الانتخابات في المغرب كما تراها القوى المعارضة

Cover Image for الانتخابات في المغرب كما تراها القوى المعارضة
نشر بتاريخ

تأتي الانتخابات التشريعية والجماعية هذا الموسم في ظل تحولات سياسية واجتماعية متعددة، ويطرح معها السؤال المتكرر: هل الانتخابات عليها رهانات شعبية لتحسين الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمغاربة بما قد تحمله معها من مستجدات في تغيير المؤسسات والمخططات؟ أم أنها مجرد رقم آخر ينضاف إلى عدد الانتخابات التي تم تنظيمها في المغرب المعاصر والتي تفوق 30 محطة انتخابية منذ الاستقلال إلى اليوم؟

فبالرغم من أن جائحة كورونا فعلت فعلتها وأُغلِقت بسببها العديد من المرافق وتأجلت كثير من المناسبات الاجتماعية والسياسية ومنعت مثيلاتها من التجمعات الدينية، إلا أن الدولة المغربية أصرت على تنظيم الانتخابات بما تتطلبه من تجمعات وإجراءات لا يمكن معها احترام البروتوكولات الصحية الوقائية، بل وجمعت بين الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية في يوم واحد، وهو الإصرار الذي يراه عدد من المراقبين “غير بريء” بالنظر إلى أن هذه المؤسسات يتم استعمالها في أحسن الأحوال لتأثيث المشهد الديموقراطي داخليا وتسويقه خارجيا أمام المنتظم الدولي، أما في الحقيقة فإن هذه المؤسسات المنتخبة لا تملك من هامش الصلاحيات إلا الفتات في طاولة الحكم.

    

إذا كانت أصوات معسكر الأحزاب المنخرطة في الانتخابات تتعالى بأكثر مما أوتيت من قوة مع بداية الحملة الانتخابية وتشتد صعودا، فإن معسكر مقاطعة الانتخابات لا يحتاج إلى رفع الصوت عاليا، ذلك أن كل الاستحقاقات الانتخابية التي جرت في العقد الأخير قد شهدت نسبة مقاطعة  مرتفعة ومتنامية. وبالرغم من ذلك فإن الأحزاب المنخرطة تجتهد في الكشف عن طاقاتها وكوادرها وإطلاق وعودها المعتادة في كل استحقاقات وإعلان برامجها الانتخابية التي لن تجد إلى التطبيق طريقا أمام البرامج المسطرة سلفا من قبل الحاكمين الفعليين.

فالمساحة التي تكتسبها الأحزاب المشاركة في هذه اللعبة لا علاقة لها بالصلاحيات السياسية في اتخاذ القرارات المصيرية، أو الحكم الفعلي في حال فوزها، بل إنها تسعى عن سبق معرفة لأن يكون لها موطئ قدم في ساحة الامتيازات المقدمة لها من قبل السلطة الحاكمة، وتحسين مؤشرها في ميزان التوازنات الحزبية، فضلا عن تبويئ كوادرها مناصب مرموقة في عدد من مؤسسات الدولة وتحسين المستوى الاجتماعي لـ “المناضلين“.

ومن أجل ذلك تَحْمَى المنافسة في “ميركاتو انتخابي” يكون فيه الاستقطاب لمن يدفع أكثر، حيث يسعى المتنافسون لاستقطاب الناخبين والمرشحين على حد سواء في تنافس لم يفقد مصداقيته فحسب بالنظر إلى أنه لا يفرز من يحكم بالفعل؛ بل ويكون غير شريف أيضا في كثير من الأحيان بين أكثر من 32 حزبا لنيل حصتهم من أصل 395 مقعدا في البرلمان عبر قوائم حزبية في 92 دائرة انتخابية موزعة عبر التراب الوطني، كما يتنافسون على 32160 من المناصب الجهوية والجماعية، وهي المناصب التي تخول لهم الدخول تحت وصاية أجهزة وزارة الداخلية التي تملك من الصلاحيات الحقيقية وطنيا وجهويا ومحليا ما لا تملكه تلك المجالس المنتخبة.

فقد أضحت هذه الأيام أيام سخرية في منصات التواصل الاجتماعي من انتخابات متحكم في مدخلاتها ومخرجاتها عن طريق قوانينها المنظمة أكثر من آليات تنظيمها، فأصبحت بذلك موسما استعراضيا فاقدا للمعنى إلا ما كان من هدر للمال العام، عن طريق ضخ ميزانيات طائلة في حسابات الأحزاب المشاركة، والإسهام في بيع وهم التغيير الموعود للمواطنين المغلوبين على أمرهم.

