إفرض أنك ركبت دراجتك وانطلقت بها دون تحديد وجهتك وهدفك، واتبعت طرقات ما حسب فضول الاكتشاف أو حسب جاذبية الشوارع والمحلات والأحياء والأماكن التي تمر بها، إلى أن قررت الوقوف والدخول إلى مكان ما، مقهى أو نادي، جذبتْكَ واجهتُه أو الصوت والروائح التي تخرج منه.
دخلت وبدأت تكتشف بفضول ما يُقدَّم من مشروب أو مأكول، بل تعرفت على بعض رواد هذا المكان وجذبك حديثُه.
وبفضول أنصتَّ إليه وتناولت ما قدم لك من مشروب أو مأكول أو غيره مجانا لتجرب مُتعته، فأعجبتك، واحتفظت برقمه.
انتبهت بعد وقت طويل أن الليل قد أسدل ستاره، فخرجت ووجدت أن دراجتك قد سُرقت، وطفقتَ راجعا بسرعة إلى بيتك. لكن ضللت الطريق وسقطت في متاهة الأحياء الجديدة التي كنت تتجول فيها إلى أن سقطت بين يدي عصابة واحد منها. نهبوا ما عندك من مال ولباس وأشبعوك ضربا ولكما. من حسن الحظ ظهر رجل طيب أعانك على الخروج من هذه الورطة ووصلت إلى بيتك مجروحا في نفسك وفي جسدك، وكذلك في عقلك.
مر يوم أو يومان وبدأت تستعيد عافيتك. لكن تذكرت متعة ما قدم لك الشخص الذي تعرفت عليه في ذلك المقهى أو النادي، ورغِبتْ نفسُك فيها، ولو أن مُنبِّها بداخلك حذّرك منها وذكّرك أنها مخدر حرام، فيه ضرر لك وعصيان لربك.
لكنَّ هاتفا آخر بداخلك هوّن من الأمر، وأنك ستستهلكُه مرة ثانية فقط وتنقطع عنه وتستغفر.
مالت نفسك لكلام الثاني لأنها اسْتحلت المخدر، وحثك على الاتصال بالشخص فلقد ترك عندك رقمَه.
اتصلتَ به لطلب جرعة ثانية، ويسر لك الأمر بعدما قصصت عليه حكاية ورطتك وجروحك. ووعدك أن يأتي لك بحصتك أينما تقطن ومجانا. فرحتْ نفسُك وأعجبتك طيبوبة الشخص، خدمة وعطاء.
لعلك تصورت بقية الحكاية لأنك اطلعت على أمثالها من حكايات واقعية وكيف انتهت. لكنك وجدت نفسك بعد جرعة ثالثة ورابعة أنك قد وقعت في فخ لا تستطيع الانفلات منه:
إدمان واضطرار للبحث عن المال ولو بالطرق السهلة والمحرمة، لأنك أصبحت عاجزا عن العمل الجاد وألفتْ نفسُك وتعودَت على عادات أخرى جعلتك تسقط وتنحدر وتجني على أسرتك ومهنتك وتقطع علاقتك بأصحابك الأسوياء وتعوِّضها بأصحاب منحرفين.
الآن وفرت لك أدوات ووسائط التواصل الاجتماعي الحديثة، وستوفر لك أكثر بال ميتاڤيرس القادم، أن تقوم افتراضيا بنفس الجولة في أحياء ومقاهي ونوادي ومطاعم دون الخروج من بيتك.
تحمل جوالك الذكي وتضع سماعتيك وكذلك منظارك المرتبط بجوالك، وتنعزل وحدك لتكون المتعة كاملة بالصوت وبالصورة والمشاعر.
وتبدأ رحلة الإدمان على مخدر من نوع ما على اليوتيوب أو الفيسبوك أو الأنستاغرام أو غيرها، ويكون هذا الإدمان على مستويات:
إدمان على رؤية أو سماع الخُزعبلات والأحداث المثيرة وتتبع أشخاص تافهين في منازلهم وتتبع لقطات من أفلام لا معنى لها ولا عبرة منها ولا نفع.
إدمان على تتبع الجدالات التي لا نفع معها دون هدف إنما لغو في لغو وتراشق أنفس معجبة بأفكارها وسوء خلق وعنف في الردود على الفيسبوك أو غيره.
إدمان على رؤية مشاهد أفلام الفاحشة والعري المحرمة وسماع الأغاني التي تفسد النفس والعقل والأخلاق وتفسد عليك آخرتك وعلاقتك بربك.
وتعلم أن وراء أغلب هذه الأخيرة أيادي شيطانية في خدمة الاستعمار والصهيونية العالمية من أجل تخدير العقول وتخريب النفوس وتثبيت العادات التي تخدم الاستكبار العالمي. توظِّف بدهاء أدوات ووسائط ووسائل التواصل الاجتماعي لتستعمر وتستحمر الشعوب.
إذن تساءل أخي أختي الشاب والكهل والشيخ مع نفسك:
هل أستعمل هذه الأدوات وأُوظفها في طريقٍ اخترتُ سلوكه، واضحةٌ غايته وأهدافه، في بناء وصون أسرتي وبناء مهنتي وصونها وبناء مجتمعي وصونه، وخصوصا في الاستعداد لآخرتي ولموعدي مع خالقي!؟
أم تستعملُني هذه الأدوات والوسائل لتحقيق غايات وأهداف حزب الشيطان من المستبدين والمستعمرين والصهاينة وغيرهم من أشرار الخلق، في صد الناس عن طريق الله والحق والعدل؟!
أجبْ نفسكَ، فأنت عليها بصير، واخترْ طريقك بمسؤولية وبصدق واستعمل أدوات ووسائل التواصل للسير عليه، واستعن إن ضعُفت بصحبة طيبة وبيئة صالحة.
وفقك الله لكل خير وحجبك عن كل سوء.