بيان القطاع النسائي في الثامن من مارس: هل نحصي المكتسبات أم الخيبات؟؟!!

Cover Image for بيان القطاع النسائي في الثامن من مارس: هل نحصي المكتسبات أم الخيبات؟؟!!
نشر بتاريخ

القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان.

المكتب الوطني

 في ذكرى الثامن من مارس: هل نحصي المكتسبات أم الخيبات؟؟!!

هو الثامن من مارس، موعد تتطلع إليه كل سنة الملايين من النساء في العالم، قد تختلف جنسياتهن وألوانهن ومشاربهن، قد تتفاوت أزماتهن، وتتنوع مطالبهن، لكن يبقى القاسم المشترك بينهن الرغبة في عيش كريم وسط فضاء آمن يضمن للمرأة إنسانيتها ويحفظ حقوقها ويذكي فاعليتها في أوطانها..

آمال واسعة وطموحات مشروعة تأبى قوى الاستكبار العالمي بتغولها وعولمتها المتوحشة إلا أن تجعلها أضغاث أحلام، لتفتح ملايين نساء العالم أعينهن في كل مناسبة على واقع هو أسوأ من سابقه، واقع تمزقه الحروب، تتجاذبه الصراعات، تحكمه المصالح، ويتغذى فيه الفساد على استنزاف الثروات وتجويع العباد وتخريب القيم الإنسانية، فتتلاشى فيه كل خطابات الحقوق والواجبات، وتذوب فيه قيم المسؤولية والمحاسبة، ويؤدي ثمنه المستضعفون من النساء والرجال تهجيرا وتشريدا وتفقيرا وتجويعا، وإن بدرجات متفاوتة.

ولأن الاستبداد يخرج من مشكاة واحدة، فلا غرابة أن يكون للاستكبار العالمي امتداد في أوطاننا العربية، تدور رحاه لتسحق كل محاولات التحرر والانعتاق من ربقة الاستبداد، وتُفشل كل مبادرات التحول الديمقراطي الرامية إلى تكريم الإنسان والرفع من قيمته، وتُخرس الأصوات الحرة الصادقة المطالبة بحقوقها في العيش الكريم. مبادرات كلما سعى إليها المواطن العربي جهده، إلا وأحكم أخطبوط الفساد الخناق حول رقبته، إما بوضع حد لحياته، أو سلب حريته، أو تشويه سمعته، أو تضييق رزقه في دوامة لا تنتهي من محاولات الإخضاع والإذلال.

وفي الوقت الذي تتغنى فيه أنظمتنا السياسية بشعارات حقوق النساء، وبرامج التمييز الإيجابي لفائدة النساء، وأهمية المساهمة النسائية في تنمية المجتمعات، فإنها لا تتحرج من الانقلاب على تلكم الشعارات ونقضها من أساسها، وذلك من خلال جعل قضايا النساء في ذيل سلم أولوياتها، وعلى هامش برامجها التنموية الوهمية، والإجهاز على حقوقهن، وتكريس هشاشتهن، والتضييق على نضالاتهن واختياراتهن السياسية، يشهد على ذلك العديد من التقارير الرسمية وغير الرسمية.

أما في مغربنا الحبيب، فتستقبل النساء هذه السنة ذكرى الثامن من مارس، وسط تردِّ فاضح للأوضاع على مختلف الواجهات، السياسية والحقوقية والاقتصادية والاجتماعية، يطبعها غلاء مهول للأسعار، وارتفاع غير مسبوق لثمن المحروقات، في ظل قدرة شرائية ضعيفة للمواطنين، ناهيك عن التردي الكبير للخدمات الاجتماعية الضرورية، خصوصا في مناطق المغرب العميق. أزمات وانتكاسات تًكَذب كل شعارات الحكامة والتنمية والرعاية الاجتماعية، وتجعل أمن البلاد على المحك، واستقراره على صفيح ساخن، وذلك بسبب تمادي الدولة في نهج سياسات التفقير والتمييز، وتقاعسها الممنهج عن القيام بدورها في ضمان العدالة الاجتماعية، والتمكين الاقتصادي للمواطنين، وتمتيعهم بحقوقهم العادلة والمشروعة، مما يجعل الفئات الهشة تغرق في هشاشتها، وفي مقدمتها النساء.

إن مطالب حقوق النساء في المغرب تكاد تفقد الطعم واللون، في ظل واقع لم تفلح مساعي التبييض الدعائية في إخفاء انتكاساته وأعطابه، فنسب الفقر والبطالة والعنف بين النساء في ارتفاع متزايد، والاستغلال البشع لليد النسائية العاملة خاصة في القطاعات غير المهيكلة مستمر، والهدر المدرسي في صفوف  الفتيات بات مقلقا في ظل منظومة تعليمية مهترئة، أما نسب الوفيات من الأمهات  في مراكز ومستوصفات تغيب فيها أدنى شروط الرعاية الطبية، فقد أضحى من أبرز تجليات إفلاس الدولة في حماية حياة مواطنيها كأقل واجب، حتى بات مطلب توفير الدولة لحقوق النساء وحمايتها معادلة مستعصية على الحل. أما حقوق المرأة في أن تنعم بحياة مستقرة وحقوق مستحقة، زوجة وأرملة ومطلقة وعازبة، فأحلام يبدو أن دونهَا خرطُ القتاد!!!

