الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً .
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر كلما كبر المكبرون وهلل المهللون.
الله أكبر عدد ما ذكره الذاكرون، وصام الصائمون، وقام القائمون.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.
كلمات عظيمة تملأ الآفاق تكبيرا وتحميدا بقدوم العيد السعيد، بعد أن قام القائمون وصام الصائمون وتلا التالون وعمل العاملون… هتاف جليل يزين الدنيا فرحا واستبشارا بيوم الفطر والجائزة… يوم يلبس فيه المؤمن ثوب التقوى والإنابة والرجوع إلى الله، ويجدد عزيمة الثبات على طاعته عز وجل.
يتجدد العيد وتتجدد معه نسائم الرحمة والمغفرة والفوز العظيم، وتتعدد فيه المعاني التي تنتشلنا من غفلة الدنيا وترفعنا إلى زمن الذكر.
– العيد فرح بالله: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (يونس 58)، فرح بإتمام الصيام والقيام وختم القرآن وفعل الخيرات، وفرح بحلاوة الإيمان ورحمة الله عز وجل بالعباد الذي سهل لهم طريق العبادة والتقرب إليه سبحانه، وتابع لهم مواسم الخيرات لتكون أوقاتهم كلها عامرة بالطاعات.
– العيد تجديد للعهد مع الله: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (الأعراف 172). فالعيد تجديد وتذكير بالعهد الأول الذي أخذه الله على العباد، على أن يكونوا له عبيدا يخلصون له العبادة والطاعة ويتوبون إليه إذا أذنبوا، ويعملون إذا تكاسلوا، ويواصلون مسيرة رمضان في كل الشهور. فالذي ضاعف الأجر والثواب في رمضان يعطي في كل وقت وحين وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (الإسراء الآية 20)، ومن أوفي بعهده من الله فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (التوبة الآية 111).
– العيد تذكير بلقاء الله عز وجل: فشهر رمضان مزرعة الآخرة نتذكر فيه المزرعة الكبرى وهي الدنيا، ويوم العيد هو يوم الحصاد والجائزة، يذكرنا بلقاء الله عز وجل يوم القيامة وبما أعده لعباده المخلصين. يوم نتذكر فيه الوقوف بين يدي الله عز وجل، وكل واحد منا ينتظر جزاءه وجائزته؛ فعن سعد بن أوس الأنصاري عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: “إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق، فنادوا: اغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم، يمنّ بالخير، ثم يثيب عليه الجزيل، لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم، وأمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم، فإذا صلوا نادى مناد: ألا إن ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين إلى رحالكم، فهو يوم الجائزة، ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة” (أخرجه الطبراني).
– العيد تغيير جماعي: يربي فينا قوة التغيير في الطباع ومغالبة النقص والعجز والخروج من العادة إلى العبادة، وينمي فينا الشعور بالقدرة على اغتنام الأيام والأوقات والأعمال، يذكرنا بأننا أمة واحدة مجتمعة قادرة على البذل والعطاء والبناء، قال سبحانه: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (الأنبياء: 92)، وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (المؤمنون: 52)، ويدفعنا إلى أن نعتصم بالله الذي جمعنا ووحدنا في هذا اليوم على الخير والمحبة والتآلف وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً (آل عمران: 103).
هذه بعض المعاني التي نستشعرها في هذا العيد المبارك السعيد، نجعلها صُوًى ومنارات في طريق سيرنا إلى الله عز وجل في باقي الشهور والأيام حتى نلقى رمضان في كل عام بإرادة أقوى وعزيمة أشد.
“اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير” (رواه البخاري).