تَقدُّمه التكتيكي لا يحجب ورطته المركّبة.. الكيان يتصدّع

Cover Image for تَقدُّمه التكتيكي لا يحجب ورطته المركّبة.. الكيان يتصدّع
نشر بتاريخ

صورة الغبار المتطاير جراء شدّة التدمير لا تعكس -بالضرورة- قوة باطشة، بل قد تخفي في أحايين كثيرة ضعفا كامنا، سرعان ما تبرز حقيقته مع انجلاء كامل الصورة، حين ينكشف “المستعلي” وهو يمتطي حمارا أجرب لا فرسا أصيلا كما كان يدعي وكما صورت “اللقطة” المعزولة عن “المشهد”.

تقتيله اليومي لعشرات المدنيين العزل، تدميره العنيف لكل شيء يمت إلى الحياة، عربدته التي لم توفر لا أطر الصحة ولا رجال الإعلام ولا معظم دول الإقليم ولا حتى قوات اليونيفيل، استعلاؤه في المؤسسات الدولية بخطاب صفيق طال كل من أبدى أدنى اعتراض على المذبحة، تقسيمه غزة وتوطين جنده في نتسريم ورفح، تطهيره العرقي وتهجيره وتقتيله السكان الصامدين في جباليا وبيت لاهيا ومدن الشمال، اغتياله هنية ونصر الله والسنوار… كل تلك “الإنجازات”، وغيرها، كانت مجرد تقدم تكتيكي للكيان، وبأرباح صغيرة، ولم تكن مكاسب استراتيجية، من شأنها أن تغيّر معادلة “الاحتلال والتحرّر” وتثبّت أوضاعا جديدة تمنح الكيان “نصرا استراتيجيا” بحق.

هكذا تقول المقاومة دائما كلّما ظن العدو أنه حقق إنجازا نوعيا (إنه مجرد تقدم تكتيكي)، وتلك قراءتها. تقول ذلك وهي في ميدان المواجهة الأول، تدرك حجم قدرتها وقدرة الكيان. وهو الشيء الذي تنطق به الحقائق الشّاخصة حين تتجمع أطراف الصورة المتشظية.

بعد 462 يوما من العدوان والهمجية الصهيونية وحرب الإبادة الأعنف في التاريخ المعاصر، هذه صورة المشهد:

1- ضربات على القفا من كل جانب.. ادخلوا عليهم الباب

ما يزال الكيان يتلقى الضربات من كل جانب، إذ لم يستطع جنونه الدموي أن يوقف ساحة واحدة أو يحدّ من وَهَجها (عدا الساحة اللبنانية):

– في القطاع: لا يمر يوم واحد دون خسائر حقيقية في جيش الدويلة اللقيطة، أول أمس فقط أجهزت كتائب القسام على نائب قائد سرية (وأين؟) في شمال غزة المحاصر منذ ثلاثة أشهر تقريبا، كما قتلت وتقتل يوميا عساكر الكيان في مختلف محاور المواجهة. وقبل ثلاثة أيام تم الإعلان عن تدمير 5 دبابات إسرائيلية وهو ما تكرر قبل يومين (7 يناير 2025) باستهداف 3 دبابات ميركافا. سرايا القدس بدورها استهدفت العديد من جند الاحتلال وآلياته هذا الأسبوع، بل وقصفت مغتصبات الكيان ومستوطناته.

– وفي الضفة: حركة لا تهدأ وإصابات موجعة، هي ثمرة مقاومة باتت راسخة الوجود في جنين ونابلس وطولكرم…. (هل تعلم أن أعمال المقاومة في الضفة والقدس بلغت هذا الأسبوع فقط 131عملا مقاوما، أسفر عن مقتل 3 مستوطنين وجرح 10 آخرين؟). مقاومة تواجه الاحتلال ووكلاءه من أمن السلطة التي بلغت مدى من الخيانة والعمالة، يضعها رأسا في مربع التصهين وخدمة مشروع المحتل، ويوجه ضربة قاضية لما يسمى “مشروع التسوية”.