لم تكن المكونات المعروفة بمقاطعتها للانتخابات والدعوة إلى مقاطعتها وفي طليعتها جماعة العدل والإحسان وحزب النهج الديموقراطي؛ هي الوحيدة في هذا الموقف بل وقد تصدرت الدعوة إلى المقاطعة صفحات ومجموعات شعبية في وسائل التواصل الاجتماعي، ودعا أيضا إلى المقاطعة مثقفون وشخصيات بارزة كان بعضها إلى الأمس القريب يرى قبسا من النور في الانتخابات قبل أن يفقد الأمل في اللعبة السياسية برمتها لسبب أو لآخر. ومن جهة أخرى فإن حملة “مامصوتينش” أخذت في الانتشار بشكل واسع في وسائل التواصل الاجتماعي ولقيت تجاوبا كبيرا من قبل رواد هذه المواقع.

وقد رأى الأستاذ حسن بناجح الناشط السياسي وعضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، في حديثه مع موقع “الجماعة.نت” أن مشكل الانتخابات المغربية “مشكل بنيوي لأنها انتخابات لا تؤدي إلى إفراز من يحكم”.

لأن من يحكم -يقول بناجح- فوق الانتخابات وهو الملك ومستشاروه وهذا معروف وهم المتحكمون في السياسات العامة بل حتى العمومية، فيبقى للمنتخب هامش ضئيل وضئيل جدا لا يمكن أن يرقى إلى مستوى أن نسميها انتخابات ديمقراطية أو انتخابات تمثل أو تعكس الإرادة الشعبية، بل الأكثر من ذلك يطرح عليها سؤال الجدوى، وإذا ما طرحنا سؤال الجدوى  يضيف المتحدث: “فسنصبح أمام الصورة أو مشهد عبثي يكون فقط مناسبة للريع لإهدار المال العام لبيع وتسويق أوهام إلى الشعب، وإلى إنتاج مؤسسات ليس لها من دور إلا أنها في أدنى درجات التنفيذ لإرادة الاستبداد”.

الأستاذ بوشعيب بلامين عضو اللجنة التحضيرية لحزب الأمة، يرى هو الآخر أن انتخابات شتنبر 2021 “نسخة أخرى منقحة، رديئة ومزيدة عن نظام انتخابي مدروس وفق دستور 2011″، مردفا في تصريح خاص لموقع “الجماعة.نت” أن عناصر هذا النظام الانتخابي “وضعت بدقة لإنتاج خريطة سياسية مبلقنة، لا تسمح لأي حزب بالفوز بالأغلبية وتشكيل حكومة منسجمة. وهو ما يدفع عموم المهتمين والناخبين المحتملين إلى مزيد من الشك في العملية الانتخابية جملة وتفصيلا، والتوجه أكثر إلى مقاطعتها”.

وأوضح بلامين أن هذا التوجه نحو المقاطعة يكرسه تطور حالة عبث في المجال الحزبي بالمغرب. وهذا العبث يقول المتحدث: تترجمه “تعددية حزبية لكن بسياسة واحدة ووحيدة تعبر جوقة الأحزاب المهرولة للمشاركة، إنها جميعا تتبع خارطة طريق وخطا وبرنامجا انتخابيا حدوده مرسومة سلفا ولا مجال للخروج عنه”، معتبرا في دفع آخر “أن جزءا من اليسار الذي له نسبة محترمة من الشعبية يتعرض للتفكك بما يدفع جزءا آخر من الكتلة الناخبة إلى المقاطعة”.

أما الأستاذ معاذ الجحري نائب الكاتب الوطني لحزب النهج الديموقراطي، فقد أكد في حديث له مع موقع “الجماعة.نت” أن الحزب يقاطع هذه الانتخابات لأسباب عدة، أهمها أنها هي وسابقاتها “لا تحل المشاكل الملموسة للشعب المغربي”.

