أسفرت نتائج الانتخابات التشريعية 2011 عن فوز “تاريخي” لحزب العدالة والتنمية بأكثر من 100 مقعد، متقدما بذلك على الكثير من الأحزاب التقليدية. وهذا الحدث كان من الأمور المتوقعة من طرف النظام المغربي في ظل ما يعيشه محيطنا المغاربي والعربي من تقدم للإسلاميين خاصة في تونس ومصر.
شخصيا كنت أستبعد هذا السيناريو أي “اكتساح” حزب المصباح لنتائج الانتخابات، وبالتالي قيادة الحكومة المقبلة، وأقصى توقعاتي كانت أن يمنح حزب العدالة والتنمية حقيبة أو حقيبتين وزاريتين في الحكومة، وهذا الاقتناع نابع من كون النظام المخزني يعتبر هذا الحزب آخر أوراقه “الرابحة” ولن يلجأ إليه إلا بعد اضطرار قوي.
إن لجوء النظام إلى لعب هذه الورقة في هذه الظرفية بالذات لدليل على إفلاسه، كما يؤشر على أن ضغوطات الشارع كانت قوية خاصة احتجاجات حركة 20 فبراير، وهذا يدل على نجاح الحركة في تسريع وتيرة الحراك السياسي بالمغرب ونجاحها في خلخلة خطط المخزن وإرباكه، وهذا ما يمكن أن يفهم من كلام القيادي في حزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني عندما صرح لوسائل الإعلام بعد نشر النتائج الجزئية للانتخابات: على حركة 20 فبراير أن تستمر في الاحتجاج).
إن النظام المغربي يهدف بخطوته “الاستباقية” هذه إلى:
– كسب ثقة الشارع التي فقدها.
– إعادة بعض المصداقية للعمل السياسي.
– إعادة المشروعية السياسية للنظام المخزني.
– إرضاء جزء من الشعب الذي يطمح إلى “تجريب” حزب العدالة والتنمية في تسيير الشأن العام.
– لعب سياسة الهروب الى الأمام.
إن مشكلة المغرب ليست مشكلة أحزاب أو شخصيات نزيهة ووطنية، فذوو المروءات والفضلاء موجودون في العديد من الهيئات، إن مشكلة المغرب تكمن في العقلية المخزنية المتحكمة في كل التفاصيل.
وكأني بالزمان يعيد نفسه ليتكرر سيناريو التسعينات مع حكومة التناوب، نفس التجربة مع تغيير في الأسماء فقط ووحدة الأهداف والمآلات.
وبالتالي فإن النتيجة هي كما يلي: نظام مخزني يحكم بنفس الأسلوب دون أي تغيير حقيقي، لكن تحت غطاء حزب ذي مرجعية إسلامية، وهذا ما سيدخل بعض الهواء إلى رئة المخزن المهترئة.
وفي الأخير فإنه من المؤكد أن النظام عندما يعطي قليلا يأخذ كثيرا، والأيام المقبلة ستوضح كل شيء وستكون كذلك حبلى بالمفاجآت لأن: “المخزن ما فيه ثقة” حسب المثل الدارج.