إعلان “ترامب” (1).. الخلفيات والدلالات

Cover Image for إعلان “ترامب” (1).. الخلفيات والدلالات
نشر بتاريخ

هل اعترفنا أصلا “بتل أبيب” لكي لا نعترف “بالقدس” عاصمة للغاصبين

صحيح أن خطاب “ترمب” العنصري، منعرج تاريخي في عمر القضية الفلسطينية، وفيه استفزاز لمشاعر المسلمين. لكن لنعلم أن معركتنا الحقيقية، ليست صوب تجميد قرار اعتماد القدس عاصمة “للكيان” المحتل، لأن ذلك لن يتم بخير أصلا، بل يجب أن نعلم أن جنين، وتل الربيع (تل أبيب)، ويافا، وعكا، وطبريا، والخليل، وطولكرم، وبير السبع، وحيفا… مدن من كامل تراب فلسطين، تنتظر سواعد رجال المقاومة، ولا غير المقاومة لاستردادها ودحر العدو، لأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.

فإن لم تكن خطوات المعتوه “ترامب” منهضة لِهَمِّ الأمة وهمتها، وباعثة على ترسيخ وعي حقيقي، يحرر إرادة كل الشعوب الإسلامية ويوحدها، ويحمل إلى بناء الإدارة المستقلة باستقلال القرار والموقف، ويقطع مع حكام الهزيمة ومع تبعيتهم لأسيادهم، وينهي عهد الحرص على الأموال والكراسي، أكثر من الحرص على المصالح الإستراتيجية للأمة، فلا أراها إلا مسمارا آخر، يذيق لأمة المليار مزيدا من جرعات الإذلال والتحقير، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا…

اللوبي الصهيوني اشتغل لعقود كي يؤهل نفوس المسلمين والعالم، لتقَبُّلِ فكرة دولة “إسرائيل”، عندما اعتقد أنه أرسى القواعد، انتقل إلى خطوات كثيرة، ووصل الآن الى فكرة: “القدس عاصمتها”… فأصبح البعض منا تبعا لذلك، منشغلا بالجزء عن الكل. من اعترف بتل أبيب عاصمة للدولة الوهمية فلا ضير أن يعترف معها بالقدس أيضا، فلن تتغير المعادلة في شيء، بل ويعترف بالحدود الوهمية الكبرى، من النيل إلى الفرات إن شاء، ومن اعترف بالكيان وبدأ، بل وطور علاقات التطبيع معه، فلا يكذب على شعوب القضية ويدعي… من جلس مع العدو على طاولات المفاوضات، فلا ينسى أنه ممن باع القضية طوعا وكرها.

قد يضعف نار التفاعل مع القضية في مرحلة زمنية من المراحل أو ينقص، ولكنه لا ينطفئ أبدا حتى التحرير الشامل، وتأتي محطات مفصلية من فعل الله تعالى بتهور العدو، ليحدث الله من خلالها ما يحدث ويتجدد ولاء المسلمين من خلالها لقضيتهم الأولى.

القضية الفلسطينية مغروسة في وجدان الشعوب الإسلامية، وتعلقهم بها يتجاوز حدود المصلحة، ويتجاوز حدود الزمان والمكان، الارتباط العقدي بها يجعل أصحابها المبدئيين يستشعرون حجم المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهم أمام شعوبهم في الحاضر، وأمام الأجيال اللاحقة، لذلك فمواكبة جزيئيات القضية وتفاصيلها مسؤولية في حد ذاتها، باعتبارها المدخل المهم من مداخل خدمتها والتعريف بها لدى عموم الشعوب الإسلامية بما تسمح به الوسائل.