اللاءاتُ الثلاثُ في بيان العدل والإحسان حول القرار الأممي 2797/2025

Cover Image for اللاءاتُ الثلاثُ في بيان العدل والإحسان حول القرار الأممي 2797/2025
نشر بتاريخ

تفاعلا مع قرار مجلس الأمن تحت رقم (2797/2025) فـي شأن تسوية ملف الأقاليم الجنوبية، أصدرت الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان بيانا بتاريخ: 2025.11.02 بسطت فيه موقفها من القرار الأممـي ومقترحاتها لما بعده؛ بيان نسجل من خلاله الخلاصات الآتية:

1. صدور البيان/الموقف عن الدائرة السياسية للجماعة تكريس للعمل المؤسسـي فـي إطار الثوابت والضوابط المؤطرة لتصور الجماعة، دون مزايدات خطابية أو تجييش عاطفـي.

2. التأكيد علـى موقف الجماعة من الوحدة الترابية وسيادة المغرب علـى أقاليمه الصحراوية موقف مبدئـي ليس وليد اللحظة، بل إنه ينسجم وتصور الجماعة من رفض بلقنة المُبَلْقَنِ من عالمنا العربي والإسلامـي؛ لذلك فمغربية الصحراء ووحدته الترابية محسومة، ولم تكن يوما موضوع نقاش أو مزايدات سياسية. موقف ثابت من قضية الصحراء “والذي انطلق دائما من إيمان راسخ بضرورة وحدة الدولة المغربية ورفض كل مشروع يؤدي إلى مزيد من التجزئة في المغرب الكبير. فقوة المغرب تكمن في وحدته وتماسك نسيجه الاجتماعـي والترابـي، ورفض جميع ما يؤدي إلى مزيد من التفرقة والتفتيت، الذي لا يستفيد منه إلا أعداء أمتنا”.

3. تثمين القرار الأممـي لتسوية ملف الأقاليم الجنوبية لم يمنع الجماعة من تسجيل لاءاتٍ ثلاثٍ:

– الأولـى: “لا” لتوظيف تسوية القضية من طرف جهات دولية لابتزاز المغرب فـي ثرواته ومقدرات شعبه؛ لذلك يرفض البيان “مقايضة هذا الحل بثروات شعبنا ومقدراته الاقتصادية، فهذا مما يشوش على عدالة هذه القضية، التـي لا تحتاج إلـى “صكوك غفران”.

– الثانية: “لا” لتوظيف اللحظة التاريخية لتكريس التطبيع مع الكيان الإسرائيلـي وفرضه واقعا علـى حساب القضية الفلسطينية الـتـي أثبت الشعب المغربـي خلال أكثر من سنتـيْ طوفان الأقصـى تمسكه بعدالتها ونصرتها. فإقامة عرس علـى أنقاض مأتم قلة مروءة وتكلّس مشاعر وموت ضمير، نعوذ بالله؛ لذلك “فالتطبيع -يؤكد البيان- خيانةٌ للمبادئ الشرعية والوطنية والإنسانية، خاصة في ظل جرائم الإبادة التي يقترفها الكيان فـي غزة. ولا يمكن أن يكون ثمن الوحدة الوطنية هو التنازل عن قضية الأمة المركزية أو التفريط في خيرات البلد وثرواته”.

– الثالثة: “لا” للتوظيف السياسـي قفزا علـى المطالب الشعبية المشروعـة: حرية وكرامة وعدالة اجتماعية: “لقد عارضنا دائما، وما نزال نعارض، توظيف قضية الصحراء كورقة للتغطية علـى الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحقوقية الحادة التي يعيشها المغرب، ويتحمل النظام المخزني مسؤوليتها وتبعاتها”.

