ذ. عبادي: الفتوة ليست مرحلة عمرية تنتهي إنما هي جمع خصال الخير ومكارم الأخلاق

Cover Image for ذ. عبادي: الفتوة ليست مرحلة عمرية تنتهي إنما هي جمع خصال الخير ومكارم الأخلاق
نشر بتاريخ

أكد الأستاذ محمد عبادي الأمين العام لجماعة العدل والإحسان أن الفتوة هي ‏جمع الخير ومن اتصف بها “فقد جمع الله تعالى له الخير كله”. موضحا أن الفتوة ليست هي مرحلة من العمر يعيشها الإنسان ثم تنتهي إنما هي مكارم الأخلاق.

الفتوة في الدعوة “هم وهمة واهتمام”

الأستاذ عبادي في كلمته الجامعة يوم أمس السبت ضمن نصيحة الوفاء بمناسبة الذكرى 12 لرحيل الإمام عبد السلام ياسين، أشار إلى أن الإنسان قد يشيب رأسه ويشتعل شيبًا وهو يعيش معاني الفتوة بكاملها كما في ‏الحديث الشريف: “يشيب ابن آدم ويشب معه خصلتان: الحرص وطول الأمل”.

فإذا كان كل إنسان تشبّ معه صفات، ومن بينها ‏الحرص على المال وطول الأمل وطول البقاء في هذه الدنيا. فالمؤمن يقول المتحدث، “أولى وأحرى أن تشب معه خصال الخير كلها: يزداد حرصًا على كل خير، ويقينًا في الله ‏سبحانه وتعالى عز وجل”. ومن بين هذه الصفات، الفتوة وهي الجامعة لمكارم الأخلاق.

ومن معاني الفتوة في الدعوة يضيف الأستاذ عبادي أنها “هم وهمة واهتمام” كما يقول بعض الدعاة، والهمة هي همٌ يسكن القلب، واهتمامٌ يدفع للعمل، وإرادةٌ للسعي نحو معالي الأمور. وتابع “الهمة التي نتحدث عنها هي علو الهمة ومعاليها. هي ألا يرضى الإنسان بغير الله سبحانه وتعالى مقصدًا وغاية وهذا ما كان عليه الصالحون”.

الناس يتفاوتون في هممهم “وعلى قدر همتك تعطى”

ولفت فضيلة الأمين العام إلى أن الناس يتفاوتون في هممهم، والله تعالى يجازي عباده على قدر هممهم، وأورد في حديثه هنا قول أهل الله: “على قدر همتك تُعطى، على قدر نيتك تُعطى، على قدر احتياجك تعطى، على قدر افتقارك تُعطى”.

فمن أين نكتسب هذه الهمة؟ يتساءل المتحدث قبل تأكيده أنه “لا مجال لاكتسابها إلا بمصاحبة أهلها”، موضحا أن أهمية دراسة سيرة الصحابة والأولياء والصالحين، كما هو شأن سيرة سيدنا مصعب بن عمير، التي جاءت ضمن هذا المجلس هي من أجل اكتساب هذه الهمة العالية وللاتعاظ فيقول كل واحد لنفسه كما قال ‏سيدي عبد السلام رحمه الله: انظري أيتها النفس إلى ما قام به هؤلاء. ماذا قدمت أنت لآخرتك؟ يا خسيسة لقد سبقك الرجال، والرجولة لا تعني الذكورة. فيتشجع الإنسان لاقتفاء أثر هؤلاء.

قوة الحق تقضي على حق القوة

الفتوة همة وقوة، أي قوة الحق يؤكد الأستاذ عبادي، ثم يتساءل من أين نكتسب هذه القوة؟ فيجيب: “عندما يتصف الإنسان بحقيقته، وهي الضعف الكامل، ‏يقويه الله سبحانه وتعالى، وحينما يعلم حقا ويقينا وتصديقا أن القوة لله جميعا، كما ذكر الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، يستهين بقوى الأرض كلها، يستهين بكل ‏جبار، بكل من يدعي القوة بدون الله سبحانه وتعالى”.

ولفت إلى أن “قوة الحق تقضي على حق القوة”. ووقف على الأحداث التي يعرفها العالم اليوم، مشددا على حق القوة هو السائد والمهيمن، وما ترتكبه أمريكا وإسرائيل من هذه التصفية الجسدية لآلاف المؤمنين والمؤمنات، ومن حرب لا تدع حجرا ولا شجرا ولا دارا إلا أتت عليه، هو من حق القوة الذي يتحكم.

