ذ. النويني: مشروع المسطرة الجنائية مسّ خطير بمبدأ التشاركية وتغوّل للنيابة العامة على حساب الدفاع

Cover Image for ذ. النويني: مشروع المسطرة الجنائية مسّ خطير بمبدأ التشاركية وتغوّل للنيابة العامة على حساب الدفاع
نشر بتاريخ

أكد الأستاذ محمد النويني، المحامي بهيئة الدار البيضاء ورئيس الفضاء المغربي لحقوق الإنسان، أن أهم ملاحظة يمكن تسجيلها على مشروع قانون المسطرة الجنائية هي المسّ بمبدأ التشاركية، مبرزًا أن المشروع تم إعداده في غفلة عن الهيئات السياسية والحقوقية والمدنية، ما يُعدّ خرقًا لمبدأ التشاركية المنصوص عليه في جل المواثيق والعهود الدولية، وأيضًا خرقًا صريحًا للفصول 10 و14 و139 من دستور 2011، الذي يُلزم بإشراك المواطنات والمواطنين والهيئات المدنية في صياغة السياسات العامة والمساهمة في العملية التشريعية.

وبعد أن أوضح النويني، في تصريح للبوبة على هامش أشغال الندوة التي نظمتها تنسيقية منظمات المجتمع المدني يوم الأربعاء 25  يونيو 2025 بالرباط، أن هذه الندوة تأتي في إطار مبادرة مدنية تروم تسليط الضوء على التحديات والتحفظات المرتبطة بمشروع قانون المسطرة الجنائية، انتقد أيضا على مشروع المسطرة خرق مبادئ السياسة الجنائية. مستحضرا الغاية والهدف والحاجة من التشريع الذي هو العمل على الجريمة وعلى ملاحقة المجرمين، ليوضح أن المادة الثالثة والسابعة من مشروع القانون تكبل يد النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية في مواجهة ناهبي المال العام، وتمنع الجمعيات ذات المنفعة العامة والأطراف التي تواجه الفساد المالي من تقديم شكاوى أو دعاوى إلا بتقييدات خاصة وأذونات من مؤسسات حكومية ووزارية أخرى، وهو ما اعتبره مساسا خطيرا بمبادئ السياسة الجنائية.

كما توقف النويني عند غياب مبدأ التكافؤ بين سلطة الاتهام وسلطة الدفاع، منتقدًا تغوّل النيابة العامة في العديد من الفصول والبنود المتعلقة بالمشروع مقابل أدوار هامشية منوطة بالدفاع فقط لتأثيث المشهد، وهو ما تم تسجيله في مرحلة التحقيق الابتدائي ومرحلة البحث التمهيدي وأيضا في مرحلة الدعاوى أمام المحكمة، بحيث أن هنالك مجموعة من الدفوع الشكلية التي تثار من طرف الدفاع طبقا لمقتضيات المواد 323 و324 سابقا، وما زالت في هذا المشروع الحالي أيضا حيث يتم معالجتها نظرا لعدم ترتيب الجزاء لهذه الخروقات.

وطرح النويني خرقا آخر يرتبط بغياب مبدأ المشروعية السياسية، حيث تساءل حول مشروعية المصادقة على هذا المشروع أو تمريره من طرف أقلية برلمانية لا تتجاوز 130 نائبًا من أصل 395.

كما سجّل ملاحظات متكررة حول غياب ضمانات المحاكمة العادلة، ومبدأ صون الحقوق والحريات، واحترام الخصوصية، مشيرًا إلى أن آليات التتبع والمراقبة التي كانت تمارسها أجهزة أخرى ترابية ومخابراتية، والتي عدها اختراقا، أصبحت اليوم ممأسسة في هذا المشروع، وهو ما يُشرعن خروقات خطيرة على مستوى الحقوق الفردية.

واختتم النويني مداخلته بالتنبيه إلى خرق مبدأ المساواة أمام القانون، في تنافٍ مع الفصل السادس من الدستور الذي يعتبر المغاربة كلهم سواسية سواء كانوا مواطنين عاديين أو يمثلون السلطة العمومية، حيث لا يمكن استدعاء من له صفة حكومية أو وزارية إلا بأذونات من المجلس الوزاري، كما أن المادة الثالثة تنص على أن محاكمة مسؤولي الدولة – حسب مقتضيات البند 265- لا تتم إلا بإذن خاص من الجهات المعنية، وهو ما يُخلّ بمبدأ سواسية المواطنين أمام العدالة.