– وفي الداخل الصهيوني: عمليات استشهادية ودهس وطعن وإطلاق نار، دينامية تتوالد ومقاومة شابة تصانع واقعها ولا تتوقف، أحالت حياة الكيان ومجتمعه المحتل إلى جحيم من التوقعات المخيفة والفرضيات الدموية التي لا تنتهي: من أين تأتي الضربة القادمة؟!

– وفي لبنان: ورغم أن اتفاق وقف إطلاق النار أنهى عمليا “اشتعال جبهة الشمال”، وتحييد حزب الله وإدخاله في دوامة الجدل الداخلي “السلاح والسيادة”، إلا أن الذاكرة لا ينبغي أن تنسى سريعا أن المواجهات انتهت على إيقاع قصف الصواريخ والمسيرات طال تل أبيب وغيرها، وأن الكيان اللقيط لم يتمكن من السيطرة الكاملة لا على قرية ولا بلدة ولا مدينة، وأن حزب الله كان قد استعاد قوة الردع واستجمع قواه بما جعل أكتوبر -لحظتها- الأكثر خسارة في جند العدو منذ بدء القتال.

– وفي العراق واليمن: لا تهدأ المسيّرات إلا لتتجدد أخبار تحويمها فوق سماء العدو، حاملة معها الرعب ودوي صفارات الإنذار الذي يخلع قلوب هؤلاء الطارئين. بل إن ضربات المقاومة اليمنية صارت أكثر دقة وتأثيرا، وباتت تستعمل الصواريخ فرط الصوتية، ما أدخل ملايين الصهاينة إلى الملاجئ وإصابة الكيان بشلل جزئي.

– وفي إيران: ورغم البرود الذي أصاب هذه الجبهة إثر التطورات الأخيرة، ورغم الضربة التي تلقتها بتحييد ذراعها في لبنان والإطاحة بحليفها السوري، إلا أن “تل أبيب” مازالت تضرب لها الحساب الأكبر باعتبارها قوة عسكرية هائلة، وباعتبار موقفها الذي لم يتغير من الكيان، وباعتبار ترسانتها التي لم تطلها ضربة موجعة ولا ضعف قاتل.

2- تماسك هش وتصدع يطرق الأبواب.. تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى

رغم أن الدويلة اللقيطة أجمعت منذ البدء على قرار الحرب، حين استشعرت تهديدا وجوديا حقيقيا، إلا أن تصدّعاتها الداخلية لم تختف، بل إنها تصاعدت منذ مدة ليست بالقصيرة:

– إقالة وزير الحرب الصهيوني “يوآف غالانت” بسبب أزمة الثقة بين أعضاء حكومة الحرب، وقبل ذلك استقالة “بيني غانتس” و”غادي إيزنكوت”، والتوترات المستمرة بين أعضاء مجلس الحرب الإسرائيلي، وهو ما يعكس خلافات مستمرة داخل النواة الصلبة للعصابة الإجرامية.

– فتح تحقيق مع نتنياهو ومحيطه في المكتب والعائلة حول العديد من قضايا الفساد والرشوة وإساءة الأمانة وتسريبات المحاضر والتلاعب بوثائق رسمية، واقتياده إلى المحكمة. وهو ما يظهر (على عكس الصورة الديمقراطية التي يراد تسويقها) أن الكيان منخور من الداخل، وأن قادته غير مستأمنين على “المشروع”. وتلك ثغرة وأي ثغرة أكد التاريخ أنها ثلمة كبرى تسرع من وتيرة انهيار الدول والأمم.

– تنامي رفض الخدمة العسكرية وتزايد التخوف من النزول إلى ميدان المواجهة، سواء من قبل الجند أنفسهم أو عائلاتهم، وهو ما يؤشر إلى تراجع “الإرادة القتالية”، الشيء الذي لا يخفي خطورته سوى التفوق التقني التسليحي المادي. ففي أمس فقط، وقعت 800 عائلة من عائلات جنود الكيان عريضة ترفض استمرار أبنائهم في القتال داخل غزة، وقبل أشهر رفض آلاف جنود الاحتياط العودة إلى الخدمة، إذ في الوقت الذي أعلن فيه الجيش حاجته إلى 7 آلاف جندي إضافي لم يلتحق منهم سوى 1500 جندي، وتحايل الكثيرون بحصولهم على إعفاءات طبية أو تهربوا من الخدمة العسكرية بطرق مختلفة. هذا دون أن ننسى حالات الانتحار التي سُجلت في صفوف جند الكيان وعساكره، وهو ما يجري التكتم عليه بشدة.

