آلاف المغاربة في مسيرة شعبية بطنجة ضد التطبيع ورفضا لرسو السفينة الصهيونية بالميناء المتوسطي (صور)

Cover Image for آلاف المغاربة في مسيرة شعبية بطنجة ضد التطبيع ورفضا لرسو السفينة الصهيونية بالميناء المتوسطي (صور)
نشر بتاريخ

أبدعت مدينة طنجة من جديد في مسيرة شعبية وطنية تضامنية مع الشعب الفلسطيني مساء أمس، الأحد 7 يوليوز 2024، بحضور الآلاف من المواطنين المغاربة وبدعوة من الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، وقد شاركت فيها رموز وطنية سياسية وحقوقية ونقابية ودعوية ومن صفوف الأطباء والمحامين ومن الأوساط التعليمية والمجتمعية بما يعبر عن مدى تغلغل القضية الفلسطينية في وجدان ومشاعر أبناء المغاربة ومن مختلف فئاتهم وطبقاتهم وحيثياتهم.

وندد الشعب المغربي من مدينة البوغاز بأقصى شمال البلاد باستمرار جرائم الإبادة الصهيونية في حق المدنيين والنازحين بقطاع غزة وبالجرائم اليومية في حق الفلسطينيين في مختلف مناطق أرضهم التاريخية، كما أدانوا واستنكروا سماح السلطات المغربية برسو سفينة إسرائيلية قادمة من شريكتها في الجرائم أمريكا والمحملة بالأسلحة والعتاد العسكري في ميناء المدينة للتزود بالوقود والأغذية، معتبرين هذا الحدث سابقة في مسلسل التطبيع، كما أنه تجلٍّ لعدم الاهتمام بالجرائم الشنيعة التي يذهب ضحيتها الأطفال والنساء والعزل في فلسطين.

المسيرة التي جاءت للتأكيد على رفض سياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني، انطلقت في تمام الساعة 18:00 من ساحة الكويت بجانب مسجد إبيريا، وجابت شوارع طنجة بدءا من شارع بلجيكا، مرورًا بشارع باستور. وتوقفت الحشود الشعبية في وقفة احتجاجية أمام القنصلية الفرنسية، للتنديد بالسياسة الفرنسية خاصة والغربية عامة الداعمة للكيان الغاصب بدون شروط، ضاربين كل مواثيق حقوق الإنسان عرض الحائط. وقد تزينت وفود المشاركين بالأعلام الفلسطينية ولافتات وشعارات ولوحات فنية وصور تندد بأفعال الاحتلال الغاشم بغزة وتفضح جرائمهم، كما رفعوا لافتات تطالب بمقاطعة منتجات الشركات الداعمة لهم وبإنهاء العلاقات السياسية واتفاقية التطبيع مع حكومتهم الفاشية.

وكان الإبداع في محاكاة معاناة أهالي غزة في هذه الحرب، حاضرا بقوة، وظهر في فقرات هذه المسيرة التي شهدت مشاهد تمثيلية وتعبيرات عن مظاهر تقتيل الأطفال والنساء من خلال عدد من المجاز، وصور الحاضرون بهذه اللوحاتِ الأشلاءَ والأطراف المتناثرة في الأرجاء مع التمثيل بالجثث، وحاول المنظمون إظهار جزء ولو يسير من المعاناة الحقيقية التي تواطأ “المنتظم الدولي” و”العالم الحر” على استمرارها حماية للدولة السرطانية التي تعالت على جميع القوانين الدولية والأخلاقية والإنسانية ضدا على الشعب الفلسطيني في غزة. وهي المعاناة التي يصل جزء بسيط منها إلينا من خلال الإعلام المحاصَر وصفحات التواصل الاجتماعية.

وردد المشاركون في المسيرة، شعارات قوية تطالب بوقف الحرب وبمحاكمة مسؤولي الصهاينة على أفعالهم الإرهابية والقصف العشوائي وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية باستعمال كل الأسلحة المحرمة، وتحت غطاء دولي، كما رفعوا لافتات تندد بالتطبيع وتطالب بإنهاء العلاقات مع الكيان المحتل، معبرين عن دعمهم الكامل للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في الاستقلال ونيل الحرية. وطالبوا الدولة المغربية بإطلاق سراح كل معتقلي الرأي الذين يحاكمون على خلفية التدوين رفضا للتطبيع ودعما للشعب الفلسطيني.

وأكد الأستاذ محمد الصروخ عضو السكرتارية المحلية للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع بطنجة في الكلمة الافتتاحية للمسيرة بعد الترحيب بالحضور والهيئات المشاركة، على أن المسيرة تأتي في سياقين؛ سياق التنديد باستمرار الإجرام الصهيوني على الفلسطينيين، وكذلك سياق استنكار رسو السفينة الصهيونية المحملة بالأسلحة في ميناء طنجة دون علم المواطنين بذلك، مشددا على أن هذا الأمر يمثل خرقاً للقيم والمبادئ الوطنية، ولا يمكن قبوله بأي شكل من الأشكال، بل يجب محاسبة المسؤولين عن هذا القرار.

