وقع بين يدي مؤخرا صفحات بعنوان”حق الرعاة على الرعية” وهي جزء من كتاب” المورد العذب الزلال فيما انتقد على بعض المناهج الدعوية من العقائد والأعمال” لصاحبه الشيخ أحمد النجمي رحمه الله، وتحتوي على أحد عشر حديثا منتخبة من كتاب الإمارة في صحيح مسلم توجب وتلزم في ظاهرها طاعة الحكام، بل وتحرم في نظر موردها الخروج عنهم كما صرح بذلك في تصديره لهذه الأحاديث، وذيلها بعشرة أحكام استنبطها منها كلها تصب في هذا السياق، وما أكثر مثل هذا الخطاب خاصة في هذه الظرفية، حتى قال لي واحد حالفا لو كان حكامنا ظالمين ما أبقاهم الله في الحكم كل هذه المدة الطويلة، ولم ينتبه إلى قوله تعالى: “أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لاَّ يَشْعُرُونَ (56)” وقوله تعالى” أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ (206) مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ) 207)” ولله در سيدنا عمر بن عبد العزيز إذ كان يقرأ هذه الآية كلما أصبح، وهو من هو في العدل والورع.
وما أن قرأت الصفحات حتى تساءلت: وأين حق الرعية على الرعاة؟ وددت أن جمع الكاتب بين الحقين، ثم أي ولاة أمر تقصد هذه الأحاديث؟ وما شرط وجوب طاعتهم وحرمة عصيانهم؟ وهل هذه الأحاديث تشريع من رسول الله صلى الله عليه وسلم لظلم الحكام وإذلال المحكومين؟، إلى غير هذا من الأسئلة التي يمكن جردها.
في مستهل الإجابة عن هذه الأسئلة أسوق حديثين من جملة الأحاديث التي سردها الرجل رحمه الله:
عَنْ أَبِى سَلاَّمٍ قَالَ قَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا بِشَرٍّ فَجَاءَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَنَحْنُ فِيهِ فَهَلْ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ نَعَمْ. قُلْتُ هَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الشَّرِّ خَيْرٌ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ فَهَلْ وَرَاءَ ذَلِكَ الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ « نَعَمْ ». قُلْتُ كَيْفَ قَالَ « يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَّةٌ لاَ يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ ». قَالَ قُلْتُ كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ قَالَ « تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ».
وعن عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الأَشْجَعِىَّ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ ». قَالُوا قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ قَالَ « لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ، لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ، أَلاَ مَنْ ولى عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِى شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِى مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلاَ يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ».
بعد هذا أقول: إن ولاة الأمر المقصودين في أحاديث الطاعة هم الرعاة الذين اختارتهم الرعية بإرادتها الحرة، لا المفروضون عليها بالوراثة والإكراه أو الانتخابات المزورة، إن هذه الأحاديث وإن صحت يمكن أن تصدق في أمثال سيدنا معاوية الصحابي الجليل، والمعتصم وهارون الرشيد أبو جعفر المنصور العباسيين ، فسِيَر هؤلاء وإن كان فيها جور وظلم وترف، فإنها لم تخل من مشاهد دالة على دفاعهم عن حوزة الإسلام، إذ كانت لهم فتوحات وعلوم، ونداء استغاثة من امرأة من الرعية لقي استجابة فورية وقوية، كما أنهم لم يُشِيعوا في المسلمين ميوعة و لا سفورا ولا فجورا.
إن هذه الأحاديث وإن صحت يلزم وضعها في سياقها، فجل أحاديث الإمارة سياقها الجهاد والمغازي، ولا يعقل أن يغزو جيش من دون أمير يوجه ويقود، فلما وجد وجب طاعته، حتى سقط الحد عنه إن اقترف ما يوجبه وقت الغزو، فهذا سياقها يؤكده اتفاق المسلمين على عدم توصية رسول الله بالإمامة العظمى لأحد ولا اقترح لها أحدا، تاركا الأمة أمام قوله تعالى” وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ” .
