ثابت بن الدحداح رضي الله عنه

Cover Image for ثابت بن الدحداح رضي الله عنه
نشر بتاريخ

ثابت بن الدحداح أو الدحداحة بن نعيم بن غنم بن إياس حليف الأنصار، أحد فرسان الإسلام، وأحد الأتباع الأبرار المقتدين بنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم  والسائرين على نهجه الباذلين في سبيل الله أنفسهم وأرواحهم وأموالهم.

كان لأبي الدحداح أرض وفيرة في مائها، غنية في ثمرها، فلما نزل قوله تعالى: مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا قال أبو الدحداح: فداك أبي وأمي يا رسول الله، إن الله يستقرضنا وهو غني عن القرض؟ قال: (نعم يريد أن يدخلكم الجنة به)، قال: فإني إن أقرضت ربي قرضاً يضمن لي به ولصبيتي الدحادحة معي في الجنة؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: (نعم) قال: فناولني يدك. فناوله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده، فقال: إن لي حديقتين: إحداهما بالسافلة والأخرى بالعالية، والله لا أملك غيرهما قد جعلتهما قرضاً لله تعالى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اجعل إحداهما لله، والأخرى دعها معيشة لعيالك)، قال: فأشهدك يا رسول الله أني جعلت خيرهما لله تعالى وهو حائط فيه ستمائة نخلة، قال: (إذاً يجزيك الله به الجنة).

فانطلق أبو الدحداح حتى جاء أم الدحداح، وهي مع صبيان في الحديقة تدور تحت النخل، فأنشأ يقول:

هداك ربِّي سُبُل الرَّشاد 

  إلى سبيل الخير والسَّداد

بِينِي من الحائط بالوداد 

  فقد مضى قرضاً إلى التَّناد

أقرضتُه الله على اعتمادي 

  بالطَّوْع لا مَنٍّ ولا ارْتداد

إلاَّ رجاء الضِّعف في المعاد 

  فارتحلي بالنفس والأولاد

والبِرَّ لا شَكَّ فَخيْرُ زاد 

  قدَّمه المرءُ إلى المعاد

قالت أم الدحداح رضي الله عنها: ربح بيعك! بارك الله لك فيما اشتريت، ثم أجابته أم الدحداح وأنشأت تقول:

بَشَّرَكَ اللهُ بِخَيْرٍ وَفَرَحْ 

  مِثْلُكَ أَدَّى مَا لَدَيْهِ وَنَصَحْ

قَدْ مَتَّعَ اللهُ عِيَالِي وَمَنَحْ 

  بِالعَجْوَةِ السَّوْدَاءِ وَالزَّهْوِ البَلَحْ

وَالْعَبْدُ يَسْعَى وَلَهُ مَا قَدْ كَدَحْ 

  طُولَ اللَّيَالِي وَعَلَيْهِ مَا اجْتَرَحْ

ثم أقبلت أم الدحداح – رضي الله عنها – على صبيانها تخرج ما في أفواههم، وتنفض ما في أكمامهم حتى أفضت إلى الحائط الآخر. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (كم من عذق رداح في الجنة لأبي الدحداح).

وكان أبو الدحداح – رضي الله عنه – مثالاً فريداً في التضحية والفداء، فإنه لما كانت غزوة أحد أقبل أبو الدحداح والمسلمون أوزاع قد سقط في أيديهم، فجعل يصيح: يا معشر الأنصار إلي أنا ثابت بن الدحداحة، قاتلوا عن دينكم فإن الله مظهركم وناصركم، فنهض إليه نفر من الأنصار، فجعل يحمل بمن معه من المسلمين، وقد وقفت له كتيبة خشناء، فيها رؤساؤهم، خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الخطاب، فجعلوا يناوشونهم، وحمل عليه خالد بن الوليد الرمح فأنفذه فوقع ميتاً – رضي الله عنه – واستشهد أبو الدحداح فعلمت بذلك أم الدحداح، فاسترجعت، وصبرت، واحتسبته عند الله تعالى الذي لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

إلا أن الواقدي قال‏:‏ وبعض أصحابنا الرواة يقولون‏:‏ إنه برأ من جراحاته، ومات على فراشه من جرح أصابه، ثم انتقض به مرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية‏.‏

وروى سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال‏:‏ صلينا على ابن الدحداح، رجل من الأنصار، فلما فرغنا منه أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بفرس حصان فركبه حتى رجع‏.‏ وهذا يؤيد قول من يقول‏:‏ إنه مات على فراشه.