مما نلاحظه عند الاطلاع على مشاريع الإمام ياسين، الشمولية واتساع المشاريع وتعددها، منها المشروع التشاركي أو مشروع تدبير الاختلاف مع المخالف، وهو من المشاريع التي لم تلق الاهتمام العلمي المطلوب، في حين نجد ضمن أدبيات الإمام ومكتوباته اهتماما ملحوظا بموضوع الاختلاف، لما له من أهمية من جهة، ومن خطورة من جهة أخرى، لذلك فهو يولي تدبير الاختلاف وتصويبه أهميته التي تستحقه ضمن مشاريعه المتعددة والمختلفة، فنجده يدعو إلى تصويبه لما ينفع الأمة، ويضع لذلك طرقا عديدة ليبقى في إطاره المشروع، حتى لا يتحول إلى خلاف مدمر وهدام، ينتج النزاع والاقتتال والحروب.
فما هو مفهوم تصويب الاختلاف عند الإمام؟ وهل له مشروعية؟ وما هي حكمته الكبرى؟ وهل هو نقمة أو رحمة للأمة؟ وما هو مشروعه؟ وطرق تصويبه؟ وما هي عقباته؟
تصويب الاختلاف
الاختلاف تباين وتمايز بين رأيين وموقفين، والاختلاف لا تؤمن عاقبته، فإما أن يفضي إلى توافق وتعاون على الحق والصواب، وإما أن ينتج عنه الفرقة والعداوة والنزاع، لذلك وجب تصويبه، وتوجيهه نحو الوجهة الصائبة، فالتصويب توجيه الشيء نحو الصواب، وكأن الأمر يخشى أن يزيغ عن طريقه الصائب. ويمكن حصر المعاني العميقة لتصويب الاختلاف في ثلاثة:
- النظر في أسبابه وعاقبته.
- حسن التصرف في سياسته برفق.
- اتخاذ إجراءات وتدابير واحتياطات لازمة، حتى لا ينزلق إلى خلاف وفرقة وعنف.
وقد أطلق على تصويب الاختلاف تسميات عديدة، كلها تقترب من هذه المعاني، منها: فقه الاختلاف، وإدارة الاختلاف، وفقه الائتلاف، وتدبير الاختلاف، والغاية من كل هذه المعاني واحدة، وهي إبعاد الاختلاف من دائرة الافتراق، وتوجيهها نحو الوفاق والائتلاف. ولم يستعمل الإمام ملفوظات الاختلاف المتعددة، وإنما استعمل بدله تصويب الاختلاف، وهو في معنى التوجيه والتسديد نحو الهدف، فقال: “وأشدُّ ما يكون جند الله حاجة للإجماع، وتصويب الاختلاف التنوعي“.
تابع تتمة المقال على موقع ياسين نت