باحث: على هيئات ومكونات المجتمع الوقوف أمام تخريب المدرسة العمومية

Cover Image for باحث: على هيئات ومكونات المجتمع الوقوف أمام تخريب المدرسة العمومية
نشر بتاريخ

ما تزال قضية الأزمة التعليمية بالمغرب تثير المزيد من الجدل، بعد توالي فضائح السياسة المبيتة للدولة، لتهميش هذا القطاع الذي يرهن مستقبل أبناء البلاد، آخر هذه الفضائح ما نشرته منظمة تعليمية مستقلة قبل يومين، وثقت فيه بالدليل القاطع إغلاق الدولة لأزيد من 200 مدرسة عمومية منذ سنة 2008، وتفويتها لتجار القطاع الخاص.

وتعليقا على هذا المعطى الخطير قال الأستاذ سعيد مولاي التاج، الباحث في الشأن التربوي والتعليمي، بأن الدولة تحاول عبر مؤسساتها تبرير إغلاق أو تفويت المدارس العمومية للقطاع الخاص، بالاستناد إلى عاملين، أولها اختلال ديموغرافي، بسبب ترحيل سكان دور الصفيح أو الأحياء الهامشية، والثاني ارتفاع الطلب على التعليم الخصوصي لأسباب سوسيوثقافية مرتبطة بالآباء).

غير أن هذه المبررات التي تسوقها الدولة بحسب قول مولاي التاج لا تستقيم مع الواقع الذي تعيشه المدرسة العمومية من اكتظاظ تجاوز الخمسين والستين تلميذا في الأقسام، بل وصل في بعض المدارس إلى أكثر من 73 تلميذا) مردفا هذا واقع يكذب ما تسوقه الدولة من مبررات).

وتابع مولاي التاج، في تصريح خص به موقع الجماعة.نت، منتقدا سوء التدبير الذي تمارسه الدولة في حق التعليم العمومي، مشيرا إلى أن الإجراءات التي ينبغي على هذه الأخيرة مباشرتها كأولويات أمام هذه الأزمة الخانقة هو ضرورة فتح هذه المدارس أمام التلاميذ وتزويدها بالأطر التربوية والأطر الإدارية الكافية لننقص من حدة الاكتظاظ وأيضا لتخفيف العبء على بعض المدارس الأخرى، لأنه من ضمن مشاكل المنظومة التعليمية هي مسألة الاكتظاظ، فلا يعقل أن تتم عملية تعليمية وتربوية صحيحة في قسم يتجاوز المعدل المسموح به دوليا وهو ما يعادل 36 تلميذا في القسم!).

وأكد المتحدث في السايق ذاته إلى وجود أوجه اختلاف كبيرة جدا في تسيير وتدبير هذه المرافق العمومية)، معللا ذلك بقوله قد يكون مشكل المستوى الابتدائي أقل بحكم اختيار الآباء التوجه بأبنائهم إلى المدارس الخصوصية، لكن على المستوى الإعدادي التأهيلي والإعدادي الثانوي هناك مشكل، فينبغي تحويل المدرسة الابتدائية إلى مدرسة ثانوية أو تأهيلية لتخفيف الضغط)، ثم يستطرد في الآن ذاته لكن الدولة ما زالت تفكر في الحل الأسهل والبسيط وهو تفويت هذه المدارس كبنايات وكخدمة عمومية، رغم أن المغرب بنص المواثيق الدولية وبنص الدستور في فصليه 31 – 32 يعتبر التعليم حقا أساسيا للطفل وواجبا على الدولة وعلى الأسرة، إذن فوجب على الدولة أن توفر المدرسة العمومية والتعليم العمومي المجاني للتلاميذ لا أن تقوم بإغلاق المدارس وتفويتها إلى بعض لوبيات العقار خاصة في بعض المناطق التي يرتفع فيها سعر الوعاء العقاري).

ومن جهة أخرى اعتبر مولاي التاج أن البنايات الفارغة غير المشغلة، التابعة للوزارة الوصية، ينبغي أن يتم إدماجها في إطار منظومة التعليم ككل، وذلك عبر تحويلها إلى نواد لرجال التعليم، مراكز للدعم والتقويم، مراكز اجتماعية، مراكز للتكوين والتأطير والإشعاع التربوي، أو مراكز للتخييم.. مما يجعل المرفق العمومي يبقى في إطار وزارة التربية الوطنية للتعليم لا أن يتحول إلى عمارات سكنية ومرائب للسيارات. وهذا مرفوض).

وعزا الباحث المغربي في شؤون التربية والتعليم، توجه الدولة هذا بقبر المدارس العمومية وإحالتها على القطاع الخاص إلى ضغوطات تمارسها لوبيات العقار بتواطؤ مع جهات تابعة للحكومة، للاستفادة من هذا الوعاء العقاري الموجود في أماكن مهمة واستراتيجية وداخل المدن بمساحات كبرى).

لافتا إلى وجوب الإسراع بـدق ناقوس الخطر من طرف الأسرة والتلاميذ والنقابات.. للتأكيد على أن المدرسة العمومية خط أحمر، ومن الضروري التصدي لهذا التخريب الممنهج والمقصود للقضاء على المدرسة العمومية).

وشدد الأستاذ مولاي التاج على أن الأصل في دولة نامية تعليمها منحط كالمغرب، هو أن تعمل على تطوير التعليم والرفع من جودته وتزويده بالأطر الكافية، ولا يعقل أن نقوم بإغلاق المدارس، خاصة في مناطق تعيش فيها الطبقات الاجتماعية محدودة الدخل).

وختم المتحدث ذاته تصريحه منبها إلى أن المدرسة العمومية هي قضية الجميع، وهي أكبر من الحزب والنقابة وأكبر من الحسابات السياسية الضيقة، وهي مسألة مصيرية للمجتمع ولكل شعب يريد التحرر من التخلف والتبعية) مضيفا المدرسة العمومية يجب أن يحتضنها المجتمع، ويجب على مختلف هيئاته ومكوناته الوقوف أمام تخريب المدرسة العمومية وتفويتها إلى لوبيات الرأسمالية المتوحشة ولوبيات العقار والفساد).