فهي لم تأت بحلول للحراكات الشعبية كحراك الريف وزاكورة وجرادة وأوطاط الحاج وتندرارة وغيرها من المناطق التي عرفت حركات، ولم تحل أيضا مشاكل المعطلين في مناطق متعددة مثل بني تجيت وبني مطهر وامزورن وتالسينت، ولم تحل مشاكل قبائل ولاد موسى في الجنوب الشرقي، كما لم تحل مشاكل الفلاحين الكادحين في أولاد عياد، فضلا عن أنها لم تحل مشاكل الطبقة العاملة الزراعية في شتوكة آيت باها وفي منطقة الغرب، ولم تحل أيضا مشاكل الطبقة العاملة في المنطقة الصناعية في الدار البيضاء وما أدراك ما الدار البيضاء وطنجة والقنيطرة أو في المناطق المسمات بالمناطق “الحرة”. وفق ما قاله المتحدث.

تَدفع حزب النهج الديمقراطي أربعةُ دوافع أساسية لمقاطعة انتخابات يوم 8 شتنبر 2021 الجماعية والبرلمانية كما ذكرها معاذ الحجري في حديثه لموقع الجماعة، من هذه الدوافع أن دستور 2011 “الممنوح” هو الإطار المؤطر لهذه الانتخابات، وهو الذي يخول للملك باعتباره رئيس الدولة الاستحواذ على السلطة والاستئثار بها لأنه منحه صلاحيات أساسية واستراتيجية إلى حد يمكن القول إنه يملك صلاحيات مطلقة، وهذا يجعل من اللعبة السياسية كما تسمى بتعبير الجحري “لعبة مثقوبة” نظرا لهذا الإغلاق ونظرا “لهذا المستوى من الاستبداد والحكم الفردي المطلق”.

وانتقد الحجري ما سماه بـ “الوصاية والتحكم والتسلط والسيطرة المطلقة لوزارة الداخلية” بالنسبة للجماعات تحت يافطة الوصاية، “وهذا أيضا يجعل من اللعبة السياسية لعبة مثقوبة”.

وشدد المتحدث على أن وزارة الداخلية هي أم الوزارات واليد الطولة للمخزن، وهي “معروفة منذ أول انتخابات في الستينات بصنع الخرائط وبتفريخ الأحزاب وبقمع من تود قمعه وباجتثاث من تريد اجتثاثه”، مردفا أنها “تتحكم في إعداد اللوائح التي نعتبرها لوائح فاسدة، وكان بالأحرى الاقتصار على الإدلاء بالبطاقة الوطنية من أجل التصويت ولكن أيضا التقطيع بنفسه تقطيع مخدوم أي أنه مفصل على المقاس لخدمة جهة معينة تريدها وزارة الداخلية”.

ويرى الجحري في العامل الرابع، أن النهج الديمقراطي يضع نفسه ضمن “كتلة ضخمة مكونة من 80 في المائة وهذه الكتلة ليس كما يريد بعضهم أن يسميها مجرد نفور أو عزوف هكذا، لكننا نعتبر أن عموم الجماهير الشعبية تكوَّن لديها نوع من الوعي الحسي بأن هذه الانتخابات لم توضع من أجلهم بل وضعت ضدهم”. معتبرا أن هذه الكتلة ليست لديها انتظارات أو رهانات من هذه الانتخابات.

إذن فالوعي تشكل تاريخيا عند الناس ولا يصح بل من الخطأ -كما يرى ذلك الجحري- الاستخفاف بهذا الوعي واحتقاره، مشددا على أن هذا الوعي الحسي الذي يعتبره لينين بأنه بداية الوعي “علينا نحن تقديره وتطويره لكي يرقى إلى وعي سياسي”.

وبينما رأى الجحري بأن النظام برمته هو المسؤول عن كل المصائب، شدد على أنه “ينبغي تغيير هذا النظام”، وهو ما رآه أيضا “مسؤولية القوى السياسية المنظمة والجذرية باعتبارها المسؤولة عن تطوير وعي الجماهير والرفع منه”.

وفي جوابه عمن يدخل الانتخابات من أجل الإصلاح، شدد المتحدث على أن “الحقيقة التاريخية بينت بأن هذا النظام المخزني غير قابل للإصلاح، وهذا ما أكدته التجربة التاريخية منذ الإصلاحات البسيطة في عهد السلطان الحسن الأول وفي محطات تاريخية أخرى في الاستقلال الشكلي وفي السبعينات وفي التسعينات مع حكومة اليوسفي إلى آخره”.