إن المطالبة بحقوق النساء في المغرب فرع من أصل، ولا يستقيم عود إلا على أساس، فأوضاع المرأة وحقوقها لا يمكن مقاربتها إلا في إطار إصلاح شامل يقطع مع سياسات الفساد والاستبداد، ويحفظ كرامة المواطن المغربي،  ويضمن حقوقه الأساسية واستقراره النفسي والأسري، ويراعي هويته ومرجعيته الدينية، وخصوصيته المجتمعية، بما تتطلبه هذه الغايات من تحملِ مؤسسات الدولة مسؤولياتها في بلورة سياسات اقتصادية واجتماعية وتعليمية جادة، بعيدا عن الضغوطات الدولية، وإنصات ٍلهموم الناس واحتياجاتهم ومطالبهم المشروعة، وفتحِ حوارات مسؤولة، عوض نهج سياسة  الأذن الصماء، والتسويف، والمقاربة القمعية المخزنية لإخراس الأصوات الحرة  وحصار الحركات المجتمعية الجادة، وما التضييق الذي تتعرض له نساء العدل والإحسان وحرمانهن من حقهن في الفضاء العام، ومن حقهن في تأسيس جمعيات نسائية أو الانخراط فيها، وما يطال أنشطتهن من حصار، إلا وجه سافر من أوجه سياسة القمع الممنهج ضد كل صوت يغرد خارج السرب.

لكن مرارة الواقع لن تنسينا أن نسجل بفخر واعتزاز الحضور المشرف للمرأة المغربية في كافة النضالات المجتمعية والحركات المطلبية، متشبثة بحقها، مواصلة للسير في إصرار كبير على انتزاع الحقوق رغم التحديات والصعاب التي تعترض مسيرتها النضالية، حاملة مشعل التغيير الذي لا يكتمل إلا بها ومعها. ورغم كل مظاهر الإحباط ومؤشرات الإفلاس ستظل النساء المغربيات، ونحن منهن ومعهن، متشبتات بحقنا في غد أفضل ووطن أحسن وعيش أكرم،  على أمل أن يطالعنا ذات مارس ونحن نحصي إنجازاتنا ومكتسباتنا بدل حصاد الخيبة الذي يدمي القلوب.

وإننا في القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، وكلنا يقين في موعود الله تعالى لعباده المستضعفين بالنصر والتمكين، نعلن ما يلي:

  • تضامننا اللا مشروط مع كل القضايا العادلة المناهضة للفساد والاستبداد العالمي والمحلي، ومساندتنا لكل الحركات الاحتجاجية المطالبة بالحرية والعدل والكرامة.
  • إجلالنا لمقاومة الشعب الفلسطيني، وإكبارنا لصمود النساء والأسيرات الفلسطينيات اللواتي يقدمن دروسا في التضحية والصبر والصمود.
  • تضامننا مع جميع المعتقلات في سجون الظلم والاستبداد اللواتي يؤدين ضريبة التعبير عن آرائهن.
  • إدانتنا لما تتعرض له نساء المغرب ورجاله من سياسة التفقير والتجويع، في مقابل استشراء واسع لنهب واحتكار ثروات البلاد من طرف الفئات المفسدة المتغولة.
  • إدانتنا لسياسة التنكيل والقمع التي تنهجها الدولة المغربية لتغطية فشلها في حل الأزمات، ودعمنا لكل   الاحتجاجات الشعبية المشروعة التي تطالب بحق المواطن المغربي في العيش الكريم..
  • إدانتنا لسياسة الدولة في قمع الحريات وتكميم الأفواه المعارضة لسياساتها من نساء ورجال الوطن، واستهدافها بالتضييق والاعتقال والحبس.
  •   رفضنا لكل أساليب التطبيع والتغريب التي تسلب المرأة المغربية هويتها وقيمها، وتجعلها أسيرة التقليد والتبعية.
  •   إيماننا بأن إصلاح أوضاع النساء المغربيات لا يتحقق إلا بوجود إرادة سياسية للتغيير، وخطة وطنية تشمل جميع المجالات والمستويات، وتستجيب لكافة الاحتياجات بعيدا عن الإملاءات والمزايدات.
  • تشبثنا بحقنا في الفضاء العام ورفضنا لكل أشكال التضييق والإقصاء التي تتعرض لها نساء العدل والإحسان ومن ورائهن جماعة العدل والإحسان.
  • دعوتنا كل الفضليات والفضلاء الغيورين على مستقبل هذا البلد، من مختلف المرجعيات، إلى توحيد وتكثيف الجهود للدفاع عن كرامة النساء المغربيات، وانتزاع حقوقهن العادلة والمشروعة.
  • تعازينا الخالصة لأسر ضحايا الزلازل التي ضربت تركيا وسوريا، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الشهداء بواسع رحمته، وأن يشفي جميع الجرحى والمرضى. 
  • تبتلنا إلى الله عز وجل أن يدفع عن وطننا وجميع الأوطان كل الأوباء والأخطار ويحفظ عباده من كل سوء.

والله غالب على أمره.

عن المكتب الوطني للقطاع النسائي.