تشتد الضغوط والأزمات على الأمة الإسلامية، شرقا وغربا، في عالم متحول تهيمن عليه قوى غربية مستكبرة، مستحوذة على الثروات، مستنزفة للطاقات والإمكانيات، جالبة بخيلها ورجلها على شعوب العالم المستضعف، بأنواع شتى من النهب والتخريب والقتل المادي والمعنوي.
وفي العراق وسوريا وليبيا وكشمير وأفغانستان مثلات وعبر !
أمتنا الإسلامية تحتاج إلى من يشد أزرها، ويحرر طاقاتها، ويجمع قواها على أهداف وغايات موحدة، بدءا من تحرير الإنسان من قبضة الحضارة الاستهلاكية: أن يعرف الإنسان ربه، ويتوب إليه. وهو أسمى حق من حقوق الإنسان !
ثم إقامة العدل بين الناس، وإنصاف المستضعفين، وصولا إلى تأسيس دولة قوية عازمة تحت راية القرآن.
فهل يكون إصلاح حقيقي لأحوال شعوبنا المسلمة، اليوم وغدا، دون ترسيخ معاني التوبة والإنابة والذكر والشكر؟ وهل ثمة صلة وثيقة بين التوبة والتغيير الشامل بأبعاده الاجتماعية والسياسية والثقافية؟
التوبة رجوع إلى الله
قال الله تعالى: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (المائدة – الآية 39) وقال عز وجل: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (النساء – الآية 17).
في القاموس المحيط: ”تابَ إلى اللَّه تَوْباً وتَوْبَةً ومَتاباً وتابَةً وتَتْوِبَةً: رَجَعَ عن المَعْصيَة، وهو تائِبٌ وتَوَّابٌ.
وتابَ الله عليه: وفَّقَه للتَّوبةِ، أو رجَعَ به من التَّشْدِيد إلى التَّخْفيفِ، أو رَجَعَ عليه بِفَضْلِهِ وقبوله، وهو تَوَّابٌ على عبادِه” 1.
التوبة حركة باطنية وعمل قلبي موجه إلى كبح جماح النفس، وتقييد أهوائها، طلبا لرضى الله عز وجل وطمعا في مغفرته ورحمته وفضله. و”التوبة عندنا رحمة. التوبة رجوع صادق إلى الحق. التوبة طهارة. التوبة وضوء وصلاة وقرآن وطاعات وأعمال صالحات” 2.
إن للتوبة معنى متدرجا في درجات متفاوتة، و”إن رجوع الإنسان على نفسه يشد خناقها ويحاسبها ويردها عن غيها وماضي غفلتها وعصيانها لهو معركة قَلّ مَن يقودها إلى نهاياتها منفردا” 3.
ولئن كان الإنسان في حاجة ماسة إلى مراجعة نفسه ومحاسبتها ومقاومة طغيانها، يوما بعد يوم، فإن ذلك الرجوع وهذه المراجعة المستمرة لهما مما يوطد عزم التائب على السير إلى الله تعالى، والتقرب إليه بالفرض والنفل.
(…)
تتمة المقال على موقع ياسين.نت.