د. متوكل مخاطبا الفاعلين: لندخل في ائتلاف واسع يواجه خطر الصهيونية ويؤسس لنظام سياسي عادل

Cover Image for د. متوكل مخاطبا الفاعلين: لندخل في ائتلاف واسع يواجه خطر الصهيونية ويؤسس لنظام سياسي عادل
نشر بتاريخ

دعا الدكتور عبد الواحد متوكل، عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان ورئيس دائرتها السياسية، الطيف السياسي والمدني والفاعلين في المغرب إلى استدراك ما فات من وقت، وتجاوز السياسة المخزنية فرق تسد، “والدخول في ائتلاف واسع” من أجل بداية صحيحة لتأسيس نظام سياسي عادل ومغرب جديد آمن يتسع لجميع أبنائه وبناته “مغرب مستقل في قراره سيد في أرضه من شماله إلى جنوبه ومن شرقه على غربه دون منّة من صهيوني حاقد لا يرجى منه خير أبدا”، آملا أن يكون ذلك قبل فواة الأوان.

وفي كلمته الرسمية باسم الجماعة، في افتتاح فعاليات تخليد الذكرى الثالثة عشرة لرحيل الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله صباح اليوم الأحد 14 دجنبر 2025، وبعد أن أشار إلى ضيق المكان المحتضن للندوة لا لسبب سوى للمنع من الحقوق الذي يمارسه النظام الحاكم ضد الجماعة يرى خطابها زعجا أو مشاغبا، وبعد أن شكر الحاضرين والمعتذرين عن الحضور، ذكّر بأن العدل والإحسان دأبت على تنظيم هذه الذكرى منذ رحيل الإمام إلى رحمة الله، وفاء “لهذا الرجل الذي عاش مهموما بأمور بلده وبالأمة جمعاء، باحثا عن الأسباب وراء هذه الحالة التعسة التي تعيشها” وإمكانيات النهوض وكيف وبأي شروط وبأي أسلوب، وهو ما سطره في أزيد من 40 مؤلفا ناهيك عن محاضراته ولقاءاته التي تعدّ بالمئات.

ونوه الدكتور متوكل إلى أن الجماعة لم تشأ أن تحول المناسبة إلى شكل احتفالي تقليدي، نتحدث فيه عن مناقب الرجل، أو نجعلها لحظة انتشاء بما كان للرجل من مواقف قوية عبّر عنها وبقي ثابتا على مواقفه حتى توفاه الله، ولا إلى “مناحة يواسي بعضنا بعضا فيها على فقد رجل أدركته المنية قبل أن يدرك، ونحن معه، كل المراد، وكأن المشاريع الكبرى تبدأ مع المؤسسين وتنتهي بانتهاء حياتهم”. وشدد على الجماعة فكرت في عدة صيغ ليكون إحياء ذكراه متناغما مع روح المشروع الذي جاء به، والمتمثل في هدفين عدهما الإمام رحمه اللّٰه من أهداف الإسلام الكبرى: العدل في الأرض والإحسان في القلب، مصداقا لقوله عز وجل: “إن اللّٰه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.

ولذلك فالذي يفهم جماعة العدل والإحسان، يوضح الدكتور في العلوم السياسية، على أنها معارضة سياسية فقط يخطئ ويفوته الانتباه إلى الشق الثاني من المشروع المتعلق “بسؤال المعنى، أي قضية الانسان مع اللّٰه ومع المصير بعد الموت”. ولأجل ذلك، يوضّح، فالعدل والإحسان تشتغل على الواجهتين: تعمل من أجل العدل في الحكم والعدل في توزيع الأرزاق، وتهتم أيضا بالإنسان باعتباره العامل الحاسم في أي تغيير مرجو.

اخترنا لهذه الذكرى، يواصل متوكل، فقرات متنوعة، تربوية وفنية وأدبية وفكرية، كما هي مفصلة في البرنامج العام. وفي موضوع الندوة اختارت الجماعة قضية تحسبها غاية في الأهمية وذلك لعدة اعتبارات، ذكر منها اثنين: الأول هو أن قضية فلسطين والخطر الصهيوني هي قضية الساعة، وتفرض نفسها فرضا، نظرا للأهوال التي صاحبتها، والاهتمام الذي حظيت به محليا ودوليا. إذ “عشنا لأكثر من عامين على وقع فواجع وأحداث عظام، انكشفت معها الشعارات الزائفة، والمواقف المنافقة، والمؤامرات الخسيسة على شعب أعزل، محاصر من كل الجهات، احتل الصهاينة أرضه، ومارسوا عليه وحشية يشيب لهولها الولدان، حتى إذا لم تبق إلا رقعة صغيرة بحجم المنديل، أرادوا ضمها هي كذلك إلى ما اغتصبوه من أرض فلسطين بالحديد والنار، والقتل والتدمير والتهجير والمكر والخداع”.

أما الاعتبار الثاني لاختيار الموضوع، يقول عضو مجلس الإرشاد، فلأن له “علاقة وطيدة بوضعنا المأزوم أصلا في هذا البلد السعيد. فمشكلتنا الكبرى لم تعد مع التغول السلطوي واستشراء الفساد، وما ترتب على ذلك من مآس اجتماعية واقتصادية ومهازل سياسية، وإنما انضافت إليها ثالثة الأثافي وهي الاختراق الصهيوني”، محذرا من الأسلوب الذي اعتمده الصهاينة، بتنسيق محلي بالطبع، لاختراق المجتمع المغربي المغاير للأسلوب أو الأساليب التي اعتمدت لاختراق بلاد عربية وإسلامية أخرى. “أعني أن السياسة التي اعتمدت في المغرب أشد مكرا وأكثر ضررا وأبلغ تأثيرا. وقد حققوا نجاحا لا يستهان به، بخلاف الوضع في بعض الدول العربية والإسلامية الأخرى”. وكشف أن الصهاينة وجدوا لهم في المغرب “أعوانا ومتصهينين مهدوا لهم السبيل، وأزاحوا كثيرا من الحصون والحواجز التي تمنع سرطان التطبيع من التغلغل في شتى المجالات، ولاسيما الاستراتيجية منها. لذلك فالخراب ليس بالباب كما حذر كاتبنا العزيز، بل في عقر وقعر الدار، استقبل بالأحضان، واطمأن واستقر، بعد أن تأكد أن له بالبلد حماة وسدنة أوفياء”.

لينتهي إلى أن “من يزعم، سذاجة أو غباء أو تغابيا أو استبلادا لذكاء الناس، أن العلاقة مع الصهاينة مفيدة لقضيتنا الوطنية، وأنهم يحملون معهم لبلدنا مشاريع اقتصادية نافعة. وهذا وأيم اللّٰه لضلال مبين”، وليزيد مؤكدا أننا أمام وباء حقيقي ينبغي التصدي له، وترك كل المعارك الهامشية، والخلافات الثانوية جانبا. فـ”اللحظة التاريخية الراهنة تقتضي من عقلاء هذا البلد أن يعتبروا أن هذه قضية جامعة، وينبغي مواجهتها بنفس القوة، ونفس العزيمة، التي تواجه بها أعطاب البلد الأخرى وعلى رأسها الفساد والاستبداد”.