يقول عز وجل في كتابه الكريم: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ صدق الله العظيم. (التوبة، 36).
لكل شهر من الشهور الهجرية معنى مرتبط بالأعمال التي تؤدى فيه، ومنها الأشهر الحرم التي بلغ عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث: “إِنَّ الزَّمانَ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِه يومَ خلقَ اللهُ السمواتِ والأرضَ، وإِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عندَ اللهِ اثْنا عشرَ شهرًا مِنْها أربعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوَالِياتٌ ورَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادَى وشَعْبانَ” (أحكام القرآن، 2/503).
وقد كان لهذه الأشهر عند العرب في الجاهلية عظمة ووقار كبير، فكان يحرم فيها القتال، وجاء الإسلام فأقرهن، وأمر بحرمة القتال فيهن إلا في حالة الرد على عدوان، وضاعف فيهن ثواب الحسنات كما ضاعف إثم السيئات، لذلك ينصح بالإكثار فيهن من الصدقات والتبرعات وأعمال الخير والبر، وتجنب ارتكاب الكبائر والآثام والمعاصي.
وفيما يلي معاني أسماء هاته الأشهر.
1- شهر ذو القعدة: يرجع سبب تسميته بهذا الاسم لكون العرب اشتهروا بالقعود فيه عن القتال والترحال، وكانوا يستعدون فيه لأداء فريضه الحج. وهو الشهر الحادي عشر من السنة الهجرية، والأول من الأشهر الحرم.
2- شهر ذو الحجة: سمي كذلك لأنه شهر الحج الأكبر، فيه يأتي الناس من كل بقاع العالم إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك الحج، فهو شهر ينشغل فيه الناس بأداء فريضة الحج. وهو الشهر الأخير من شهور السنة الهجرية، والشهر الثاني من الأشهر الحرم.
3- شهر محرم: سمي بهذا الاسم لأن العرب قديما كانوا يحرمون فيه القتال، من أجل عودة الحجاج والتجار سالمين إلى ديارهم. وهو الشهر الأول من شهور السنه الهجرية، والثالث من الأشهر الحرم.
4- شهر رجب: مأخوذ في اللغة من رَجَبَ يرجُب، والترجيب التعظيم، وكان العرب قديما يغيرون مواعيد الشهور على حسب حالة الحرب والسلم، إلا قبيلة مضر فلم تكن تغيره بل تجعله في وقته، لذلك كان من أسماء هذا الشهر مضر. وهو الشهر السابع من شهور السنة الهجرية، والرابع من الأشهر الحرم.
وقد خص الله سبحانه وتعالى هذه الأشهر الأربعة بمنزلة عظيمة، فحرم فيهن القتال إلا دفاعا عن النفس، وضاعف فيهن أجر وثواب الطاعات والعمل الصالح، كما ضاعف إثم وعقاب من يخالف أوامره، وأعظم فيهن وزر الظلم، قال سبحانه وتعالى: فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ (التوبة، 36)، قال قتادة: “الظُّلْمُ فِي الأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَعْظَمُ خَطِيئَةً وَوِزْرًا مِنَ الظُّلْمِ فِيمَا سِوَاهَا، وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ فِي كُل حَالٍ عَظِيمًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُعَظِّمُ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ”.
وتتضمن هذه الأشهر العظيمة فرائض وعبادات ليست في غيرها؛ ففيها أيام الحج، والليالي العشر من ذي الحجة، ويوم عرفة، وعيد الأضحى، ويشرع صيام يومي تاسوعاء وعاشوراء من محرم.
فالسعيد من أسعده الله تعالى بالاستزادة من الحسنات والاستكثار من الأعمال الصالحات. وفقنا الله تعالى لأجلّ الأعمال وزوى عنا أقبحها.