الأسرة أساس البناء

Cover Image for الأسرة أساس البناء
نشر بتاريخ

تعتبر الأسرة اللبنة الأولى والنواة الأساسية في بناء المجتمع، فهي نقطة البداية في تنشئة العنصر الإنساني والحاضنة الأولى للمعاني الأخلاقية والقيم النبيلة، وهي مدرسة تخريج الأجيال الملتزمة بقيم أمتها ودينها، القادرة على الدفاع عنها عند الملمات والشدائد، وعلى قدر تماسك الأسر وترابطها تقاس قوة المجتمعات وضعفها، فالأسرة الصالحة كالتربة الصالحة إن صلحت صلح نباتها وإن فسدت فسد نباتها..
ومدلول كلمة الأسرة في الشريعة الإسلامية أوسع مدى وأبعد أثرا من مدلولها عند غير المسلمين، لأن الأسرة في الإسلام تشمل الزوجين والأولاد الذين هم ثمرة هذا الزواج بالإضافة إلى الأحفاد والأصول من الأمهات والآباء كالأجداد والجدات، وكذا الفروع كالأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولادهم.. والأسرة الناجحة هي التي تبني علاقات متينة بين كل مكوناتها..
وقد أكد ديننا الحنيف على مبدأ الزواج وتكوين الأسر وجعل ذلك من أجل الأعمال ومن سنن المرسلين، فهاهو الحبيب عليه الصلاة والسلام يقول: “…لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني”
كما حرصت الشريعة الإسلامية دائما على تشجيع الشباب على الزواج وإنشاء أسر قوية مستقرة استجابة لدواعي الفطرة الإنسانية السليمة وحفظا للسلالة البشرية وتحقيقا للعفة والطهارة.. يقول الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه: “يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء”.
ويتميز الزواج في الإسلام بمرتبة سامية عظيمة فقد سماه المولى سبحانه في سورة النساء بالميثاق الغليظ فقال: وأخذن منكم ميثاقا غليظا قال مجاهد: الميثاق الغليظ هو كلمة النكاح التي صارت بها المرأة حلالا، وفي هذا يقول الحبيب عليه الصلاة والسلام: “استوصوا بالنساء خيرا فإنكم أخذتموهم بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله”.
ورغم أن الزواج في الإسلام ليس عقدا دينيا بل هو عقد مدني كباقي العقود الأخرى إلا أنه قد أحيط بهالة من التقدير والتعظيم والإهتمام لخطورته الإجتماعية ودوره الأساسي في استمرار الخلافة في الأرض وحفظ النوع البشري وصونه..
وإن كان الزواج يحقق الراحة والطمأنينة والإستقرار والهدوء، فإن الراحة هنا ليست معناها الإستكانة والإسترخاء والإكتفاء بإشباع الغرائز وتلبية الرغبات، بل مما لا شك فيه أن على الزوجين تبعات جليلة تضمن صلاح الأسرة وقوتها ومنها: حسن تربية الأبناء، والقيام بحقوقهم، والسعي في سبيل توفير العيش الكريم واللقمة الحلال لهم، وإعدادهم ليكونوا عناصر صالحة في مجتمعهم… وهي تبعات مندرجة في سلم الكمال الإنساني البعيد عن أسلوب الحياة الأدنى للمخلوقات الأخرى..
هي مسؤولية إذن وأمانة في أعناق الزوجين إن أداها كما يجب حققا كمالهما الوظيفي ورفعتهما في الدنيا والآخرة، يقول الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله في كتاب تنوير المومنات: “إن كان الكمال القلبي الإحساني غاية الغايات ومثال ماينبغي أن تعمل المرأة ويعمل الرجل لتلقي عطائه من الله، فإن كمال المرأة الوظيفي وكمال الرجل أبوين مسؤولين مربيين هو غاية مايراد منهما تحقيقه حفظا لفطرة الله، ونشرا لرسالة الله، وخدمة لأمة رسول الله،مايرفع المرأة إلى القداسة إلا أمومتها ومايرفع الرجل إلا أبوته”.
مسؤوليتنا جميعا إعادة مكانة الأسرة وأهميتها ونوليها العناية والرعاية اللازمتين فينشأ لنا جيل يحمل هم دينه ووطنه ويبلغ رسالة آبائه وأجداده!!.