يشاء الله رب الفتية أن تسقط أوراق التوت عن طواغيت بني صهيون ومن والاهم من عوالم الغرب والشرق.
ويشاء أن يهيئ الأسباب لفضح سرديتهم الكاذبة، ويؤلب عليهم شرائح واسعة من عقلاء العالم وأحراره، الذين فقدوا الثقة في الرواية الصهيونية واصطفوا إلى جانب أصحاب الحق بما يخدم القضية الفلسطينية عاجلا أو آجلا.
باسم الله وجلال قدره شاء سبحانه أن يحيي أرض الفتية وقلوب أهلها بقبض أرواح طاهرة ونقلها لحياة أهنأ في دار الخلد الباقية. سنته تعالى في اصطفاء صفوة أحبابه لتحيا بهم الأمة، وتكون حياتهم عطاء وموتهم فداء وعبرة لمن يعتبر.
قضى الفتية ومعهم رعيل صدقوا الله ما عاهدوه عليه ولبوا نداءه واختاروا ما عنده من فضل وخير، قضوا وقضى من قبلهم أصحاب الأخدود وفيهم المرأة والشيخ والرضيع، وذاقوا أنواع التعذيب والتنكيل، ولم يثنهم ذلك عن التشبث بدين أحيا فيهم الضمير والروح، فكان اختيارهم للموت حياة لأمة زرعت في عروقها دماء جديدة قواها اليقين في رب الغلام.
ويشاء رب الغلام أن يجعل لكل زمان غلاما يُحيي ما استوحشته العقول والضمائر من نداء الحق، ويكون فداء للحرية المغتصبة.
ويشاء رب الغلام أن نحظى بغلام افتدى النفس في سبيل إعلاء راية رب كريم، يقدر ما يشاء وفي مشيئته الخير. وإن استغلق عنا فهم الحكمة منها، فإن يقيننا فيما وراءها من منحة؛ ثابت لا يبارح قلوب تتوق لفرج وصبح يطوي ظلام الطغاة المتجبرين.
وكذلك في كل زمان وفي كل قوم عاث طغاتهم في الأرض فسادا، يقوم الغلام بإذن ربه ليحيي ما قد أودى في القلوب، ويكون سببا في تنوير ما أحلكته الدروب.
هي سنته تعالى، لنعي أن لا بزوغ لصبح إلا بعد حلكة الظلام، وأن لا عز يرجى دون استصغار الغالي والنفيس. إنها سنة الله في خلقه، وكما باع الغلام نفسه رخيصة لتحيا أمته بعده، باعها غلامنا السنوار كما باعها قبله وبعده إخوته الأفذاذ، فربحوا البيع وطابت لهم الجنان والاجتماع في جوار الرحمن.
نعم يشاء رب السنوار وأهله من المجاهدين الأبطال أن يفتدوا قومهم وأمتهم الميتة، لعلها تحيا وتستيقظ فيهم النخوة التي طال سباتها.
يشاء رب الغلام أن يموت الغلام وأمثاله موت عز لا يليق إلا بأمثالهم، وفيه ما فيه من رسائل لمن صامت ألسنتهم عن الكلام، ومن أبوا أن يلبوا نداء الجسم المبتلى ويهبوا من الرقاد؛ رسائل تستنهض الهمم، وتشحذ العزائم لقومة توحد شتات الأمة، وتعز دين الله وتنصره.
يشاء رب الغلام أن يموت لتشحذ عزائم شباب تاقوا لحياة كريمة، فهبوا لنصرة دينه وتحرير عقله وإرادته من قيد الذل والانبطاح.
يشاء رب مفجر الطوفان وصانعه أن يمهد السبل لتحرير فتية غزة ومن بعدهم من زينة شباب محيطها ومن حولها، والسيل سائر لن يتوقف إلا بعد أن يذهب غشاوة العقول ويغسل قذارة ما لطخته أيادي الطغاة.
وما تشاء إلا أن يشاء الله، مشيئة حياة أقوام بعد موت أوليائه، حياة أقوام أحيا فيهم العزة بالله، وحرر فيهم الإرادة لنصرة دينه. فبوركت سواعد شباب وعوا الدرس وقاموا لتحرير العقل قبل الأرض، وهنيئا لنا بشباب غزة وسوريا، نصروا الله فنصرهم، أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ.