الرياضة هدي نبوي

Cover Image for الرياضة هدي نبوي
نشر بتاريخ

الرياضة لماذا؟

الرياضة سلوك وأخلاق قبل أن تكون مجرد تحريك للعضلات. من أهدافها إعداد جيل مسلم قوي منيع ضد الأمراض وقادر على تحمل مسؤولية الخلافة في الأرض. فقد امتدح الله سبحانه الملك طالوت الذي جمع بين قوة الجسد وقوة العلم فتمكن من تحمل المصاعب قال تعالى: إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم 1 وللرياضة أهمية كبرى في حياة الفرد السليم والمريض على السواء. فالأول يحتاجها للمحافظة على صحته، والثاني تساعده على التماثل للشفاء وذلك بإتباع برنامج رياضي منتظم. كما أن حفظ النفس من الضرورات الخمس التي أمر الشرع الحكيم بالمحافظة عليها. ومن حفظ النفس حفظها من الأمراض والعلل، والرياضة من الوسائل الوقائية التي اعتمدها الإسلام في ذلك، ﻔحفظ النفس جاء في الترتيب بعد حفظ الدين ومعنى هذا أنه في خدمته والدين لا يستقيم إلا ﺑجسم معافى وسليم.

الرياضة وصية نبوية

أجل فقد أوصى بها نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم في أحاديثه على الرغم من عدم وجود بحارأوأنهارفي مكة والمدينة أو حولهما، فعن أبي رافع رضي الله عنه قال قلت:يارسول الله للولد علينا حق كحقنا عليهم؟! )قال:“نعم. حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة والسباحة والرمي وان يورثه طيباً” 2 وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:“كل شيء ليس من ذكر الله فهو سهو ولهو إلا أربعاً: مشي الرجل بين الغرضين، وتأديبه لفرسه، وتعلمه السباحة، وملاعبته لأهله”وقد حفظ الصحابة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل..)وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :“المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف “ 3 ولا شك أن المقصود هنا القوة بمعناها الواسع:قوة الهمة والإرادة والشخصية ومعها القوة الجسدية الضرورية للقيام بمتطلبات العبادة والجهاد والسعي لإقامة العدل وما يتطلبه ذلك من خدمة الناس والسعي في مصالحهم.هذه القوة مرتبطة بالرياضة ارتباطا وثيقا حيث أن هذه الأخيرة تؤدي إلى قوة البنية الجسمية المترتبة على الزيادة في القوة العضلية والتحمل وتقوية المفاصل والعضلات والعظام. كما تقوي نبضات القلب وبالتالي تكثر من تدفق الدم الغني بالأكسجين إلى جميع أعضاء الجسم وتزيد في تنمية الشرايين التي تغدي القلب.كماأن الجهاز التنفسي يستفيد هو الآخر من الرياضة بحيث تتنمى كفاءاته. أما مناعة الجسم فتصبح قوية، وبالتالي يستطيع الجسم مقاومة الأمراض المعدية.

العبادات رياضة

تبنى الإسلام حتى في صلب عباداته ما يشجع على تحقيق أفضل مزاولة للتربية البدنية. فالمسلم حينما يزاول ما شرعه الله من صلاة وحج وعمرة يقوم بحركات رياضية جد متطورة ومتوازنة، وهنا يتجلى لنا الإعجاز الطبي في القران الكريم والسنة. فالصلاة على أكمل وجه بتأن تضمن للمؤمن الواعي تحريك جميع عضلات الجسم ومفاصله في فترة وجيزة، وهي حركات تعتبر من أفضل الرياضات لجميع الأعمار لدرجة أنه لا يستطيع أي خبير من خبراء التدريب الرياضي أن يضع لنا تمرينا واحدا يناسب جميع الأفراد. كما أن المؤمن أثناء مناسك الحج والعمرة يقوم برحلة رياضية كاملة من مشي وهرولة أثناء الطواف والسعي.

الرياضة سلوك نبوي

في السنّة الفعلية نجد أن نبينا عليه الصلاة والسلام كان يشجّع كلّ ما من شأنه تقوية الأجساد وإعداد العدّة للجهاد، فسابق بين الخيل المضمّرة والخيل التي لم تضمّر، وسابق أمنا عائشة رضي الله عنها فسبقته، ثم سابقها ثانية فسبقها وقال: (هذه بتلك)، وتصارع -بين يديه- الحسن والحسين فجعل يقول: (إيه حسن).

كما حث عليه الصلاة والسلام على رياضة “المشي السريع”. فالمسلم عندما يمشي إلى المسجد خمس مرات يؤجر على ذلك ويكتسب لياقة بدنية عالية وقوة تتمثل خاصة في الوقاية من أمراض القلب والشرايين وداء السكري وذلك بتخلصه من الدهنيات السيئة وبالتالي النقص في الوزن (عاملان أساسيان لكثير من أمراض الشرايين والقلب ). وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرع الناس مشية وأحسنها وأسكنها.

نجد كذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أول من علم أصحابه أصول التربية البدنية الحديثة حينما اشتكى إليه قوم التعب من المشي، فأوصاهم بمزاولة ” النسلان” وهورياضة الجري الخفيف فأحسوا بتحسن كبير. هذا التعب راجع إلى إفراز الحمض اللبني في أنسجة العضلات، مما يتسبب في ظهور آلام في العضلات لكن بعد ممارسة الجري الخفيف يتم تحلل هذا الحمض وتسربه إلى الشرايين ثم التخلص منه، وهذا ما نراه تطبيقا خلال المنافسات الرياضية المعاصرة -مظهر آخر من مظاهرالإعجاز الطبي في القران والسنة النبوية. هذه التربية البدنية الحديثة دخلت فروع الطب وأصبحت تمارس باسم “الطب الرياضي” وهو اختصاص طبي حديث من أهم مبادئه : الوقاية قبل العلاج من الأمراض الناتجة عن الحركات الرياضية غير المنتظمة. وهو يبحث كذلك في الخصائص الغريزية لكل شخص ومدى تأثير التداريب البدنية على أعضاء جسمه ومدى قدرة التحمل عنده واختيار أفضل أنواع الرياضات التي تناسب إمكانيات الفرد الجسمية.

مخاطر الكسل

أما المخاطر الصحية للكسل والخمول فتتمثل خاصة :

– في التخلي عن إتباع هديه صلى الله عليه وسلم.

– الاتكال على الآخرين.

– كثرة التعب لأقل مجهود وبالتالي عدم الصبر والإرهاق السريع والقلق والتوتر ومايليها من عواقب وخيمة على جسم الإنسان. ( خاصة منها ظهور أمراض الرفاهية في سن مبكرة : السكري وارتفاع الضغط وأمراض القلب والشرايين والسمنة ومضاعفاتها الخطيرة على الصحة).

– يترتب على الخمول أيضا : قلة الوعي والبلادة وهشاشة العظام وتيبس المفاصل وآلامها المزمنة، وبالتالي ظهور الشيخوخة المبكرة، وهي صفات لا تليق بأبناء أمة هم حملة رسالة النور والحياة للعالمين.

قبل البدء في ممارسة الرياضة

على كل ممارس جديد أن يكون على علم ببعض التوجيهات الهامة قبل مزاولة أي نشاط رياضي خاصة رياضات المنافسات. فمن الواجب القيام بفحص طبي سريري مع التخطيط القلبي وذلك لتشخيص مبكر لبعض الاضطرابات القلبية التي غالبا ما تتطور سلبا أثناء النشاط الرياضي إذا لم تتم معالجتها.

وختاما نقول إن الرياضة تربية وترويض لهذا الجسد الذي أنعم الله عز وجل به على الإنسان حتى يكون في خدمة الروح لتخف لطلب الإحسان بدل أن تثاقل إلى الأرض، وهي وسيلة ننشد بها كسب قوة تعيننا على تحقيق العدل في الأرض والعمل على تبليغ رحمة الإسلام ونور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للعالمين.


[1] البقرة الآية247.
[2] صحيح مسلم
[3] رواه مسلم في صحيحه