، فإن إعادة بناء هذه الأمة في صيغة مجتمعات موحدة داخل أقطار التجزئة من خلال توافق وتحالف مجتمعي مطلب شرطي لازم للبناء الدستوري للمجتمع، وبدونه يتعذر البناء المطلوب للدولة وتضيع الحقوق الكبرى للجميع، لأن “الإنسان الواحد وحدَه لا يستقلُّ بجميع حاجاته، بل لا بدَّ من التعاون، ولا تعاونَ إلاَّ بالتَّعارف”.
من أجل تحقيق ذلك المطلب الشرطي، يقدم الإمام عبد السلام ياسين فكرة الميثاق الجامع حلا عمليا يروم تحقيق مقاصد عملية ويستند إلى قواعد مؤمنة حافظة.
مقاصد الميثاق الوطني
من المقاصد العملية التي ينبغي تحقيقها من الميثاق في نظر الإمام: بناء تحالف مجتمعي داخلي؛ من خلال صياغة دستور جامع تقترحه على الأمة جمعية منتخبة، ليكون ذلك منطلقا وتمهيدا لحركية جديدة تتصدى لحل المشاكل الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحضارية المستفحلة، وعلى رأس هذه المشاكل الجمع بين طوائف المجتمع ومذاهبه وإثنياته في سلك هذا الدستور الجامع، للانتقال من حالة التمزق المجتمعي إلى حالة الائتلاف والالتئام، يقول الإمام ياسين: “لأن الانتقال من مجتمع متمزق الأطراف إلى مجتمع متصالح مع ذاته يتطلب توافقاً يلتف حوله الشعب المسلم بأكمله”.
فواقع الاختلاف داخل مكونات المجتمع لا ينفي إمكان الائتلاف على المشترك الجامع إذا ما أحسن تدبيره بمعيار الشريعة نصا ومقصدا، فموجبات الائتلاف بين مكونات المجتمع المختلفة عديدة، ومنها ما ذكره ابن تيمية حين قال: “كل اجتماع في العالم لا بد فيه من التحالف، وهو الاتفاق والتعاقد على ذلك … فإن بني آدم لا يمكن عيشهم إلا بما يشتركون فيه من جلب منفعتهم ودفع مضرتهم، فاتفاقهم على ذلك هو التعاقد والتحالف”.
فللتعاون والتحالف مع المخالف الوطني في جلب العدل ودرء الظلم شواهد كثيرة تفصيلية وإجمالية كلية، نذكر منها… تتمة المقال على موقع مومنات نت.