استهل الأستاذ محمد حمداوي حديثه، في ندوة نظمتها صباح اليوم السبت 8 شتنبر 2018 بمقر العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان مجلة النداء التربوي تحت عنوان “ضرب مجانية التعليم والدعوة للدارجة: الخلفيات والأبعاد”، بإبراز الركائز الأساسية لنجاح التعليم، وأجملها في عشر، وهي: المناهج، المدرس، لغة التدريس (وطنية)، التمويل الكافي، النوعية، التعميم، الإدارة الناجحة، تكافؤ الفرص أمام أبناء الوطن، الأثر الإيجابي في مختلف المجالات، ثم التقويم.
وانتقل مدير المركز الدولي للدراسات والأبحاث التربوية ورئيس تحرير مجلة النداء التربوي للحديث عن لغة التدريس لافتا إلى أن أغلب الدول الرائدة تدرس بلغتها بحسب تقارير أممية، حيث أن الـ19 دولة التي تتصدر العالم علميا تدرس بلغتها الأم، مشيرا أن لغة الوطن هي لغة ثقافة وحاملة قيم ومعبرة عن هوية وانتماء.
وعرج في حديثه على اللهجة العامية، مؤكدا أنه مشروع استعماري قديم بدأ في القرن 18 مع الاجتياح الاستعماري لعدة دول، حيث أنشأت معاهد لدراسة العامية وإصدار معاجم، وكان الغرض منه تشتيت الوطن وإحلال اللهجة الدارجة لطرد اللغة الرسمية، كاشفا أن سلطات الحماية عند احتلالها المغرب جمعت مختصين لجعل العامية لغة رسمية بالمغرب، لكن المختصين أجمعوا على أنه مشروع فاشل.
وتابع نائب رئيس الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان قائلا: الدارجة مهددة لوحدة البلد، وتفتح المجال لإحلال لغات أجنبية محل اللغة الأم، منبها أنه ليس ضد الانفتاح، لكن ليس على حساب اللغة الوطنية، ومستطردا أن استهداف اللغة العربية هو استهداف للدين الإسلامي، فالباحثون يتحدثون على الأمن اللغوي، والمس باللغة هو تهديد للأمن اللغوي لأمة بأكملها.
وتساءل حمداوي عن مكانة اللغة في التدريس وفي الإدارة المغربية وفي التعاملات المجالاتية والوثائق وغيرها.
ونبه الخبير التربوي إلى النظرة الاستهلاكية للتعليم، والذي تعتبر الدولة بأنه يثقل كاهل ميزانيتها وهي نظرة الدول الفاشلة، مقابل هذه النظرة هناك النظرة الاستثمارية للتعليم، أي كلما استثمرت فيه يعود على مجالات أخرى اقتصادية واجتماعية وثقافية وغيرها، وهي النظرة التي تتعامل بها الدول التي استطاعت أن تستثمر في رأسمالها البشري فكان لها الأثر على تقدم وازدهار البلاد.
وبخصوص مجانية التعليم، نبه حمداوي إلى أن التعليم في المغرب يعيش مجانية مقنعة، وهذا يتجلى في الرسوم المرتفعة وتكاليف التمدرس، مبرزا أنه حتى التعليم الخاص هو اضطرار وليس اختيارا بالنسبة للأسر، مشددا على أن المغرب ليس لديه مشكل في تمويل التعليم، بل لدينا مشكل في تفشي الفساد ونهب الثروة، والدول المتقدمة تستثمر في التعليم ثلاث أضعاف المجالات الأخرى.
وعن النوعية والتعميم، قال المفتش التربوي المعفى من مهامه ظلما، أنه سنة 1965 صدر بلاغ رسمي يتحدث عن ارتفاع عدد التلاميذ وبأنه يشكل مشكلة للدولة، وصدرت مذكرة بعد ذلك تلزم بعدم تجاوز المليون والنصف تلميذ في مختلف المستويات، بعدها صدرت مذكرة الصورة الجديد للتعليم، ومنذ ذلك الحين بدأ التراجع.
وختم بأن تلك كانت إجراءات كارثية على التعليم، وكان من نتائجها ما نعيشه اليوم من تراجع المردودية، وارتفاع الهدر المدرسي والأمية. ثم حيا التفاعل الكبير للمجتمع مع وضع التعليم، معتبرا إياه هبة مهمة.