4. إيحاء مصطلح “الحكم الذاتـي” بالقطع مع التدبير الانفرادي للشأن العام للعباد والبلاد، فالمفهوم كما هو متعارف عليه قانونا يقوم علـى التفويض فـي التدبير، ويتعارض مع احتكار السلط والسطو علـى اختصاص الهيئات المنتخبة ومصادرة القرار الشعبـي. لذلك، فالفرصة مواتية للقطع مع الفساد والاستبداد إذا توفرت الإرادة السياسية لإصلاحٍ قد يؤسس لمستقبل مغرب أفضل وربما للمنطقة. “فأي حكم ذاتـي حقيقـي يجب أن يكون جزءا من مشروع ديمقراطــيٍّ شامل يضمن العدل والحرية والمشاركة الفعلية لجميع المغاربة، ولا يمكن الحديث عن سيادة وطنية حقيقية على الأقاليم الجنوبية دون سيادة شعبية فعلية على القرار السياسـي عبر ديمقراطية حقيقية”.

5. استثمار منسوب فرح المغاربة بقرار أممـي أكد المؤكد: مغربية الأقاليم الصحراوية، وذلك بتوفير بيئة مصالحة حقيقية تضمن الانخراط الشعبـي الواسع فـيما تقتضيه المرحلة من بذل وتضحية؛ مصالحة تُصالح فيها الدولة الشعب من خلال إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، فليس من الكياسة والفطنة ألّا يُطلقَ سراح من خرج مسالما يطالب بالحق فـي أسباب الحياة الكريمة: تطبيب وعدالة اجتماعية. فـــــ”الظرف الحالـي للمغرب وما يجري داخل البلد، والسياقات المحلية والدولية، يفرض على كل العقلاء والغيورين حقا على مصالحه العليا، أن تتكاثف جهودهم لاستثمار هذه الخطوة المهمة لإحداث انفراج كبير فـي الملفات الحقوقية والسياسية، والتـي تبدأ من الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين ومعتقلـي الرأي وتدشين مصالحة وطنية واسعة، لترسيخ وحدة داخلية حقيقية تستطيع استثمار المنجزات والرقـي بالوطن نحو مستقبل واعد لكل أبنائه وبناته”.

6. “الحكم الذاتـي” آلية تدبير لها دفتر تحملاتها ومنها الشفافية والنزاهة، وهـي مناسبة -والدولة تتأهب لخوض غمار انتخابات تشريعية- لإعلان “توبة” سياسية من ممارسات غير ديمقراطية تحكما فـي نتائج الانتخابات، وتجريدا للهيئات المنتخبة من صلاحياتها. “فأي حكم ذاتـي حقيقـي يجب أن يكون جزءا من مشروع ديمقراطـي شامل يضمن العدل والحرية والمشاركة الفعلية لجميع المغاربة، ولا يمكن الحديث عن سيادة وطنية حقيقية علـى الأقاليم الجنوبية دون سيادة شعبية فعلية علـى القرار السياسـي عبر ديمقراطية حقيقية”.

إن البيان جاء فـي تقديري المتواضع غايةً فـي الرشد والتوازن، فلم يساير حملة التطبيل المبالغ فيها، وكأن المغاربة اكتشفوا علـى حين غِـرّة مساء الجمعة 2025.10.31 أن الصحراء مغربية، وكأنه كان يخامرهم الشك فـي هذا الأمر، مثلما لم يسـرْ فـي ركب المزايدات السياسية تهربا من كل مسؤولية أو توجيه.

إن الجماعة فـي شخص دائرتها السياسية وهـي توقع البيان تتحمل مسؤوليتها التاريخية، وتؤكد علـى حسها الوطنـي، ولم تلتفت مجرد التفات إلـى وضعيتها الغُرْمِيَّةِ ممثلة فـي التضييق علـى أنشطتها وأرزاق وبيوت أعضائها؛ بيان وموقف جاء شهادة للتاريخ أن مصلحة الشعب والوطن فوق كل اعتبار، فالوطنية الحقة لم تكن يوما غُنْماً بل بذل وتضحية وتفان فـي العطاء.