ثم إن الصنفين معا ـ إن تجاوزنا شرعية الصنف الثاني ـ شرط طاعتهم ألا يفارقوا القرآن وألا يضيعوا السنة، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صرح بالشرط فقال:” ما أقاموا الدين” ، وفي الحديث أعلاه” مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ”، إذن الاختيار وإقامة الصلاة والعدل بين الرعية، والتعليم والتشغيل والتطبيب والإسكان، وتخليق الحياة العامة كلها حقوق للرعية على الرعاة، لكن واقع حكامنا عكس هذا تماما، فقد فارقوا القرآن كما أخبر المخبر الأمين عليه السلام ، وضيعوا السنة، وهدموا الدين باسم الدين، بل يصدون العباد عن سبيل الله بفتح الباب على مصراعيه لكل أنواع الفساد، عري، سكر وزنا علنِيَيْين، ونهب فاحش للأموال، وشراء للذمم، وتفقير وتجهيل،إكراه،و…..و….، و….، والله يقول:” أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ” ، فهم ما ضربوا ظهورنا وأخذوا أموالنا فحسب، وإنما فتنونا في ديننا وأفسدوه علينا بما ذكرت.
إن من يسوق أحاديث الطاعة للرعاة معريا إياها عن سياقها وفقهها لهو يُسهم بقصد أو بغير قصد في تنويم الأمة وزيادتها ذلا ومهانة، ويعبِّد الطريق للظالمين من الحكام والجائرين ليزدادوا جورا واستعبادا للعباد، وكأن البلاد التي يحكمونها ضيعات والرعية قطعان، شعارهم ولسان حالهم” مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ ” وإذا قام غيور أو غيورون ينصحونهم أو يعلنون رفضهم للطريقة التي يسوسون بها العباد والبلاد ردوا بقول فرعون ” ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ” ، وكأنهم هم المصلحون، ” أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ” حتى ما بقي لنا إلا أن نسمع منهم” مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي ” وهذا شأن المتسلطين والمستبدين، وإلا فما أخالني يبلغ الأمر بحاكم اختاره قوم أن يفقرهم ويجهلهم ويسترقهم بل ويقتلهم.
ثم إني أتساءل: إن كان رأي من يرى وجوب الطاعة المطلقة للحكام وحرمة الخروج عليهم وإن جاروا وفسقوا هو الرأي السديد، وأن عصيانهم فتنة وشر، ومن مات على ذلك مات ميتة جاهلية، فهل يصح أن نقول إن سادتنا أهل المدينة الذين شقوا عصا الطاعة عن يزيد بن معاوية وقتله إياهم وافتضاض جنوده لعذاريهم كرد فعل منه في موقعة الحرة الشهيرة الشاهدة على طغيان يزيد واستكباره، وسيدنا سعيد بن جبير وغيره ممن قتلهم الطاغية الحجاج، وآخرون من بعدهم إلى زماننا هذا، أكل هؤلاء ماتوا ميتة جاهلية؟ كلا، إنما هي سنة التدافع بين الحق والباطل الماضية إلى يوم الدين.
ثم هل خفيت هذه الأحاديث عن الأئمة الأربعة الذين يفتون صراحة أو تعريضا بجوازـ إن لم أقل بوجوب ـ الخروج على الظالمين والمفسدين من الحكام؟ اقرأوا سِيَرهم تعرفوا الخبر، رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قال إنْ كَانَ الْإِمَامُ مِثْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَجَبَ عَلَى النَّاسِ الذَّبُّ عَنْهُ وَالْقِتَالُ مَعَهُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا، دَعْهُ وَمَا يُرَادُ مِنْهُ، يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْ الظَّالِمِ بِظَالِمٍ، ثُمَّ يَنْتَقِمُ مِنْ كِلَيْهِمَا ، فافهم أنت أيها القارئ.
فيا من يمنع ويحذر من الاحتجاج على ظلم ولاة الأمور وجورهم، ويعتبر ذلك فتنة يحرمها الشرع، للتعذيب والتقتيل والتشريد الذي يرد به الحكام على من عارضهم، هذه فتنة الدنيا، أفنقدمها على فتنة الدين التي أصبنا بها أيضا؟ أفنتقي فتنة الدنيا بفتنة الدين؟ هذا لا يقول به عاقل، فإن من موجبات الجهاد أن يهدد الدين، وديننا في مهب الريح بسبب سياسة الإفساد التي ينهجها ولاة أمورنا كما أسلفت أعلاه، ديننا ليس مهددا بل مهدما، فوجب الجهاد جهاد الكلمة الصادعة بالحق الرافضة علنا لا خفية للظلم والظالمين.
ألا فاتقوا الله يا من تؤصلون بالكتاب والسنة للظالمين والجائرين والمترفين والعابثين في صورة الحق الذي أحق أن يتبع، ” وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاء لِلَّهِ ” ، أين يذهب بكم قوله تعالى” وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ” وانظروا إلى هذا الأثر:” عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَتَبَتْ عَائِشَةُ إلَى مُعَاوِيَةَ: أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّهُ مَنْ يَعْمَلْ بِسَخَطِ اللهِ يُعَدُّ حَامِدُهُ مِنَ النَّاسِ ذَامًّا” ، فهلا نبهتم الرعاة إلى منزلات سخط الله ونقمته ولعنته من عري فاحش ومهرجانات ماجنة ونهب جامح لأموال الأمة، فبم لعن بنو إسرائيل؟ ” كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ” ، وأين نذهب بقول رسول الله في حديث السفينة أو سفينة المجتمع بتعبير الشيخ محمد علي الصابوني” فإن تركوهم وما أرادوا، هلكوا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا جميعا”.
كونوا على الأقل كأمثال بعض الصحابة وغيرهم من السلف، سكتوا عن قول الحق، وكانوا أحلاس بيوتهم، وما قالوا باطلا ولا دافعوا عنه.
قبل الختام هذه أحاديث نطق بها من لا ينطق عن الهوى في شأن الإمامة العظمى تدل دلالة جلى على ثقل وعظم مسؤولية ولاة الأمور في حق الرعية، كما تظهر سقوط الطاعة عن الرعية لهم إن هم جاروا وطغوا، مثلما نطق بأحاديث تلزم طاعتهم رغم فسقهم وجورهم، حتى نفهم عنه صلى الله عليه وسلم متى نُعمل أحاديث الطاعة ومتى نُعمل أحاديث شق عصاها، وحتى ـ على الأقل ـ لا يلزم أحد أحدا برأي واحد، ويزعم أن الرأي المخالف مردود.
ـ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ .
ـ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ قَالَ أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ شَيْءٍ فَقَالَتْ مِمَّنْ أَنْتَ فَقُلْتُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَقَالَتْ كَيْفَ كَانَ صَاحِبُكُمْ لَكُمْ فِي غَزَاتِكُمْ هَذِهِ فَقَالَ مَا نَقَمْنَا مِنْهُ شَيْئًا إِنْ كَانَ لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا الْبَعِيرُ فَيُعْطِيهِ الْبَعِيرَ وَالْعَبْدُ فَيُعْطِيهِ الْعَبْدَ وَيَحْتَاجُ إِلَى النَّفَقَةِ فَيُعْطِيهِ النَّفَقَةَ فَقَالَتْ أَمَا إِنَّهُ لَا يَمْنَعُنِي الَّذِي فَعَلَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخِي أَنْ أُخْبِرَكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ.
ـ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ الْمُزَنِيَّ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ مَعْقِلٌ إِنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إِلَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ .
ـ عن قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله سائل كل راع عما استرعاه: أحفظ أم ضيع حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ” .
ـ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم قال: خُذُوا الْعَطَاءَ مَا دَامَ عَطَاءً، فَإِذَا صَارَ رِشْوَةً عَلَى الدِّينِ فَلاَ تَأْخُذُوهُ، وَلَسْتُمْ بِتَارِكِيهِ يَمْنَعُكُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَخَافَةُ وَالْفَقْرُ، أَلاَ وَإِنَّ رَحَا الإِِيمَانِ دَائِرَةٌ، فَدُورُوا مَعَ الْكِتَابِ حَيْثُ يَدُورُ، أَلاَ وَإِنَّ السُّلْطَانَ وَالْكِتَابَ سَيَفْتَرِقَانِ، أَلاَ فَلاَ تُفَارِقُوا الْكِتَابَ، أَلاَ إِنَّهُ سَيَكُونُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ، إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ أَضَلُّوكُمْ، وَإِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ قَتَلُوكُمْ قَالُوا : كَيْفَ نَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: كَمَا صَنَعَ أَصْحَابُ عيسى ابن مريم حُمِلُوا عَلَى الْخَشَبِ، وَنُشِرُوا بِالْمَنَاشِيرِ، مَوْتٌ فِي طَاعَةِ اللهِ خَيرٌ مِنْ حَيَاةٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ.
ومن الشواهد على وجوب نصح ولاة الأمور وعدم السكوت عن جورهم وغيهم خشية نقمتهم الحديث الآتي:
ـ عن عطاء عن جابر رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب و رجل قام إلى إمام جائر فأمره و نهاه فقتله”.
وغير هذه الأحاديث كثير، وفي ما ذكر الغنية، إذ العبرة بالمعنى لا بالسرد، فرحم الله كل ناصح مخلص، وتحية لكل داع إلى التحرر من الاستعباد صادق في دعواه، لا يدعو إلى عصبية ولا إلى قومية، فاللهم بارك جهود العاملين لتحرير المستضعفين، ومكن لهم في الارض، واقطع دابر من لم تسبق له منك هداية من الظالمين والمعتدين. آمين يا نعم المولى ونعم النصير.
المراجع:
1سورة المومنون.
2سورة الشعراء
3سورة الشورى الآية 38
4صحيح البخاري كتاب المناقب باب مناقب قريش الحديث رقم3239.
5أنظر الحديث ما قبل الأخير من هذا المقال.
6سورة هود الآيتين 18و19.
7سورة غافر الآية29.
8نفس السورة الآية26.
9سورة البقرة الآية 12.
10غافر الآية38.
11شرح العلامة الخرشي لمختصر خليل باب البغي وما يتعلق به. ج23ص83
12سورة الحج.
13سورة هود الآية113.
14مصنف ابن أبي شيبة بتحقيق محمد عوامة ج11،ص123
15سورة المائدة الآية 79.
16صحيح مسلم كتاب الإمارة بَاب فَضِيلَةِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ وَعُقُوبَةِ الْجَائِرِ وَالْحَثِّ عَلَى الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ وَالنَّهْيِ عَنْ إِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ.
17صحيح مسلم كتاب الإمارة بَاب فَضِيلَةِ الْإِمَامِ الْعَادِلِ وَعُقُوبَةِ الْجَائِرِ وَالْحَثِّ عَلَى الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ وَالنَّهْيِ عَنْ إِدْخَالِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ.
18نفسه.
19رجاله رجال الشيخين وهو مرسل كما قال المحقق شعيب الأرناؤوط لصحيح ابن حبان.
20رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ الحافظ الحجة أبو جعفر البغوي البغدادي، وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، نقلا عن أبي بكر البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة.
21المستدرك على الصحيحين لأبي عبد الله الحاكم باب ذكر إسلام حمزة، قال رحمه الله معلقا على الحديث: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الشيخ الألباني رحمه الله حسن. أنظر صحيح وضعيف الجامع الصغير.