أجرت جريدة “المساء”، في عددها الصادر اليوم الثلاثاء 11 دجنبر 2018، حوارا مع الدكتور محمد سلمي؛ رئيس الهيأة الحقوقية لجماعة العدل والإحسان، على خلفية تشميع بيت الدكتور المهندس لطفي حساني، عضو مجلس شورى الجماعة، بمدينة وجدة، يوم الإثنين 3 دجنبر 2018، هذا نصه:
ما حقيقة تشميع بيت أحد قياديي الجماعة من قبل السلطات بوجدة، وما دواعي ذلك؟
تشميع بيت الدكتور لطفي حساني بوجدة يوم الإثنين 3 دجنبر 2018 خطوة تصعيدية خطيرة أقدمت عليها السلطات المحلية من أجل مزيد من التضييق على الجماعة وأعضائها. لقد كنا ننتظر أن تزيل هذه السلطات الأختام التي وضعتها منذ 2006 على بيت الأمين العام للجماعة الأستاذ محمد عبادي بنفس المدينة وبيتين في بوعرفة وتازة، والتي أدانها الرأي العام والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية، وأكد القضاء في قضايا مماثلة أن الأمر فيه تعسف وشطط في استعمال السلطة… فإذا بنا نفاجأ بجديد أخطر، حيث لم تكن السلطات في التشميع السابق تعلل تعسفها والآن لجأت إلى تبرير لا أساس له، إذ استندت إلى الظهير المنظم لأماكن الشعائر الإسلامية، فاعتبرت بيت لطفي حساني مكانا مخصصا للعبادة، واتخذت قرار التشميع في انتظار الهدم. والحقيقة أن البيت ملكية خاصة، وقد تسلم صاحبه الترخيص بالسكن بعدما استوفى جميع الشروط القانونية، فما كان على الدولة إلا أن تحاسب صاحب البيت -وفق القانون- إن طرأ على البناية ما يخالف التصميم، وهذا لم يحدث أصلا، أو تعتقل صاحب البيت وضيوفه إن وجدتهم يصلون أو يقرؤون القرآن في البيت وتتابعهم بتهمة عقد تجمعات غير مرخص لها كما جرت عادتها بذلك، أو تتهمهم بتهمة ممارسة العبادة في بيت مخصص للسكن، وهذا أخطر. وعليها حينها أن تسمح لهم بالعبادة في المساجد التي تطردهم منها. فلطالما منعتهم من الإمامة والخطبة والوعظ بل ومن الاعتكاف. مسلسل التضييق على الجماعة بلغ درجات خطيرة للغاية: أناس تطردهم الدولة من المساجد والفضاءات العمومية، وتمنعهم من تأسيس الجمعيات ومن الإعلام العمومي والخاص… ثم تلاحقهم حتى داخل بيوتهم… فهذا مخالف للدستور وللقوانين ولالتزامات المغرب أمام المنتظم الدولي في مجال حقوق الإنسان. وطريقة تسريب الصور التي التقطت أثناء الهجوم على البيت وكسر أبوابه عبر صحافة التشهير انتهاك آخر جسيم هدفه الدفاع عن الرواية المتهافتة. إنها خطوة خطيرة في المس بدين المغاربة وحق الملكية الخاصة واستهداف جماعة من المواطنين بسبب آرائهم ومواقفهم السياسية التي يعرفها الجميع.
كيف كان رد جماعة العدل والاحسان حول ذلك؟ وهل تعتزمون خوض وقفات احتجاجية تنديدا بذلك؟
كما تابعتم فقد استهجن هذا القرار عدد كبير من الشخصيات الحقوقية والسياسية من مختلف المشارب.
والحدث مرشح لتفاعل أكثر من المغاربة والرأي العام المحلي والوطني والدولي والمنظمات الحقوقية والنخب السياسية وغيرها… ومن المحتمل أن يكون التفاعل عبر صيغ احتجاجية متنوعة، خاصة إذا استمرت الحملة الإعلامية التي تشنها مواقع التشهير بأسلوبها الاستفزازي الناشر للكراهية والفتنة والقذف والإهانة… والتي لا يليق على الإطلاق أن يكون لها أي ارتباط بمؤسسات الدولة التي يفترض أن تكون محايدة وملاذا للجميع.
كيف تقيمون واقع الحريات الفردية بالمغرب وخاصة فيما يتعلق بالحريات الدينية؟
التضييق لا يقتصر على الجماعة وحدها، وإن كانت تنال الحظ الأوفر. فالطريقة التي تدير بها الدولة الشأن الديني تعتبر مشكلا حقيقيا حتى بالنسبة للفاعلين الذين ليسوا من المعارضة، حيث إن نسبة كبيرة من الأكفاء من الباحثين والعلماء والخطباء والوعاظ تمت إزاحتهم من الساحة، والباقون منهم يعانون معاناة شديدة بسبب انعدام هامش الحرية. طريقة تدبير الحج وما يعتريها من فساد ورداءة وتخلف… الهجوم على المرجعية الإسلامية في برامج التعليم… هذه بعض النماذج من صور الوضع الذي ينبغي أن يتغير، من أجل تحرير التدين ليكون الإنسان حرا في عبوديته لربه عز وجل.