وعاد الأستاذ عبادي ليتساءل “هل تستطيع قوة الحق أن تواجه قوة الباطل؟” نعم، يقول مجيبا “لكن ‏لا بد من أن تساندها قوة الحق، ولا بد من القوى الأخرى التي أمر الله سبحانه وتعالى عز وجل بإعدادها وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، هي القوة الإيمان، هي القوة ‏العلمية والتدبيرية والعددية والتنظيمية والعسكرية…”

المعول على الشباب المؤمن لتستعيد الأمة قوتها

إذا كانت الأمة تعيش الضعف والهوان، فمن ينفخ فيها معاني العزة والقوة والرجولة والكرامة؟ يتساءل الأستاذ عبادي مرة أخرى ثم يشدد على أن “المعول على الشباب المؤمن الراجع إلى الله ‏سبحانه أن ينتشر في أوساط أمتنا وينفخ فيها هذه الروح الإيمانية، لتستعيد قوتها ومجدها وعزها وكرامتها. كما كانت في السابق”.

ومن معاني الفتوة بالإضافة إلى القوة والهمة، تحدث الأستاذ عبادي عن ‏الخدمة فقال: “الخدمة ترفع صاحبها إلى درجات عليا عند الله تعالى عز وجل إلى مقام المحبوبية”، كما جاء في الحديث: “أحب الناس إلى الله أنفعهم لعياله”. موضحا أن الخلق كلهم عيال الله، ‏فمن خدم الناس ومن خدم البشرية كلها يصبح محبوبًا عند الله عز وجل.

واسترسل موضحا أن الإنسان يَكسِب السعادة عندما يكون قريبًا من الله سبحانه ‏وتعالى وعندما يسعد الناس. لافتا إلى أن أهل الخدمة يشعرون بالسعادة تغمر كيانهم عندما يسعدون خلق الله سبحانه وتعالى، إذ إن الخدمة تضمن السعادة، وتضمن السيادة في الآخرة. كما قال الحبيب المرشد رحمه الله: تعليقًا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سيد القوم خادمهم”، السيادة لا ‏تظهر في الدنيا، ولكن ستظهر في الآخرة، وبالتواضع يرفع الله قدر الخادم في الآخرة ويجعله سيدًا.

الإمام رفع همتنا إلى ما هو أسمى: أن نطلب ‏وجه الله

وفي حديثه ضمن “نصيحة الوفاء” أكد الأستاذ عبادي أن مكافأة الإمام عبد السلام ياسين على معروفه الذي أسداه إلى الجماعة وأفواج المؤمنين والمؤمنات غير مقدور عليه، فقال: “من يستطيع أيها الأحباب أيها الأخوات أن يكافئ من كان له أبًا وأمًا وأخًا، وسندًا وعونًا وعينًا يرى بها الحق، وأذنًا يسمع بها ‏الحق؟ من يستطيع أن يكافئ من له أيادٍ بيضاء عليه في كل مجالات حياته؟”

وقال إن علاقاتنا بربنا، كان أقصى ما نطمح إليه فيها أن نلتزم بالإسلام، فرفع هممنا وعلّمنا أن الدين إسلام وإيمان وإحسان. وكذا كانت علاقاتنا بأزواجنا رهينة بالمصطلح المتداول المَحَاقة القائم على: “أعطني حقي أعطِك حقك”، فرفع ‏مستوى هذه العلاقة إلى مقام الإحسان. كما كان فهمنا للدعوة إلى الله سبحانه عز وجل ينطلق من نظرة سوداوية للغير، فعلمنا رحمه الله أن نحسن الظن بخلق الله، وأن نسيء الظن بأنفسنا لنتعلم حقيقة العبودية لله سبحانه وتعالى عز ‏وجل.

وأضاف: “كان مطمحنا في هممنا أن ننال الشهادة أو أن نطلب الفردوس الأعلى، فرفع همتنا إلى ما هو أسمى وأعلى وأسمى: أن نطلب ‏وجه الله سبحانه وتعالى عز وجل”. وأكد عمق عبارته التي كتبها في وصيته، حيث كان دائمًا يرددها: “أوصي كل ذي همة ألا يكون له من دون الله سبحانه وتعالى عز وجل ‏مطلب”.