– تواصل الحراك الاحتجاجي شبه اليومي لعائلات الأسرى، وطعنها المستمر في الحكومة الصهيونية ونواياها من استمرار الحرب، مُحدثة انشطارا في المجتمع لا تخطئه العين؛ إذ بعد عام وثلاثة أشهر بات قطاع كبير من الصهاينة وفاعليه -خاصة من المعارضة- يرى أن الحرب فقدت معناها ولم يعد لها جدوى، متهمين نتنياهو وعصابته بالفشل الذريع في تحقيق أحد أبرز الأهداف المعلنة وهو تحرير المحتجزين لدى كتائب القسام وباقي الفصائل. وفي الوقت الذي اتضح أن السبيل الوحيد لعودتهم هو التفاوض والاتفاق (كما حدث في أواخر نونبر 2023)، تزايد الاتهام الصريح الموجه لرئيس الحكومة أن “تحرير الأسرى” ليست سوى مشجبا لتمديد أمد العدوان كي يتهرب من المتابعة السياسية والقانونية. 

– تصاعد الهجرة العكسية بشكل غير مسبوق في تاريخ الكيان (القائم على تجميع اليهود من شتات الأرض في “أرض الميعاد”)، وقد صدرت العديد من الدراسات والتقارير التي تتبّع هذه الهجرة والفرار، وترصد العودة إلى الوطن الأصل لكثير من اليهود، من ذلك ما نشرته القناة 13 الإسرائيلية التي قالت إن الهجرة الجارية وسط الأطباء مثلا غير مسبوقة إذ ارتفع معدلها إلى 10 أضعاف عن المستوى المعتاد، وهو ما أحدث خصاصا كبيرا في الخدمات الصحية داخل الكيان.

– رغم أن الكيان الصهيوني لجأ بشكل مكثف إلى الخطاب الديني سواء في تبرير التقتيل الدموي في غزة أو تعزيز الجبهة الداخلية (وجود تهديد ديني)، فإن جسمه مليء بالتناقضات وممكنات التفكك، وما قضية تجنيد اليهود المتدينين المتشددين (الحريديم) التي شكلت أزمة حقيقية داخل الحكومة الصهيونية وألقت بظلالها داخل المجتمع إلا واحدة من تلك المؤشرات المتكاثرة التي جعلت المقولة المغرية “وطن قومي لليهود” في مهب رياح ارتدادات طوفان الأقصى.

3- السّردية المتآكلة.. فَبُهِت الّذي كفر

إلى جانب الضربات التي يتلقاها الكيان من كل جانب، وكذا توتراته الداخلية التي لا تلبث أن تصبح تشقّقات فتصدّعات، تواصل السردية الصهيونية سقوطها نحو القاع، وتنكشف أكذوبة بروباغندا الكيان وتنهزم روايته الإعلامية وتتراجع دعايته التسويقية في العالم:

– لقد خسر الكيان، المحتل لأرض الغير، جزءا واسعا من الرأي العام الغربي، إذ شكلت معركة طوفان الأقصى، وبالأخص صور الوحشية التي لا توصف وسياسة الأرض المحروقة التي لم توفر لا الرضّع ولا النساء ولا حتى المستشفيات والمدارس والمرافق العامة، تحولا فارقا في وعي جمهور كبير في بلاد الغرب، بما فيها الدول الداعمة بشكل مطلق لـ”إسرائيل”. ولم تستطع الحملات الإعلامية الضخمة -التي كانت مرتعا لسقوط أخلاقي ومهني مدوّ لكبريات وسائل الإعلام العالمية- من إخفاء الحقيقة، ولعب الإعلام الحديث ووسائل التواصل الاجتماعي (وحسن توظيف المقاومة لهذه الأدوات) دورا محوريا في تغير اتجاهات الرأي العام الغربي لصالح القضية الفلسطينية.

