فيما يلي الجزء الثالث، المخصص للمجال الاجتماعي، من الملخص التنفيذي لتقرير المغرب في سنة 2013) الذي أصدره المركز المغربي للأبحاث وتحليل السياسات.
وقد شرّح الباب الثالث من التقرير في: قطاع الصحة، ووضعية الشؤون الاجتماعية.
في المجال الاجتماعي
مرت سنة 2013 دون أن يتزحزح المغرب عن مرتبته المتدنية في سلم التنمية البشرية، حيث بقي عالقا في المرتبة 130 التي حصل عليها سنة 2012، ليوجد في المجموعة الثالثة التي تضم الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة.
وبهذا نجد أن المغرب قد تخلف بخطوات كبيرة عن دول تستوي معه أو يفوقها في المؤهلات المطلوبة لأي تنمية بشرية والضرورية لأي إقلاع اقتصادي. وقد شمل هذا التخلف تراجع جميع مؤشرات التنمية، بما فيها وضعية المرأة والأسرة والطفل، وكذا معدل الجريمة، والهشاشة، والفقر.
في الميدان الصحي، عرفت وفيات الأمهات الحوامل ارتفاعا مهولا سنة 2013، حيث سجلت 227 حالة وفاة لكل 100 ألف مولود، في الوقت الذي تقدر فيه هذه النسبة بـ70 حالة فقط في تونس، و12 حالة في فرنسا. مثل هذه الوضعية -وغيرها- دفعت وزارة الصحة إلى التفكير في وضع استراتيجية صحية تكون كفيلة بعلاج المشاكل التي يتخبط فيها القطاع الصحي.
وكان تنظيم المناظرة الوطنية الثانية للصحة حول موضوع من أجل حكامة جديدة لقطاع الصحة)، يهدف إلى التوصل إلى ميثاق وطني حول الصحة بالمغرب. عرفت هذه المناظرة مقاطعة سبع نقابات صحية لأشغالها، واختتمت بتوصيات عامة ومعدة سلفا، لم تترجم عمليا على أرض الواقع؛ ولم تحقق أي نجاح يذكر في التأثير على أصحاب القرار من أجل الرفع من ميزانية الصحة وتخصيص مناصب مالية أكبر للصحة. حيث ما زال القطاع الصحي يعرف مشاكل كبيرة، تتمثل في الخصاص المهول في الموارد البشرية والأدوية والأجهزة، واستياء المواطنين أمام عجز الوزارة عن التقليص من بعض الأمراض التي تعكس مظهرا من مظاهر التخلف والفقر، (مرض السل مثلا).
ورغم كل هذا، تبرز مظاهر قوية لتنصل الدولة من مسؤوليتها في هذا المجال بسعي الحكومة إلى تحرير القطاع بفتح الباب على مصراعيه لفائدة الشركات التجارية لإنشاء مصحات خاصة استثمارية والترخيص للأطباء الأجانب بممارسة المهنة بالمغرب.
ولم يكن وضع الطفولة بأحسن حالا من الوضع الصحي إذ بدت في وضعية كارثية خاصة مع هجمة الأجانب واعتدائهم جنسيا على الأطفال حيث وصل عدد الضحايا 26.000 حالة اغتصاب للقاصرين سنويا، بمعدل 71 حالة يوميا، أضف إلى ذلك بيع الرضع لاستعمالات متنوعة. فقد رصدت تقارير غربية آلافاً من القاصرين المغاربة ممّن سقطوا في أيدي العصابات الإجرامية، أو ممّن يتم استخدامهم في صفقات لبتر أعضاءهم البشرية وبيعها. أما الأطفال المتسولون، فقد سجلت الإحصائيات ربع مليون متسول تجوب شوارع المغرب منهم 25 ألف طفل. أما ذوو الاحتياجات الخاصة فواقعهم جد مؤلم؛ حيث بلغ عدد الأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب أكثر من مليون ونصف، أي بنسبة تفوق 5٪ من إجمالي السكان، حوالي 67,6٪ منهم محرومون من التمدرس.
