ألقى الأستاذ محمد عبادي، الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، كلمة جامعة خلال المجلس القطري للعمل النسائي في دورته العاشرة، واستذكر في كلمته خصال الراحلة حبيبة حمداوي الأمينة العامة السابقة للقطاع، كما أتحف الحاضرين بتوجيهات عن المسؤولية، وتحدث عن أهداف اجتماعات المؤمنين والمؤمنات على ذكر الله، كما عرج على ذكر بعض الصفات التي ينبغي توفرها في القيادة؛ في ذاتها وفي علاقتها بمن معها من المؤمنين والمؤمنات في الصف، خصوصا أن المجلس عرف انتخاب أمينة جديدة للهيئة العامة للعمل النسائي خلفا للفقيدة حبيبة حمداوي شلمها الله برحمته وعفوه ورضوانه.
استذكار مآثر الفقيدة حبيبة
استهل الأستاذ عبادي كلمته بالإشارة إلى البيت الشعري للسموأل:
إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ
قَؤُولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعُولُ
معتبرًا أن هذا القول ينطبق على جماعة العدل والإحسان، حيث تتوالى الأجيال في تحمل المسؤولية. وذكر الفقيدة حبيبة، التي وصفها بأنها كانت نموذجًا للإخلاص والثبات، مشيرًا إلى صحبته الطويلة معها منذ أن كانت طالبة في وجدة.
أشاد الأستاذ عبادي بمواقف الفقيدة، التي وصفها بالصادقة والمخلصة في نشر دعوة الله، مع التزامها بالصبر والثبات حتى لاقت ربها. وأضاف أن الاحتفال بمآثرها من قبل الإخوان والأخوات يعكس قبولها عند الله تعالى، داعيًا بأن يرزق الله الجماعة خلفًا صالحًا لها.
واستحضر الأستاذ عبادي بركة الصحبة داخل الجماعة، التي وصفها بأنها مدد إلهي لا ينقطع إلى قيام الساعة. وأضاف أن هذه الصحبة التي بدأت مع تنظيم الرجال توسعت لتشمل النساء، وهن اليوم يثبتن جدارتهن في ميادين مختلفة، بل ويتفوقن أحيانًا في أداء أدوارهن.
أهمية الاجتماع على ذكر الله
وتحدث الأستاذ عبادي عن أهمية مجالس الذكر والاجتماعات بين المؤمنات، موضحًا أن الهدف منها ليس فقط النقاش، بل زيادة الإيمان والمحبة بين الأعضاء. وشدد على أن كل مجلس لا نزداد فيه إيمانا، ولا نزداد فيه ارتباطا بعضنا ببعض ومحبة بعضنا لبعض قد يتحول إلى حجة علينا يوم القيامة.
وأضاف أن هذه الاجتماعات تهدف إلى جمع الشتات والانجماع على حب الله، مشيرًا إلى ضرورة أن تكون القلوب متعلقة بالله أثناء النقاش في القضايا المطروحة. وأكد أن الرجولة الإيمانية تتجلى في الحفاظ على ذكر الله رغم الانشغال بالقضايا المختلفة، مستشهدًا بالآية: رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ.
ودعا فضيلة الأمين العام المؤمنات في هذا اللقاء قبيل انتخاب الأمينة العامة الجديدة، إلى التوجه بقلوبهن لله تعالى أثناء اختيار خلف للفقيدة حبيبة، مؤكدًا أن المسؤولية ليست للتنافس أو المكاسب، بل أمانة تتطلب التواضع والاعتماد على الله لتحقيقها بنجاح.
صفات القيادة والمسؤولية
وسلط الأمين العام الضوء على صفات القائد الصالح، جامعا إياها في أربع، حددها القرآن الكريم؛ إثنان منها في الآية: قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ. وأوضح أن الحفظ والعلم من الشروط الأساسية للقيادة، مشيرًا إلى أن سيدنا يوسف طلب المسؤولية لأنه كان يعلم أنه لا يوجد من هو أجدر بها لخدمة الأمة، بينما نحن لا نعلم الغيب ولا أحد منا يطلبها، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: “إنا لا نولي هذا من سأله”.
ومن الآية الكريمة التي تحدثت بها ابنة شعيب أو الرجل الصالح إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ استخرج الأستاذ عبادي الصفتين الأخريين من صفات القيادة والمسؤولية؛ القوة والأمانة، مؤكدا أن الجماعة تحارب حب الرئاسة، التي اعتبرها آخر ما ينزع من قلوب الصالحين، لافتًا إلى أن الإمام عبد السلام ياسين، رحمه الله، رسخ مفهوم الخادم بدل الأمير، حيث تكون القيادة فرصة لخدمة الإخوان والأخوات.
وأشار إلى أن المسؤولية في الجماعة قائمة على مبدأ الشورى، حيث الجميع يشارك في اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية، متمنيًا أن يُوفق الله المؤمنات لاختيار خير خلف لخير سلف.
زرع الأمل وروح الجهاد
اختتم الأستاذ عبادي كلمته بالتأكيد على أهمية دور الجماعة في زرع الأمل وروح الجهاد والتضحية في القلوب، معتبرًا أن الأمة تعاني من مظاهر الابتعاد عن الله، ومن مظاهر التخاذل والهوان. ودعا إلى ترسيخ محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في القلوب، والسير على نهجه لتجنب الانحراف والهلاك.
كما أكد أن وظيفة المؤمنين والمؤمنات الأساسية هي تذكير الأمة بالآخرة، وغرس روح البذل والعمل في سبيل الله، مشددًا على أهمية الالتزام بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم لتحقيق النصر والتمكين. واختتم بالدعاء أن يعين الله المؤمنين والمؤمنات على أداء هذه المهمة العظيمة.