ينتاب النفس اليقظة توتر في الانتباه، واستعداد دائم إلى ما يباغت الإنسان من أحداث في دنياه، استعدادا لما قد يفاجئه من جزاء في أخراه.
واليقظة شعور متأصل في الوجدان بفعل الذكر والتذكر ومحاربة الغفلة والنسيان ومقاومة اللهو والكسل. ولقد لخص رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة الإنسان في الدنيا فقال: “ما ينتظر أحدكم من الدنيا إلا غنى مطغيا، أو فقرا منسيا، أو مرضا مفسدا، أو هرما مقيدا، أو موتا مجهزا، أو الدجال فالدجال شر غائب ينتظر، أو الساعة، والساعة أدهى وأمر”. (أخرجه الترمذي رحمه الله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقال حسن).
الحالات الملهية التي تنسى المصير والمآل:
● غنى مُطْغٍ: يساعد على الاستكبار والاستعلاء والظلم ونسيان حقوق العباد وهضم مصالحهم كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى (العلق: 6-7) والعلاج هو التذكر بالرجعى.
● فقر مُنْسٍ: يقذف في النفس حسرة على ما هو فيه وطمعا فيما عند غيره ولوعة على ما أصابه من عوز وفاقة وحاجة.
● هرم مقيد: يتميز بالعجز وذهاب القوة ونقصان في القدرات وترهل في الإرادة التي تبحث عن الأعذار والرخص.
● موت مجهز: نهاية حياة مكلفة مسؤولة عن أعمالها معرضة للاضمحلال المفاجئ والهجوم المباغت دونما موعد أواستعداد.
● الدجال: شر غائب مباغت، نازل من عالم الغيب دونما توقيت أو تخطيط.
● الساعة: الأمر العظيم والواقعة الحتمية المنهية لفترة الكسب والتربية للانتقال إلى الحياة السرمدية.
هذه الحالات البشرية في الحياة الدنيا، تحتاج إلى توجيه وتنوير وترشيد. يأتي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك”. (أخرجه الحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس وأحمد في مسنده). توجيه نبوي شريف ينبه الغافل ويتوجه إلى لب العاقل ليستعد لآخرته.
فيا معشر الشباب الزاهي في عنفوان عمره والمتمتع بنعمة صحته والقادر على امتلاك متاع الدنيا والتنعم بها والماشي على الأرض خيلاء والمتنعم بجمال المظهر والملبس والترنح بالقدرة على امتلاك القوة والسمت الحسن. لا يغرنك ما قد حصلت عليه كله أو جله أو بعضه. لا يغرنك بديع النعم عن توظيفها في خدمة الناس وإرضاء رب العباد. إنها أمانات إن أحسنت استغلالها فزت وإن أسأت توظيفها خسرت. تنفعك يوم تأتي الله عز وجل بقلب سليم فتفوز وترضى، وتكون من الفالحين.
طريق الفلاح أسلوب حياة، ومنهاج سلوك وسبيل اتباع الرسول النبي الأمي، ومن سار على نهجه على بصيرة ونور من ربه.