أُسدِل الستار على مسرحية السابع من أكتوبر العبثية بإعلان النتائج النهائية لينبري بعدها مباشرة سماسرة الوهم للتسويق لانتصار تاريخي ينضاف إلى ملاحم والبطولات الوهمية والمزيفة للمملكة السعيدة.
“… انتصرت الديمقراطية.. وانتصر خيار الإصلاح في ظل الاستقرار”، “السابع من أكتوبر يؤكد انتصار الاستثناء المغربي”، “هنيئا للمغرب بهذا العرس الديمقراطي”…
بهذه الشعارات وغيرها من الفقاعات التي ملأت الدنيا أراد الممسكون بزمام الأمور في هذا البلد أن يروجوا لمهزلة الانتخابات التشريعية ويجعلوا منها نصرا وهميا يبتغي استصدار شهادة حسن سيرة “استثناء مغربي” بنكهة ديمقراطية مزورة وانتخابات مشوهة. والأدهى والأمر هو تهافت بعض القوى الإقليمية والعالمية للتنويه والإشادة بهذا العبث بعد أن اطمأنت أن المخزن ممسك بزمام المشهد السياسي ولم يعد يهمها: أي القوى الخارجية من الديمقراطية وآلياتها لا النزاهة أو التزوير ولا طبيعة الرابح أو الخاسر أكان “تراكتورا” أم “لامبة” ما دامت مصالحها محفوظة ومصونة.
فعن أي انتصار وأي عرس وأي نصر يتحدثون والأرقام الصريحة والواضحة تؤكد أن السواد الأعظم من الشعب المغربي أعلنها مدوية أن كفى من التمويه والتحايل والتضليل والاستخفاف بعقول الناس ومشاعرهم؛ فأزيد من عشرين مليون مغربي قاطعوا الانتخابات تعبيرا منهم واعيا ومسؤولا عن رفض المهزلة، بل أكثر من ذلك فنسبة مهمة من الستة ملايين التي أعلنت وزارة الداخلية أنهم صوتوا فضلوا التعبير عن غضبهم ورفضهم للواقع والعرض السياسي من خلال عبارات الشتم والسب التي دبجوا بها أوراق التصويت.
إن أخطر آفة تهدد كيان المجتمع وتماسكه هو ادعاء الحاكمين التفوق والنصر والانتشاء بانتصارات وهمية زائفة والعمل على تضليل الشعب وتخديره رغم التأكد من إفلاس بضاعتهم والإصرار على الاستخفاف بالمخالفين والمعارضين ووصفهم بالعدمية و”الكنبة” والعاجزين الذين لا يملكون بديلا. فما يعيشه البلد اليوم من ويلات على جميع الأصعدة وفي كل المجالات هو حصاد مسار خاطئ من تضخيم الذات والارتفاع عن الواقع استمر لعقود في تسويق الوهم والدجل والتلاعب بالإرادة الشعبية.
إن التفكير في مستقبل البلد وأجياله القادمة يفرض على كل العقلاء والغيورين أن يعتبروا محطة السابع من أكتوبر مناسبة للتأمل والتدبر وأخد العبر والدروس وتلقف الرسائل البليغة والإشارات الدالة التي أعطتها هذه المحطة. فتحقيق حلم المغاربة وآمالهم في الحرية والعدل والكرامة لا يتأتى إلا بمزيد من التكاتف واليقظة الشعبية من أجل مزيد من الضغط السياسي والاجتماعي للتصدي للعبث المخزني المخزي.