– صاحب هذا التحولَ في الوعي، والذي يعني أساسا الفكاك من أحبولة معاداة السامية وتأنيب الضمير التاريخي تجاه المحرقة، حراكٌ احتجاجي ضخم في دول الغرب؛ في أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا (وهي الدول الداعمة تقليديا للكيان) وفي الكثير من دول العالم. حتى باتت التظاهرات مشهدا ثابتا ومستمرا، وغدت “ساحة” لمحاكمة الكيان وإعلاء الصوت الفلسطيني، و”منصة” لمساءلة تحيز الحكومات والدول الغربية إلى الاحتلال والعدوان والقتل ودوس كل القوانين والنظريات التي يعتبر الغرب نفسه راعيا لها ومدافعا عنها. واللافت أن الكثير من تلك الأشكال الاحتجاجية والتظاهرات تميزت بالطابع الإبداعي والنوعي ولم تسقط في مزلق النمطية والتكرار، كما أن اللافت أن جزءا معتبرا من النخبة هناك مثقفين وفنانين ورياضيين وساسة ومفكرين تصدروا مشهد الاحتجاج والضغط والدعم ولم يبالوا بتهديدات اللوبي الصهيوني ولا المؤسسات المنحازة له.

– إنه في الوقت الذي تواصل الأنظمة الغربية الحاكمة دعمها المطلق للكيان، استطاع الحراك الاحتجاجي المتكئ على وعي متنام أن يمتد إلى ما هو أكبر من “الفعل الرمزي”، وبدا أن ضغطا اقتصاديا وتجاريا وعلميا وأكاديميا يتزايد هناك، ليشكل حصارا غير مسبوق ومقاطعة اقتصادية متزايدة للكيان. وقد شاهدنا كيف أن العديد من الجامعات أوقفت تعاونها مع جامعات أو مؤسسات بحثية صهيونية (بعضها عسكري) تحت ضغط اعتصام طلابي مفتوح، كما رأينا كيف أن مؤسسات ووزارات وحكومات وشركات أوقفت معاملاتها التجارية مع نظيراتها في الكيان مستندة إلى قاطرة قرار سياسي تقوده دول كبرى كإسبانيا وإيرلاندا. وما المقاطعة التي تطال شركات داعمة للكيان مثل ستاربكس وماكدونالدز وكنتاكي وكارفور في العديد من دول العالم إلا واحدة من تجليات هذا “الحصار الاقتصادي”.

– هذا الحصار المتزايد الذي يحيط بالكيان بشكل لم يعهده منذ نشأته غير الشرعية، سيتخذ بعدا كبيرا حين سيصبح الموقف السياسي المناهض لإسرائيل والرافض لعربدتها ووحشيتها موقفا قويا وصريحا ومتناميا، وحين ستتخذ العديد من دول العالم إجراءات ديبلوماسية قوية رغم التهديدات الأمريكية الظاهرة والباطنة. وهكذا ستتوالى خطوات المقاطعة وإنهاء العلاقة مع الكيان في قارات العالم أجمع؛ وبعد السبق الذي قامت به كل من كولومبيا وبوليفيا والشيلي التحقت الكثير من الدول بركب رفض النازية الصهيونية كإسبانيا وإيرلاندا وجنوب إفريقيا…

– لتحصل الضربة الكبرى للكيان حين أصبح موضوعا للمساءلة القانونية الدولية وبات قادته مطلوبين للمحاكمة والاعتقال. إذ سيبقى إصدار المحكمة الجنائية الدولية يوم 21 نونبر المنصرم، مذكرة اعتقال بحق كل من رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ضربة موجعة لم تكن لها سابقة في تاريخ الصراع مع الكيان، وهو قرار ملزم لـ124 دولة موقعة على اتفاقية روما المنشئة للمحكمة. وهو القرار الذي لا يشكل انتصارا رمزيا وأخلاقيا للقضية الفلسطينية فقط، بل إنه يضيق الخناق أكثر على الكيان ويصبّ المزيد من الضغط السياسي والديبلوماسي والقانوني على قادة الكيان المجرمين.

