تأملات في المسيرة الوطنية الأحد 5 أكتوبر.. غزة وحرائر الوطن

Cover Image for تأملات في المسيرة الوطنية الأحد 5 أكتوبر.. غزة وحرائر الوطن
نشر بتاريخ

• يوم الأحد

لا يخفى على أحد ما يشكله يوم الأحد عند المغاربة، خاصة في ظل العولمة الاقتصادية، حين غدا هذا اليوم، يوم عطلة، ونزهة، أو قضاء أشغال، أو زيارة عائلية، أو غير هذا وذاك فهو يوم راحة، قد يستغله المرء، فقط في النوم والراحة بعد أسبوع حافل.

غير أن يوم الأحد بالنسبة للمرأة العاملة، أو الموظفة أو الطالبة، وحتى ربة بيت، هو يوم استثنائي للقيام بمجموعة من المهام الاجتماعية والمنزلية، والتي تستدعي أحيانا التضحية بالراحة أو الاستمتاع في سبيل قضائها، لأن عليها وبها تُنظم باقي أيام الأسبوع.

غير أنني وأنا أتملى مشاهد المسيرة الوطنية يوم الأحد، تزامنا وتضامنا مع ذكرى 7 أكتوبر، هالني هذا الكم الهائل من النساء اللاتي خرجن من أجل قضية إنسانية، اهتز لها العالم، والأكثر من ذلك فقد كن من فئات عمرية مختلفة، ومن طبقات اجتماعية متنوعة، متكبدات وعثاء سفر طويل، برفقة أطفال، متحملات كلفة سفر في زمن كثرت فيه المصاريف، وارتفعت فيه الأسعار وأصبح المرء يشكو من أعباء مادية كثيرة.

▪ هي لله

لقد برهنت هؤلاء النسوة، على أن لا شيء يقعدهن إذا هب النفير وأنهن بالفعل صانعات للمستقبل، فعلى أياديهن، ينمو غرس الوعي، وتُبنى الأجيال.

لا شيء يثنيهن عن نصرة قضايا الأمة جنبا إلى جنب أخيها الرجل، وإن كان مثال “يوم الأحد” بسيطا، في نظر بعضهم، لكنه عظيم في ظل نية مجددة، تتفيأ ظلالها المرأة المغربية، وهي تقف ساعات طوال في يوم راحتها في وهج الشمس، ومنهن المريضة والضعيفة والمسنة وذات أطفال..

و الأعظم من هذا فهي لا تعتد بعملها ولا تزكيه بل تنظر إليه بعين الخجل والانكسار..

▪ تحرير الإرادة

لقد برهنت المرأة المغربية، في مسيرة الأحد، على أنها حاضرة بقوة في نصرة قضايا أمتها، متهممة بمصائبها، وأنها تجاوزت همومها الذاتية، وانشغالاتها اليومية إلى قضايا أكبر وأعمق، في زمن التفاهة والانبطاح، فقد َ تَنَوَّر فكرها، وتحررت إرادتها، وأصبحت أنموذجا يُحتذى به، ويُضرب به المثل، وكيف لا وهي حفيدة زينب النفزاوية، وكنزة الأورابية، وقبل ذلك هي على خطى نسيبة العامرية وأسماء الصديقية… وغيرهن كثير..

▪ رحم إنسانية

أهم ملاحظة عايشتها في مسيرة الأحد، أن المشاركين والمشاركات، على اختلاف أطيافهم وأفكارهم، فقد جمعهم مشترك إنساني واحد، جمعتهم أخوة واحدة، فكانوا جميعا على قلب واحد، وإن اختلف الوعاء، نفس الهموم، ونفس الواجب حاضر عند الجميع..

و الشعارات جميعها كانت بنكهة واحدة، تحمل أريج نسمات الحرية التي تتعطش لها القلوب والشعوب المستضعفة.. فكان المشهد واحدا كلوحة فسيفساء نُسِّقت بعناية لتكون نسيجا وحده.

▪ باب الأحد

سيشهد التاريخ أن “باب الأحد”، حيث الانطلاقة لمسيرات الأحد، القلب النابض الذي شهد حياة الشعوب وتدفق دمائها، وأنه الواقع الذي تخفيه الشاشات والحقائق التي يزيفها الإعلام المضلل.

ستسجل الذاكرة أنهم مروا ومررن من هنا، من رباط الفتح على خطى “أبو مدين الغوث” نحو حارة المغاربة، حيث جاهد أجدادهم جنبا إلى جنب مع المقدسيين. وأن المرأة المغربية كانت حاضرة بقوة، لتعلن أنها ليست قعيدة، مستسلمة، بل فاعلة وصانعة للمستقبل والأجيال.

#ذكرى_طوفان_الأقصى