فبدل أن يتم إصلاح النظام فإن “الحقيقة التي تمت هي أن الأحزاب التي دخلت اللعبة تمخزنت”، وبالتالي فالحل الذي يطرحه نائب الكاتب الوطني للنهج على الشعب المغربي “هو القضاء على المخزن، وهذا الهدف لا يمكن أن يتحقق من خلال الانتخابات وإنما يتحقق بكل تأكيد من خلال النضال الوحدوي في الشارع”.

وشدد أيضا على أن المشاركة الانتخابية لا يمكن أن تندرج ضمن توفير شروط الانتقال الديمقراطي في المغرب، ولا يمكن لهذه الأطروحة أن تكون حقيقية بل هي مظللة. ورد ذلك إلى أنه “لا يمكن تحقيق الانتقال الديمقراطي في ظل نظام المخزن، فالمطلوب أولا إسقاط المخزن وحينها يمكن الحديث عن فترة انتقالية لإرساء الديمقراطية بين قوى التغيير أما القوى المفبركة لا مكان لها في هذا الحقل الجديد”.

وفي تصريحه لموقع الجماعة أكد بوشعيب بلامين أن النوايا الحقيقية للمخزن، يفضحها “استمراره في تكميم الأفواه وطبخ الملفات وقمع الأصوات المعارضة والمخالفة من أصحاب الرأي والصحافيين والحقوقيين”؛ جمعيات وأفرادا ومن ضمنها حزب الأمة الذي تعرض للقمع الممنهج والعنيف من المخزن مرة باعتقال أعضاء من مكتبه الوطني وعلى رأسهم أمينه العام، وأخرى بمنعه من حقه في التجمع وتأسيس إطاره السياسي وفق القوانين المرعية.

وبالرغم من أن عضو اللجنة التحضيرية لحزب الأمة كشف “أننا نمتلك قراءة وتحليلا لواقع الممارسة السياسية والحزبية بالمغرب، وموقفا واعيا ومسؤولا من المشاركة السياسية”، إلا أنه شدد من الناحية الأدبية والسياسية على أنه “لا يمكن التعبير عنه ونحن نعيش حالة المنع”.

وأرجع بلامين حالة المنع هذه إلى جانبين، أولهما “منعنا من حقنا في الوجود القانوني رغم وجودنا كحركة سياسية واجتماعية”، وثانيهما يعود “لطبيعة النظام المخزني الذي يرى في الرأي المخالف عدوّا ونقيضا، مما يجعله يسد في وجهه جميع القنوات والمؤسسات الوطنية التي من حقنا أن نعبر فيها عن موقفنا بكل وضوح ومسؤولية”. وهو وضع مأساوي يطال كل من خالف “جوقة المطبلين” للمشاركة والمتخندقين في قالب ورأي واحد خلف حاكمين فعليين وصفهم بـ “السرّيّين”.

واعتبر المتحدث أن طلبهم تأسيس حزب سياسي “هو تأكيد على رغبتنا وإرادتنا في المشاركة السياسية كجزء من المواطنين الذين لهم الحق في تصور وبناء مجتمع يسوده العدل والمساواة؛ ويتمتع بحقوقه المدنية والاقتصادية والسياسية كاملة في ظل نظام ديمقراطي من أجل بناء دولة قوية متقدمة ذات سيادة واستقلالية عن التبعية والهيمنة لأي قوى خارجية دولية أو إقليمية”.

ورفض المخزن لحقنا هذا كما هو الشأن بالنسبة لقوى وأصوات أخرى ممنوعة؛ يؤكد وفق عضو اللجنة التحضيرية “أن لا شيء تغير، وأن الانتخابات لعبة لتغيير الوجوه والوضعيات وليس تغيرا في طبيعة النظام”.

وخلص بوشعيب بلامين إلى أن المطلوب اليوم من القوى الجادة هو “أن تركز الجهود نحو مقاطعة كل أشكال العبث بالحياة السياسية وبإرادة المغاربة وباختياراتهم في أن تكون لهم مؤسسات تمثلهم حقيقة، لا مؤسسات مصطنعة تمثل عليهم مسرحية يؤدي الشعب عنها ثمنا باهظا في حاله ومآله”.

من جهته يرى حسن بناجح في حديثه لموقع الجماعة أن انتخابات 8 شتنبر 2021 هي انتخابات بنفس أعطاب جميع الانتخابات السابقة، لكن الأعطاب المرافقة والمصاحبة للانتخابات المغربية يضيف المتحدث “ليست كالأعطاب المعروفة في كل الديمقراطيات كالأعطاب المرتبطة بالجوانب التقنية الصرفة أو حتى السياسية من درجة ما هذا كله مقبول في الديمقراطيات وفي التباري الانتخابي، لكن بالنسبة للانتخابات في المغرب فهي تعاني من أعطاب بنيوية”.