وحضرت “ثقافة المقاطعة” بقوة في هذه المسيرة، التي شهدت مشاهد تمثيلية تركيزا على المنتوجات الداعمة للكيان الصهيوني وتوضيحا للدور الهام الذي تقوم به هذه المنتوجات والشركات في دعم الصهاينة، كما تبين الدور الهام لمقاطعتها دعما للشعب الفلسطيني.

وبينت هذه المشاهد خطر التطبيع الاقتصادي على الشعب الفلسطيني، من خلال عدم مقاطعة الشركات والعلامات والمنتوجات الداعمة ماديا ومعنويا وبشكل مباشر للكيان المحتل. وفي ختام المسيرة بساحة الأمم بطنجة، ألقيت كلمة ختامية من طرف السكرتارية الوطنية للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، أكدت على ضرورة العمل المستمر ضد التطبيع والدعم المتواصل للقضية الفلسطينية.

وأكد منسق فرع الجبهة بطنجة الأستاذ حكيم نكتار في هذه الكلمة أن توافد حشود المغاربة للمشاركة في هذه المسيرة الوطنية بشكل كبير، هو رد فعل طبيعي على رسو السفينة الإسرائيلية العسكرية في الميناء المتوسطي، وهذا من مظاهر التطبيع العسكري، موضحا أن المسيرة هي استمرار للدعم المعنوي للشعب الفلسطيني وتنديد بالمجازر ومطالبة بالضغط لوقف الإبادة اليومية للشعب الفلسطيني، فضلا عن أنها فرصة للتذكير باستمرار المقاطعة للمنتوجات التي تدعم الكيان الصهيوني اقتصاديا وعسكريا.

بدوره، الأستاذ عبد الصمد فتحي رئيس “الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة” ونائب المنسق الوطني للجبهة، في الكلمة الختامية الثانية، اعتبر أن هذه المسيرة هي جزء من الجهود المجتمعية لإظهار الرفض الشعبي للتطبيع بكل مظاهره مع الكيان السرطاني، وللتأكيد على الانتماء القوي للشعب المغربي إلى قضية فلسطين وأن أهل المغرب عموما وطنجة خاصة أوفياء لفلسطين وللمقاومة. كما أنها تجسيد لرفض واضح للسياسات التطبيعية التي تمارسها بعض الدول العربية، بما في ذلك المغرب، رغم المواقف التاريخية والدينية والثقافية التي تربطه بالقضية الفلسطينية.

وتابع في هذا الصدد: “إننا نوطن هذه المسيرة في طنجة العالية لكي نقول للمطبعين الذين سمحوا للسفينة الصهيونية بالرسو في مينائنا؛ إنكم دنستم أرض الشرفاء والشهداء والمجاهدين. ونقول إن المغرب لا يمكن أن يرضخ للمطبعين، وإن المغاربة شجعان لا يقبلون بالدنية، ومن أراد أن يستضيف القتلة والمطبعين عليه أن يستضيفهم في ضيعته، لأن أرض المغرب للمغاربة، هؤلاء هم أبناء المقاومين من أمثال محمد بن عبد الكريم الخطابي لا يقبلون بالمطبعين. فلا يمكن للصهاينة أن ترسو سفينتهم لكي يدنسوا بها هذه الأرض المباركة التي رفضت التطبيع”.

قبل أن يختم بالقول: “لدينا كلمتان نختم بهما، الأولى: نحن ننبه ونحذر خاصة بالتطبيع العسكري، وننبه لما يروج لما بعد نهاية الحرب؛ لا نقبل قوة دولية برعاية أمريكية والمطبعين، والأمر الثاني أننا نعتبر أن الشعب الفلسطيني منتصر بعد تسعة أشهر من المقاومة… وكلنا على يقين أن فلسطين ومعها أوطاننا سوف تتحرر وتنتصر، وبيننا وبينهم الأيام”.

وعرفت المسيرة كلمات وتصريحات صحفية لكل الرموز الوطنية التي حضرت، أجمعت كلها على مواصلة الدعم السلمي والضغط الإعلامي بكل قوة، والتنديد بسياسات التجويع والتقتيل التي يتعرض لها الفلسطينيون يوميا على مرأى ومسمع العالم. وأكد المشاركون على ضرورة محاكمة نتنياهو وحكومته بسبب جرائم الحرب والإبادة التي ارتكبوها في حق الشعب الفلسطيني. وفي الأخير، تلا الحاضرون سورة الفاتحة ترحما على الشهداء الذين يرتقون ضحايا للإجرام الصهيوني في كل لحظة.