الوضع الصحي بالمغرب، من المسؤول؟

Cover Image for الوضع الصحي بالمغرب، من المسؤول؟
نشر بتاريخ

يعيش قطاع الصحة بالمغرب أزمة خانقة على مختلف المستويات؛ المؤسساتية، المالية والبشرية، ضعف تدبير وسوء حكامة يقفان حائلا دون التقدم صوب تحقيق نظام صحي وطني عادل وشامل.

أول ضحايا هذه المنظومة الصحية الفاشلة هم الأطقم الطبية وأطر الصحة -الأطباء والممرضون ومهنيو الصحة- الذين يشتغلون في ظل ظروف أقل ما يقال عنها أنها كارثية، بعيدة كل البعد عن الحد الأدنى الموصى به من قبل منظمة الصحة العالمية. 

بينما المسؤولون عن هذا القطاع الحيوي يقفون في حالة من اللامبالاة التامة، على الجهة الأخرى نجد الأطقم الطبية وأطر الصحة في صفوف المقدمة، وذلك راجع بالأساس إلى كونهم في تواصل واحتكاك مباشرين مع المرضى – المواطنون المغلوبون على أمرهم -، ليتم تحميلهم مسؤولية الأوضاع المزرية للمؤسسات الصحية والنقص الحاد في الأدوية والغياب التام للتجهيزات الطبية الضرورية.

الوضعية الصحية بالمغرب بالأرقام

تصنف منظمة الصحة العالمية المغرب ضمن 47 بلدا في العالم يعاني من نقص حاد في الأطر الطبية، حيث تمثل كثافة الأطباء (بالقطاعين العام والخاص) 6,2% لكل 10000 شخص (مقابل 33 لكل 10000 بإسبانيا، 34 لكل 10000 بفرنسا، و37 لكل 10000 بإيطاليا)، وتمثل كثافة الممرضين 9,7 لكل 10000 شخص (مقابل 76 لكل 10000 بإسبانيا، 80 لكل 10000 بفرنسا، و72 لكل 10000 بإيطاليا).

فيما يخص المؤسسات الصحية، يتوفر المغرب على 2600 مؤسسة، أي ما يمثل 1 مؤسسة لكل 12000 مواطن، علما أن 20% من الساكنة تقطن على بعد أكثر من 10 كلم عن أقرب مؤسسة، وأن 33% فقط من الساكنة تتوفر على تغطية صحية.

من ضمن هذه المؤسسات، يتوفر البلد على 144 مستشفى عمومي يضم 22000 سرير، و373 مصحة خاصة تضم ما يقارب 10300 سرير. أي ما يمثل في المجموع 9 أسرة لكل 10000 مواطن (في مقابل 34 لكل 10000 في إسبانيا، 73 لكل 10000 في فرنسا، و39 لكل 10000 في إيطاليا).

أما فيما يتعلق بالميزانية المرصودة لهذا القطاع، فهي تقدر بـ 47,8 مليار درهم (سنة 2010) أي ما يعادل %6,2 من الناتج الداخلي الخام (مقابل 8,4% بإسبانيا، 11% بفرنسا، و9% بإيطاليا)، وهي نسبة لا تمثل سوى 50% من النسبة الموصى بها من طرف منظمة الصحة العالمية كحد أدنى (12% من الناتج الداخلي الخام).

من يتحمل المسؤولية؟

من المؤسف حقا، أن يُتَّهم الإطار الصحي ويُنظر إليه على أنه السبب في تردي وضع الصحة العمومية بالبلاد، وهو الذي طالما خرج في مسيرات ومظاهرات مشتكيا من سوء الأوضاع ونقص المعدات، ومطالبا بتحسين ظروف العمل وتوفير التجهيزات الضرورية لمصلحة المواطن الضعيف الذي لا يستطيع تحمل مصاريف المصحات الخاصة، بل إنه يضطر لاقتناء معداته من ماله الخاص (أدوات المكتب والسماعات الطبية وغيرها…)، من طرف هذا المواطن الضعيف المغلوب على أمره، ضحية سياسات تفقير وتجهيل، وضحية إعلام موجه، في ظل صمت مخجل مخز للجهات المسؤولة. إنه لموقف شائن معيب عار من المسؤولية أن تجعل الدولة المواطن يعتقد اعتقادا أن الطبيب والممرض هو عدوه اللدود، في خطة خبيثة للتنصل والهروب من المسؤولية، في حين أن عدوه الحقيقي والأول هو الفساد والاستبداد.

لذلك، فإن الأوضاع المتردية التي آل إليها القطاع الصحي العمومي بالمغرب، تتحمل الدولة مسؤوليتها كاملة، نتيجة إهمالها وتهميشها الممنهج لهذا القطاع، وهي من يجب أن تحاسب.

المراجع

– الإحصائيات الصحية العالمية 2009 – منظمة الصحة العالمية.
– إحصاءات وزارة الصحة 2011.