تابعت فقرات الحفل الختامي الرفيع المستوى للذكرى الأربعين لتأسيس جماعة العدل والاحسان، الذي اختزل في مضامينه ومواده ومجرياته وأجوائه العناوين الكبرى لمشروع الجماعة الذي أثله الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله، وحسبي أن أقف عند 3 عناوين كبرى من وحي هذا الحفل البهيج المثلج المدمج لمعاني الصحبة والجماعة والصحبة في الجماعة.
العنوان الأول: الوفاء والصمود والاستمرار رغم المنع والقمع والحصار
حقّا جسّد الحفل باعتباره اختتام لفعاليات الذكرى الأربعين معاني الوفاء لخط الإمام المجدّد الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله، وتجلّت تلك المعاني في حضور قيادات الجماعة بصفها الأول ممثّلة في السيّد الأمين العام الأستاذ محمد عبادي والسّادة أعضاء مجلس الإرشاد، جنبا إلى جنب مع أعضاء وممثّلين عن مؤسسات وقطاعات ومناطق، ليرسم الجمع لوحة معبرة عن معاني المحبة والصفاء والوفاء والصمود على خطى المنهاج النبوي والخصال العشر تربية وتنظيما وزحفا، بحكمة وتؤدة، جعل دعوة العدل والإحسان تستمر في الناس وتنغرس في المجتمع، رغم المنع الظالم من الفضاءات العمومية ومن حرمانها من الحق في التنظيم والتجمع السلمي وحرية التعبير، ورغم القمع بكل أشكاله وأصنافه من تشميع للبيوت وإعفاء للأطر والكفاءات وتضييق على الأرزاق واستمرار المحاكمات السياسية واستهداف أبناء الجماعة بأساليب غير قانونية مختلفة.
العنوان الثاني: التوازان والتكامل بين الأجيال نساء وشبابا ورجالا
جسّد الحفل أيضا صورة ناصعة عن تكامل الأجيال في مدرسة العدل والإحسان، فبين الرعيل الأول وهو جيل التأسيس رحم الله من قضى نحبه منهم وبارك في الأحياء، وبين الأجيال اللاحقة من الشباب والنساء والرجال، الحاملون لمشعل الدعوة ولواء رسالة المنهاج النبوي، شكّلت محطة الحفل فرصة للتعبير عن هذا التكامل والتوازن من خلال طبيعة الحضور من النساء والشباب والرجال، ومن خلال الكلمات الدافئة الرقيقة الراقية الحاملة لكل معاني الصدق والرجولة والعطاء، وكذلك الأمر فيما جاء على لسان شهادات متنوعة عن أجيال مختلفة، عبّروا جميعا عما علمتهم الجماعة من قيم ومبادئ تسمو بالروح نحو المعالي وتشحذ الهمم وترفع العزائم.
العنوان الثالث: التجديد في الوسائل والأفكار والآليات والثبات على المواقف والمبادئ وبلوغ الغايات
من العناوين البارزة أيضا في هذا الحفل المتميز، يتبين للقاصي والداني كيف تجدّد الجماعة في الوسائل والآليات، وكيف تواكب التحولات والتطورات، فمشاهد الحفل غنية عن كل تفسير، والوسائل المعتمدة شاهدة على ذلك، والكلمات والعبارات والترانيم والأدوات والفنيات والأذواق والألوان لكل ذلك خير عنوان.
وخلاصة القول، فإن جماعة بهذا الحجم من القمع والحصار والمنع والاضطهاد يعجز معه أي قول أو تفسير لما هي عليه من عطاء وإنجازات، سوى التسليم بأنها صناعة على عين الله، وبأن التوفيق والتسديد من الله العلي القدير. فنسأل الله جلت قدرته أن يبارك رجالها ونساءها ويسدد خطاها، حتى تؤدي رسالتها النبيلة القائمة على الرحمة والمحبة والدعوة للتعايش بين الناس في حب وسلام ووئام حتى بلوغ المرام. بإذن الله تعالى الملك الوهاب إنه نعم المولى ونعم النصير.