قبل بزوغ رسالة الإسلام عاشت المرأة ظلما وقسوة حيث تعرضت للضرب والإهانة والدفن وهي حية، واغتصبت حقوقها من أقرب الناس إليها، لكن هذا الواقع تغير مع بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الرحمة المهداة للعالمين، حيث رفع من قيمة النساء ودعا إلى معاملة المرأة برفق واحترام وكان صلى الله عليه وسلم نعم القدوة الحسنة للمسلمين، فقد كان تعامله راقيا مع كل النساء يستمع إليهن، ويرحمهن، ويوصي بهن خيرا، وقد ذكرت كتب السيرة العديد من المواقف الجليلة لحسن تعامله مع زوجاته وبناته ومع النساء عامة نستعرض بعضا منها.
رسول الله وزوجاته
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم الزوج فقد كان يحب زوجاته، يعدل بينهن، يلاعبهن ويساعدهن في أمور البيت، كان يشاورنهن في قضايا الأمة ويأخذ برأيهن وينزلهن منزلة تليق بهن، وأوصى الرجال بالخيرية لنسائهن اقتداءا به. فقال صلى الله عليه وسلم: خياركم خياركم لنسائهم [الترمذي]
رسول الله وبناته
أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدتنا فاطمة الزهراء كثيراً فكان يقف كلما رآها تدخل ويقبل جبينها ويشاطرها همومها، كان يقول عنها هي بضعة مني: فاطمةُ بضعة مني, يريبني ما رابها, ويؤذيني ما آذاها [متفق عليه].
أما ابنته سيدتنا زينب فقد رحمها خير البشر وتفهم خوفها على زوجها الكافر حينما استأذنته أن تبقى معه، فسمح لها الأب الرحيم بالبقاء مع زوجها وأولادها.
رسول الله وباقي النساء
تعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم باللين والرفق مع كل النساء، دافع عنهن ونهى عن قتلهن في الحروب، ونعت الرجل الذي أهانها باللئيم والذي أكرمها بالكريم، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن من تكلف ببنتين وأدبهن فجزاؤه الجنة. فقد قال صلى الله عليه وسلم: من عال ثلاث بنات, أو ثلاث أخوات, أو أختين أو ابنتين فأدبهن وأحسن إليهن وزوجهن فله الجنة [أبو داود].
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي في خدمة النساء ويقضي لهن حاجتهن.
قال أنس: كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد رسول الله فتنطلق به حيث شاءت في حاجتها [البخاري ].
كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي لهما الحاجة [النسائي] .
ومن رحمته واهتمامه بهن أنه كان يخصص للنساء وقتا يحدثهن في أدق أمورهن ويعلمهن مما علمه الله.
روى البخاري (7310) ومسلم (2634) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَدِيثِكَ [وفي رواية للبخاري (102) : غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْمًا نَأْتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ . فَقَالَ: اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا وفي رواية أحمد (7310): موعدكن بيت فلانة فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاثَةً إِلا كَانُوا لَهَا حِجَابًا مِنْ النَّارِ. فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْ اثْنَيْنِ ؟ قَالَ: فَأَعَادَتْهَا مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ : وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ وَاثْنَيْنِ .
بعد كل هاته المواقف العظيمة والجليلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع النساء فإن كل تصرف من الرجل نحو المرأة يفتقد الرحمة والاحترام هو غير مقبول وعلى غير الهدي النبوي، ولن يرضاه من استوصى بالنساء خيرا في خطبة الوداع ومن قال فيهن رفقا بالقوارير، وكان خير من أحب المراة وسعى للرفع من مكانتها وقيمتها.
فحياته وتصرفاته صلى الله عليه وسلم اتجاه المرأة يجب أن تكون مرجعا لكل مسلم ينشد سعادة الدنيا والآخرة.