العيد كلمة تبعث البهجة و الفرحة في النفوس، ينتظرها الصغار بشوق، ويستعد لها الكبار أتم استعداد. فكل سنة نحتفل بمثل هذه الذكرى، ذكرى العتق الإلهي. أدعوكم أعزائي القراء، لنسترجع الأحداث ونرى ما في طيات عيد الأضحى من معاني رفيعة وعبر عظيمة.
العيد فرصة للتراحم
كان هذا اليوم وسيظل فرصة لتجديد روابط القرابة، والروابط الاجتماعية بين الأهل والأحباب و الجيران، فهو محطة للتراحم والتزاور، والصفح والتسامح بين سائر الناس. تتجلى فيه سنن كثيرة، كالتجمل والتحلي والتطيب والتوسعة على العيال، وفيه يتسع الصدر مرحبا بالزوار المهنئين، وفيه يجتمع الأهل والأحباب حول مائدة واحدة، يسترجعون أحلى الذكريات.
خليل الرحمن
ما أشرفه من لقب لقب به سيدنا إبراهيم عليه السلام ، واستحقه بعدما مر بابتلاءات عدة، فقد ثار على الظلم والاستبداد ضد قبيلته التي تعيش في الجهل والخرافات ، وعادى أباه عندما لم يستجب لندائه، ضحى بحياته وقدم نفسه وقودا للنيران، ولكن الله عز وجل أحاطه برعايته الخاصة لصدقه وإيمانه. فهو سلام الله عليه ما ترك موقفا لم يظهر فيه معنى من معاني البذل والفداء، إلا وخرج منه مرفوع الرأس. ولكنه هاته المرة امتحن فيما لا صبر فيه، فلذة كبده التي لطالما انتظرها ودعا لأجلها ولده إسماعيل عليه السلام، بكره الذي جاءه بعد تجاوزه سن الثمانين، ولكم أن تتصوروا معي مدى تعلق الأب بالابن ولا سيما في مثل الظروف التي ذكرنا.
عندما بلغ سيدنا إسماعيل سن الصبا وريعان الشباب، أمر أبوه بذبحه فصدق الرؤيا وسارع لاستجابة أمر الله . فعرض الأمر على ولده ليكون أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه كرها ويذبحه قهرا ) فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تومر ستجدني أن شاء الله من الصابرين ( سورة الصافات الآية 102.
فما تظنون بجواب ابن الخليل إلا أن يحب لقاء الله أكثر من حبه للحياة و يهب حياته لله. فسارع هو الآخر لتنفيذ حكم بارئه، فنال بذلك رضى والده، وأطاع أمر ربه. فلما أسلما واستسلما لأمر الله وعزما على الذبح كانت المفاجأة ، قال تعالى: )فلما أسلما وتله للجبين و ناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين ( سورة: الصافات، الآيات: 103-104 -105 ، أتى الفرج لهما بتكريم خالد نحتفل به كل سنة وفداه الله بذبح عظيم ) وفديناه بذبح عظيم ( الصافات الآية 107.
لا اله إلا الله احتفال كل سنة هبة وهدية من الباري جل وعلا إلى المسلمين، بفضل وبركة أبينا إبراهيم وابنه سيدنا إسماعيل عليهما السلام. عيد يحمل في طياته معاني سامية من صدق وتصديق ومحبة ، وطاعة وبذل وصبر…ذكرى وتذكرة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، اللهم أعنا على التحلي بالفضائل الحميدة وتربية ناشئتنا عليها لنحظى بحبك كما حظي به خليلك. قال الله تعالى: (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا) سورة النساء، الآية: 125.