أكد الدكتور عمر أمكاسو عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان ونائب رئيس الدائرة السياسية بها، بأن المتتبع للحراك النقابي الذي تعرفه بلادنا في مستهل الدخول السياسي والاجتماعي لهذه السنة والذي سيتوج باﻹضراب العام ليوم 29 من الشهر الجاري – إن كتب له أن ينجز – يمكنه أن يلامس وراء هذا الحراك خلفيات وحسابات متضاربة تنحو في الغالب اﻷعم نحو نوع من التيه الذي قد لا يخدم الأوضاع الاجتماعية المتفاقمة يوما بعد يوم، بقدر ما يخدم أجندات معلومة ﻷطراف مخزنية وسياسية، وربما نقابية تحاول أن تستثمر هذه اﻷوضاع للرفع من رصيدها، وذلك ما لم تتمسك النقابات الداعية للإضراب ومن وراءها من قوى سياسية بقرارها وتمضي بالمعركة نحو مزيد من الضغط لتحقيق ما يمكن تحقيقه من مكاسب لشعبنا المقهور، وتبدع من اﻵليات الاحتجاجية ما تعيد به الكرة لشباك المخزن ومعاونيه، بعدما أفلح في الخروج من عنق الزجاجة وفي الالتفاف على مطالب الحراك المغربي السالف، بمساعدة نخبه القديمة والجديدة والمتجددة من كل المكونات)
وأضاف الدكتور أمكاسو في تدوينة له على حسابه في الفيسبوك بأن الواقع الاجتماعي فضلا عن باقي مجالات الحياة مفعم بكل أشكال التأزم والفساد رغم الدعاية الرسمية التي تصر على التمسك بلغتها الخشبية المعتادة، من خلال التغني باﻹنجازات الكبرى والتدشينات اليومية والاستقرار… وحسابات المراهنين على الدستور المخزني وما واكبه من “إصلاحات موهومة” فشلت في كسب أية مصداقية”، ويضيف “بل لا نبالغ إذا قلنا إن هذا الرهان أصبح خاسرا بكل المعايير، ولا شك أن أصحابه بدأوا يكتشفون أنهم كانوا يلهثون وراء السراب ليس إلا، وبين الفينة واﻷخرى نسمع همسات هؤلاء وتعابيرهم عن اﻹحباط والندم))وأشار القيادي في الجماعة بأن المتتبع لهذه الصيرورة المعقدة يجد نفسه بين شعورين متناقضين: – فمن جهة يمتلكه الشعور باﻷمل مما يمكن أن ينتجه هذا الحراك الاجتماعي من دينامية نضالية يمكنها أن تحيي الحراك الشعبي وتكشف القناع عن الالتفاف المخزني واﻹجهاز الحكومي على الحد اﻷدنى من الحقوق والحريات، وهذا الأمل المنشود رهين بالوعي الكامل من طرف القوى النقابية وحاضناتها السياسية بطبيعة المعركة وأبعادها ومدخلاتها ومخرجاتها، فاﻷمر بقدر ما هو تدافع مشروع ومبرر ومطلوب ضد التدبير الفاشل للحكومة المحكومة، التي رضيت لنفسها بإصرار غريب أن تشارك بفعالية وجدية في المشروع المخزني القائم أساسا على الاستبداد والفساد واقتصاد الريع وشراء النخب والذمم وعدم المساءلة والجمع بين الثروة المنهوبة والسلطة الغاشمة وما إليه من أوصاف لم تفلح الدعاية المخزنية واﻷبواق المساندة لها في إخفائها بمختلف المساحيق…) مضيفا بأنه بقدر ما يعتبر هذا المبرر معقولا وملحا ولا غبار عليه، مهما اقتنعنا بالنيات الحسنة للمشاركين في هذه المآسي والمنطق الداخلي الذي يحكمهم، فإن الجميع مدعو لتصويب المعركة نحو اﻷهداف الرئيسية عوض الحوم حول اﻷهداف الفرعية مثل إسقاط الحكومة وغيرها.. فالمعركة ليست مرحلية وتكتيكية، كما يحلو للبعض أن يتصور، بل هي معركة مصيرية واستراتيجية، ومن أبسط مدخلاتها المضي نحو تأسيس جبهة قوية متراصة من كل القوى السياسية والدعوية والاجتماعية والمجتمعية لقيادة هذه المعركة بكل حكمة وتوافق وترو ورفق وتشاركية وغيرها من القيم التي ما فتئنا في جماعة العدل والإحسان ندعو إليها ونصر عليها بمناسبة وبغير مناسبة))كما أكد الدكتور أمكاسو من جهة ثانية، وباستحضار ما يحكم مشهدنا السياسي والاجتماعي من تعقيدات وتحكمات وتدخلات وخلفيات وحسابات، يخشى المتتبع لهذا الحراك أن يميع ليصبح مجرد تنفيس لاحتقان اجتماعي متفاقم، وتجديد لآليات التحكم المخزني، وإعادة ترتيب للبيت المخزني حتى يمتص هذا الاحتقان ويوهم الشعب والمتابعين للشأن المغربي خارجيا أن الاستثناء المغربي ماض في كسب الرهان وأن “الربيع المغربي” استمكل شروط النجاح.)
وحذر من أنه إذا نجح هذا السيناريو المشؤوم – لا قدر الله – سواء نفذ اﻹضراب بشكل متحكم فيه وموجه ومحدود كما يبدو من خلال ضعف التعبئة وبرودتها، أو علق بوعود جديدة لن تتجاوز في أحسن الاحتمالات العودة إلى نقطة الصفر، وتمديد النقاش حول الملفات المثارة وخاصة ملف صندوق التقاعد لكسب الوقت وانتظار فرصة جديدة لتمرير “اﻹصلاحات الموهومة” حتى تكون الحكومة المحكومة- قبل انتهاء أو ربما إنهاء ولايتها المشؤومة، شؤم كل التجارب السابقة، بل ربما أفظع منها – قد استكملت الوفاء ببرنامجها ﻹصلاح سمعة المخزن وضخ شيء من الدينامية في جسده المتهالك، باتخاذ قرارات مصيرية لم تجرؤ أية حكومة سابقة على الاقتراب منها وخاصة ملفات المقاصة وقانون اﻹضراب وصندوق التقاعد وغيرها.. فإذا نجح هذا السيناريو لا قدر الله فإننا سنضيف لواقعنا إحباطا جديدا وسنكون مرة أخرى قد خسرنا موعدا جديدا مع التاريخ نحو الخطوة اﻷولى في مسيرة اﻷلف ميل نحو التغيير المنشود.)