وإذا أضفنا إلى ذلك جرجرة جنوب إفريقيا “إسرائيل” إلى محكمة العدل الدولية بتهمة انتهاك اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية المبرمة عام 1948، ثم التحاق العديد من الدول بالدعوى كنيكاراغوا وكولومبيا وليبيا والمكسيك وتشيلي وكوبا وإسبانيا وتركيا… سنكتشف أن الدويلة اللقيطة تعيش وضعا غير مسبوق في تاريخها.

على سبيل الختام.. حتى لا يغيب عنا “البعد الاستراتيجي” من المشهد

يواصل الكيان الهجين حربه الجهنمية الهوجاء على المدنيين العزل في غزة، ويضيف إلى ذلك عربدة وتقتيلا في سائر الأراضي الفلسطينية، لكنه لم يستطع تحقيق أيّ من أهداف الحرب المعلنة على القطاع؛ فلا هو قضى على حماس (وها نحن نرى أنه بعد أزيد من عام يفاوضها عن طريق الوسطاء للوصول إلى اتفاق!)، ولا هو تمكن من تحرير محتجزيه لدى المقاومة، ولا هو تمكن إلى الآن من صياغة اليوم التالي للحرب في القطاع، ولا هو نجح في تهجير الفلسطينيين عن أرضهم في غزة.

وإذا أضفنا إلى هذا الفشل الواضح، الذي لا تخفيه شدة التدمير ووحشية القتل، ما تحصّل لدينا في المحاور أعلاه من خلاصات:

خلاصة 1: بعد عام وثلاثة أشهر (أطول حرب في تاريخ الدويلة اللقيطة) لم يستطع الكيان إخراس البنادق المقاومة لوجوده غير الشرعي ولعدوانه الدموي، بل إننا نراه يتلقى الضربات من كل جانب ومن أكثر من ساحة.

خلاصة 2: يتواصل نزيف الجبهة الداخلية على أكثر من صعيد، إذ يتجاوز الأمر كلفة الحرب المادية وشلل العديد من مناحي الاقتصاد والحياة، إلى خلافات داخلية بنيوية في “العنصر البشري” وتشققات وتصدعات حول جدوى الحرب وغاياتها. وهي الخلافات التي من شأنها -في العادة- ألا تشكل قلقا استراتجيا، لكن إذا أضفنا إليها الخلاصة 1 والخلاصة 3، وإذا استحضرنا أن المعني بها كيان يلاحقه دائما “سؤال الوجود” و”شرعية الولادة”، فإننا نكون فعلا أمام جبهة داخلية متصدعة.

خلاصة 3: تتراجع صورة “إسرائيل” في العالم باستمرار، وأجندتها التسويقية تفشل باطّراد أمام الرواية الفلسطينية المتزايدة صعودا وبريقا وإقناعا. خيبة كبرى وحصار متنام تعرفه الدويلة اللقيطة، يمتد من الشارع إلى الاقتصاد إلى الديبلوماسية فالقرار السياسي.

يعاني الكيان إذا على مستويات ثلاثة كبرى؛ فهو يعيش على إيقاع قلق وتصدع داخلي (قاعدته كدولة)، ويعاني من محيط قريب يأبى إلا أن يستمر في رفضه ومقاومته (امتداده الإقليمي)، ويتعرض لإدانة عالمية متزايدة على أكثر من صعيد (محيطه الدولي). وهو ما يدعونا إلى الانتباه إلى أن الشطر الأول من الصورة الذي يصدر إلينا يوميا (التقدّم التكتيكي) للكيان، لا ينبغي أن يخفي عنا الشطر الثاني الذي يراد لنا إغفاله (التصدّع الاستراتيجي) للدويلة اللقيطة.