9- إعادة المنفرد الصلاة جماعة:
اتفق الفقهاء على أنه يجوز لمن صلى منفردا أن يعيد الصلاة في جماعة وتكون الثانية نفلا، عملا بما ثبت في السنة في حديث يزيد بن الأسود: “شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته انحرف، فإذا هو برجلين في أُخرى القوم لم يصليا، فقال: علي بهما، فجيء بهما تُُرعد فرائصهما، فقال: مامنعمكا أن تصليا معنا؟ فقالا: يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة” الخمسة إلا ابن ماجة، وفي حديث آخر أن رجلا جاء إلى المسجد بعد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم العصر، فقال: “من يتصدق على هذا فيصلي معه؟ فصلى معه رجل من القوم” أحمد وأبو داود والترمذي.
ولكن هناك تفصيل للفقهاء نورد منه قول المالكية:
قال المالكية: من صلى في جماعة لم يعد في أخرى إلا إذا دخل أحد المساجد الثلاثة فيندب له الإعادة، ومن صلى منفردا جازت له الإعادة في جماعة اثنين فأكثر، لا مع واحد، إلا إذا كان إماما راتبا بمسجد فيعيد معه، لأن الراتب كالجماعة، ويعيد كل الصلوات غير المغرب، والعشاء بعد الوتر، فتحرم إعادتهما لتحصيل فضل الجماعة، أما المغرب فلا تعاد لأنها تصير مع الأول (مغرب المنفرد) شفعا، لأن المعادة في حكم النفل، والعشاء تعاد قبل الوتر ولا تعاد بعده، لأنه إن أعاد الوتر يلزم مخالفة قوله صلى الله عليه وسلم: “لا وتران في ليلة”، وإن لم يعده لزم مخالفة: “اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وترا”.
ولكل منفرد إعادة الصلاة إلا من صلى منفردا في أحد المساجد الثلاثة، فلا يندب له إعادتها جماعة خارجها، ويندب إعادتها جماعة فيها.
ويعيد إن كان مأموما، ولا يصح أن يكون إماما، وينوي المعيد الفرض مفوضا لله تعالى في قبول أي الصلاتين.
10- وقت استحباب القيام للجماعة أو للصلاة:
قال المالكية: ذلك موكول إلى قدر طاقة الناس، حال الإقامة أو أولها أو بعدها، إذ ليس في هذا شرع مسموع إلا حديث أبي قتادة أنه عليه الصلاة والسلام قال: “إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني”، قال ابن رشد: فإن صح هذا – والحديث متفق عليه – وجب العمل به، وإلا فالمسألة باقية على أصلها المعفو عنه، وأنه متى قام كل واحد فحسن.
11- أعذار ترك الجماعة والجمعة:
يعذر المرء بترك الجمعة والجماعة، فلا تجبان للأسباب الآتية:
1) المرض الذي يشق معه الحضور كمشقة المطر، وإن لم يبلغ حدا يسقط القيام في الفرض، بخلاف المرض الخفيف كصداع يسير وحمى خفيفة فليس بعذر، ومثله تمريض من لا متعهد له ولو غير قريب ونحوه، لأن دفع الضرر عن الآدمي من المهمات، ولأنه يتألم على ذهاب القريب أكثر مما يتألم على المال، وغير القريب كالزوجة والصهر والصديق والأستاذ.
2) أن يخاف ضررا في نفسه أو ماله أو عرضه أو مرضا يشق معه الذهاب بدليل ما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له إلا من عذر، قالوا يارسول الله وما العذر؟ قال: خوف أو مرض”.
فلا تجب صلاة الجماعة والجمعة بسبب خوف ظالم، وحبس معسر، أو ملازمة غريم معسر، وعري، وخوف عقوبة يرجى تركها، وقصاص وحد مما يقبل العفو، وخوف زيادة المرض أو تباطئه، أو بسبب الخوف من تلف مال أو خوف من ضياع فرصة معتبرة شرعا.
3) المطر والوحل والبرد الشديد، والحر ظهرا، والريح الشديدة في الليل لا في النهار، والظلمة الشديدة، بدليل ما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال: “كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وكانت ليلة مظلمة أو مطيرة، نادى مناديه: أن صلوا في رحالكم” البخاري ومسلم، والثلج والجليد كالمطر.
4) مدافعة الأخبثين، أو أحدهما.
5) حضور طعام تتوقه نفسه، أي جوع وعطش شديدان.
6) إرادة سفر يخشى معه أن تفوته القافلة، أما السفر نفسه فليس بعذر.
7) غلبة نعاس ومشقة، لعدم إنكاره صلى الله عليه وسلم على الرجل الذي انفرد وصلى وحده عند تطويل معاذ.
8) أكل منتن نيّء إن لم يمكنه إزالته، ويكره حضور المسجد لمن أكل ثوما أو بصلا أو فجلا ونحوه.
9) الحبس في مكان.
10) وأضاف المالكية مدة ستة أيام بسبب الزفاف.