رسخ في الذهن العربي أن الشعب الأمريكي مجتمع استهلاكي بامتياز، لا يعير أهمية لما يجري حوله في العالم، ولا يهتم بالقضايا السياسية، وأن الأرض العربية تصدر الإرهاب للغرب، وأن المقاومة حركة إرهابية، وكل من انخرط في مناصرتها معادي للسامية…
مقولة يمكن إسقاطها على أجيال الماضي من الأمريكيين، لكن جيل الألفية الثالثة، جاء ليصحح هذه المقولة من خلال تعبيره عن رفضه لقرارات إدارة البيت الأبيض، الذي تفاجأ بدوره من المواقف الطلابية الرافضة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
صدمة في واشنطن وقلق في تل أبيب من احتجاجات طلاب الجامعات الأمريكية الرافضة لاستمرار العدوان على غزة وما يعنيه من تغير الرأي العام العالمي تجاه الكيان الصهيوني.
البيت الأبيض يقود جهودا مكثفة لشيطنة الحراك الطلابي بوصفه بالمعادي للسامية ويستهدف الطلاب اليهود. محاولات الشيطنة شارك فيها سياسيون ومؤسسات إعلامية أمريكية وصفوا الطلاب المتظاهرين بأنهم داعمين للإرهاب، فيما اتجه رجال أعمال لوقف تمويلهم لجامعات تشهد احتجاجات للضغط على إدارة هذه الجامعات للوقوف في وجه الطلاب. إدارة بايدن هددت بالاستعانة بالحرس الوطني لفض اعتصامات الطلاب التي أصابت الصهاينة بحالة شديدة من الرعب لما تمثله هذه الجامعات المرموقة من دور هام في تشكيل وصناعة النخبة السياسية التي تحكم أمريكا مستقبلا.
الحراك الطلابي واجه محاولات الشيطنة عبر تكثيف فعالياته وإظهار المشاركة الفعالة للطلاب اليهودي الرافضين لجرائم الاحتلال، فضلا عن محاولة توحيد الجهود الطلابية في عدد من الجامعات الأمريكية، والاتفاق على مطالب واضحة لهذا الحراك الذي زاد أنصاره بعد محاولات السلطات الأمريكية قمعه.
درس كبير تلقنه الحركة الطلابية من الحرم الجامعي للإدارة الأمريكية بأن الإرادة الشعبية العالمية تنتصر على الإدارة الاستكبارية الغربية المتحكمة في الحكام العرب والمستنزفة للثروات البشرية والطبيعية.
بذلك اتخذت القضية الفلسطينية بعدا إنسانيا باتساع دائرة التعاطف الشعبي الكبير وانخراط الشباب العالمي في نصرة مستضعفي غزة الذين يتعرضون لمختلف أشكال التنكيل والعقاب الجماعي.