ولا يمكن استثناء الشباب من هذا الوضع، ف5,8% من الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 سنة هم بدون أي مستوى دراسي، ونحو 70% منهم في مستوى الإعدادي فما دونه، أما مستوى التعليم العالي فلا يمثل سوى 6,1%. كما سجل عجز كبير على مستوى دور الشباب، حيث لا يتجاوز عددها حاليا دار شباب واحدة لكل 38.400 شاب. أما المشاركة السياسية فقد تم تسجيل 1% فقط من المنخرطين في الأحزاب السياسية، و4% تشارك في اللقاءات التي تنظمها الأحزاب السياسية أو النقابات.
فيما يرتبط بمجال التشغيل، يمكن الحديث عن نشأة عطالة جديدة. يظهر ذلك في بلوغ الإحصاءات عتبة 43.000 عاطل من الفئة العمرية 15-24 سنة والحاصلة على شواهد. وقد بلغ معدل العاطلين من ذوي الشهادات المتوسطة 35%، وهي مفارقة أخرى تجعل الفئات المتوفرة على الشهادات المتوسطة، أكثر عرضة للتهميش مقارنة مع حاملي الشهادات العليا.
أما قطاع الرياضة، فيتخبط هو الآخر في تعاقب فشله البنيوي. المشاركة المخزية في “الكان”، والفشل الذريع في الوصول للمونديال، والصراع على المناصب، كلها عناوين رئيسة لمشهد لم تنته تفاصيله بعد.
وفي مجال الإسكان والتعمير، ومن خلال الأرقام الرسمية لا زال العجز في السكن يناهز المليون وحدة سكنية. وأمام هذا العجز المهول، التزمت الحكومة الحالية بتقليصه إلى النصف فقط طيلة السنوات الخمس لولايتها 2012-2016 وهو ما يؤشر على فشلها في هذا المجال. فالسكن الاجتماعي، والسكن المنخفض التكلفة الموجه للطبقات الوسطى، كلها مشاريع شبه فاشلة. ذلك أن المغرب يحتاج إلى مقتضيات قانونية في ميدان التعمير، وتطوير تقنيات جديدة في ميدان الإسكان تمكن من الاستجابة للحاجيات المتجددة للمواطنين، مع الحفاظ على التراث المعماري سواء في أبعاده الوطنية أو خصوصياته الحضرية والجهوية والمحلية.
كما تبرز مظاهر الانحرافات الاجتماعية قوية تجملها عناوين كبرى تجعل المغرب يحتفظ على مركزه المتقدم في السوق الدولية للمخدرات، وتجعل الجريمة في ارتفاع مستمر وتطور خطير في النوع والكيف. هذا إلى جانب فقدان الأمن والأمان حيث إنه وبعد مرور سنة على انتهاء المخطط الخماسي لتقوية قدرات الإدارة الترابية والمصالح الأمنية 2008-2012)، ما تزال الوضعية الأمنية في ترد يضع هيبة الدولة موضع سؤال.
في مجال الهجرة، ظهرت أنواع يمكن تصنيفها إلى هجرة ظرفية وهجرة دائمة. أما الأولى فهي متعلقة بواقع محدد وهي نوعان: تمثلها الهجرة السورية المرتبطة بمجريات وسيرورة الثورة، والهجرة الأوربية إلى المغرب، وهي هجرة مؤقتة مرتبطة بالأزمة الاقتصادية عموما، وبأزمة الديون السيادية التي تعاني منها معظم الدول الأوروبية. أما الهجرة الدائمة أو المستمرة، فتتمثل في هجرة الأفارقة جنوب الصحراء نحو المغرب. وقد تحول المغرب تدريجيا من بلد مصدر للهجرة، إلى أرض لعبور الآلاف من هؤلاء المهاجرين، ثم إلى بلد للاستقبال، والتوطين، دون التوفر على أية دراسة أو استراتيجية لمواجهة هذه الإشكالية.