وأوضح بناجح أن الانتخابات في المغرب لا تشبه أي انتخابات، “إذ لا علاقة لها بالمخرج المفترض في كل الانتخابات وهو إفراز من يحكم، وإنتاج مؤسسات نابعة من الإرادة الشعبية وتكون لها سلطة على السياسة وعلى الاقتصاد وعلى الثروة بما ينسجم ويتجاوب مع الإرادة الشعبية التي أفرزتها، ثم تكون الانتخابات الأخرى القادمة فرصة ومناسبة للمحاسبة على طريقة إدارة هذه المؤسسات، وهذا هو المفتقد”.

وذهب بناجح إلى أن الانتخابات في المغرب على مدار جميع المحطات الانتخابية التي مرت “تسير في منحنى تنازلي بشكل كبير، سواء من حيث وظائفها أو من حيث الإقبال عليها أو حتى من حيث رهان المخزن عليها”.

فمن حيث وظائفها يقول المتحدث إن جميع الشعارات التي رفعت في الانتخابات السابقة مع التلون أو مع التغيير في الألوان السياسية المتصدرة للمشهد هذه الشعارات سقطت. مبرزا أن الشعار الذي رفع منذ 2011 إلى الآن والذي خرج الشعب من أجله وبنى عليه رهانه وهو محاربة الاستبداد والفساد تحديدا “ثبت على أن هذا وهم آخر سقط، وهو أنه لا يمكن لمن تفرزه الانتخابات على الشاكلة المغربية أن يكون مساهما في محاربة الفساد، والفساد زاد استشراء بل أكثر من ذلك أصبح التطبيع واضحا مع كل أشكاله”.

أما من حيث الإقبال عليها يضيف بناجح: “فكما نلاحظ أن الانتخابات محطة إثر محطة تعرف عزوفا واسعا، لأن كل محطة من الانتخابات يبقى جزء من الشعب له بعض الرهان بنية حسنة على التمسك بآخر أمل، لكن محطة بعد محطة يتلاشى هذا الأمل بسقوط الشعارات المرفوعة وبفشل ما تفرزه هذه الانتخابات في أدني ما يمكن أن يتطلع إليه الشعب سواء في الشعارات الكبيرة مثل محاربة الاستبداد والفساد أو استقلال المؤسسات واستقلال القضاء إلى غير ذلك هذا كله أصبح في حكم العدم”.

لكن حتى المصالح البسيطة المتعلقة بالشعب، يقول عنها المتحدث إنها وصلت إلى درجة “لم نبق فيها فقط في مستوى أن الحكومات أو ما تفرزه الانتخابات غير قادرة على التلبية، بل أكثر من ذلك أصبحت تهجم بشكل شرس على جيوب الشعب، وأصبحت تعالج قضايا الأزمات والفساد من خلال المزيد من إثقال كاهل الفئات الشعبية بقرارات وبمخططات خطيرة جدا تستهدف مستوى العيش المتضرر أصلا”.

وزاد بناجح موضحا أن كل الفئات الآن أصبحت متضررة حتى الطبقة المتوسطة التي كانت ما تزال تعيش بعض الاستقرار، “الآن أصبحت تجد عنتا في إدراك مستوى مستقر من المعيشة بسبب كل السياسات المتلاحقة التي عوض أنها تتجه إلى مصدر الإشكال وهو زواج السلطة بالثروة وغياب الشفافية والمحاسبة واستشراء الريع إلا أنها تحل المشاكل من خلال جيوب الشعب”، مثل التضريب، وملفات التقاعد، والزيادات والتخلي عن المواد الأساسية إلى آخره دون إيجاد بدائل، وهذا ينعكس الآن في مستوى البطالة الخطير ومستوى الفقر في درجات واسعة وعالية.

واعتبر بناجح أن “الانتخابات كانت دائما تعتبر محطات تجديد الأوراق التي يمكن أن يشتغل بها المخزن ويعتبرها واقيات من صدمات الشارع ومن مواجهة الشعب”، مردفا أن كل الأوراق الآن احترقت، ويمكن اعتبار هذه انتخابات بأنها “بلا أوراق لأن كل الأوراق بمفهومها المادي والرمزي احترقت”.