حديثُ نظرة..

Cover Image for حديثُ نظرة..
نشر بتاريخ

حديثه.. ينمي في الروح شوقا.. ثم يبعث على التساؤل.. كأن تلك النظرات من صاحب القلب الصافي كانت كفيلة بتحريك ما خمد منذ زمن، كأنها دهور وعصور اجتثت نبرة الصدق من قلب أراد أن يصل.. بصدق.. ثم انكشف..

ينظر الحبيب فتدمع العين.. بالأمس كانت جامدة قاسية.. بالكاد ترفع الكفين وتصمت.. تدعو بصمتها.. بحال عجزها عن نطق الدعاء المبارك.. ما أقسى أن يتوقف اللسان عن مخاطبة مولاه.. مناجاته.. ها هي ذي تنطق كل الجوارح بلغاتها.. ما الذي أسال جمود العين وأزال جحودها؟! ما الذي حرك الشفتين وأجرى عذب الكلام منها؟! ما الذي هيج الحنين والاضطرار، وأذاق لذة القرب من جديد لنفس متمردة؟!

أم أن السؤال ليس في محله؟ علي أن أقول “من”..  ففي فطرة كل فرد يوجد جواب صحيح لكل شيء.. فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ.

نظرة من مخلوق منور الباطن حركت المسكين الساكن.. بعد حين يتعلق القلب بالله.. يا سعده قد تم إنقاذه..

ذلك النور كان أصله من الله.. فوصّل التائه إلى مولاه.. واختفى من لا يريد الظهور ولا يحتاج سماع الشكر.. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ.

أشرف مهمة هي دلالة القلب على مولاه وسط هذه الفتن المتراكمة.. يريدون.. والله يريد.. والله فعال لما يريد.. فيرسل رحمته متجلية في تلك النظرات الرحيمة والقلوب الرحيبة.. لا تعرف موطنا للمن ولا للأغيار.. ثابتة.. لكنها جبال.. ويا لها من جبال!؟

يحب الطفل أن ينظر إلى الأعلى.. يدقق في البعيد ويستجلب الفكرة الخطيرة النادرة.. إنه يسرع في بحثه عن خلاصه فلا تبطئوه بكثرة العوائق.. إنه بفطرته منطلق في الاتجاه الصحيح.. نحن أكبر عائق.. ففطرتنا قد شوشتها كثرة المسارات.. والمتاهات.. تترك ندوبا وحفرا ما لم تقفل نهائيا بجميل الأوبة.. باتباع الشرع ظاهرا وباطنا..

أن تكون على الفطرة.. هذه مهمتك.. مهمتي.. أن تبحث عن نقطة البداية.. عن كنزك وجوهر وجودك.. لا النهاية..

هكذا أظن..